CET 00:00:00 - 27/03/2010

شغل سيما

بقلم: هند مختار
من مواصفات فتى الشاشة الأول في السينما، أو "اﻟﭽان" بلغة السينما، أن يكون الممثل وسيم الملامح، ناعم الشعر، مفتول العضلات، ذو نظرة ساحرة، وصوت قوي هاديء مملؤ بالدفء والعذوبة...
تواجد هذا النموذج في السينما المصرية والعالمية منذ النشأة وحتى الآن، حتى وإن كان هناك بعض الإستثناءات... ومن ضمن هذه الإستثناءات في السينما المصرية "عماد حمدي".  

وُلد محمد عماد الدين عبد الحميد حمدي بسوهاج في يوم 5 أو 25 نوفمبر عام 1909. ونشأ عماد حمدي لأسرة ميسوره ماليًا؛ فوالده نال دبلومة الهندسة من باريس والتحق بالعمل في السكة الحديد المصرية بمرتب كبير.
أما والدة عماد حمدي فكانت فرنسية؛ لذلك تعلم منها اللغة الفرنسية بدقائقها بالإضافة للغة الإنجليزية الذي صمم والده على تعليمها له بحكم درايته بها ولأن مصر واقعة تحت سيطرة الإحتلال البريطاني.

تعلم الفتى عماد حمدي فن الإلقاء على يد أستاذ الإلقاء المصري "عبد الوارث عسر" والذي كان مدرِبًا لفريق التمثيل بمدرسة التوفيقية الثانوية. وكان هناك عنصر آخر ساهم في تشكيل ثقافة عماد حمدي الإنجليزية بتوافر المدرس الخاص الفنان والشاعر والمسرحي الكبير "بديع خيري".  
كما ذكرت في البداية، أن عماد حمدي يعد إستثناءًا لكونه فتى الشاشة الأول وهذا صحيح لحد كبير فعماد حمدي بدأ التمثيل كبيرًا في السن نوعًا ما، وذلك سنة 1942 في فيلم "عايدة" وكانت بدايته الحقيقية في فيلم "السوق" لكامل التلمساني سنة 1945 وكان عمره وقتها 35 عامًا، فكانت التجاعيد الخفيفية بادية في الظهور على وجهه؛ وإذا تتبعنا الأدوار الذي كان فيها (اﻟﭽان) لوجدناه في الأربعينات والخمسينات وأواخرها. هذا بالإضافة لشعره المجعد فلم يكن من أصحاب الشعور الحريرية المدهونة بالريانتين (الفازلين) وقتها. هذا بالإضافة إلى نبرة صوته الحادة ونطقة لبعض العبارات التي ظلت محفوظة في وجدان الجمهور المصري مثل (يا نينة).
قدم عماد حمدي أفلامًا كثيرة جدًا، لم يمثل فيها أي دور للشر على الإطلاق، وكان دائمًا ما يمثل دور العاشق المضحي في سبيل التضحية فقط، الوفي المخاص الشهم الشجاع...

وعلى الرغم من كل الفواجع الميلودرامية التي قدمها إلا أنه قدم أفلامًا استثنائية بأدوار استثنائية، على سبيل المثال دوره في فيلم "أم العروسة" من إخراج عاطف سالم، أمام تحية كاريوكا، ودوره في فيلم "خان الخليلي" حيث شخصية أحمد عاكف من إخراج عاطف سالم سنة 1966، وشخصية أنيس زكي في فيلم "ثرثرة فوق النيل" لحسين كمال سنة 1971، وشخصية سلطان في "سواق الأوتوبيس" سنة 1983 من إخراج عاطف الطيب... 
أعتقد أن السر في نجومية عماد حمدي هو الثقافة الداخلية والقدرة على الفهم العميق للشخصية والذي يجعله وسيمًا عند الحاجة أو غير وسيم.
يقول الناقد الكبير كمال رمزي عن سر إختيار كامل التلمساني له في فيلم السوق: "كان كامل التلمساني يبحث عن بطل من نوع جديد، بطل قادمًا من أحراش الحياة وليس قادمًا من السماء، بطل يتميز بوضوح الشخصية، قوة روحه، وتطابق ملامحه مع ملامح الملايين من الرجال العاديين..."

كما قدم عماد حمدي أدوارًا ضعيفه في بعض أفلامه مثل شخصية العجوز المتصابي الذي يلهث خلف الصغيرات... ولم يقدم عماد حمدي أيضًا أدوار الرجل الريفي، حتى وإن ارتدى الزي الريفي في فيلم "توبة" أمام صباح، إلا أنه كان يقوم بدور أفندي وسط جماعه ريفيين... 
تميز أداء عماد حمدي التمثيلي بالبساطة والتلقائية؛ بعيدًا عن أسلوب المبالغة والتفخيم الذي كان سائدًا في تلك الفترة كنتيجة للمسرحيات التي مثلها جورج أبيض ويوسف وهبي وفاطمة رشدي، حيث كانوا يركزون على المسرحيات ذات الموضوع الميلودرامي، وتعود تلك البساطة في الأداء إلى دروس الإلقاء التي سبق وتلقاها.
وعلى الرغم من فشل فيلم "السوق السوداء" فشلاً مدويًا حتى أن الجماهير كانت تقوم بتحطيم مقاعد السينما، إلا أنه استطاع أن ينجح بعد ذلك لعقدين من الزمن.
كان لعماد حمدي ميول ثقافية؛ حتى أنه فكر أن يترجم مسرحيات الكاتب الإنجليزي جون جالزورثي بالتعاون مع أحد أصدقاءه.
ومن أشد ما أثر في نفس عماد حمدي وفاة أخته الصغرى وهي في مرحلة الشباب بداء السل والتي كان يكِن لها حبًا كبيرًا. 
تزوج عماد حمدي ثلاث مرات، أولاً من الفنانة تحية شريف والتي أنجب منها ابنه نادر، ومن الفنانة شادية، وأخيرًا من الفنانة نادية الجندي وأنجب منها هشام. وقد ساهم عماد حمدي في نجومية الفنانة نادية الجندي وأنتج لها العديد من الأفلام منها فيلمها الأشهر والذي وضعها على عرش النجومية فيلم بمبة كشر. 
توفي عماد حمدي أثناء تصوير مشاهده في فيلم "العار" والتي لم يسعفه القدر ليكملها وقام المخرج على عبد الخالق باستبداله بالفنان عبد البديع العربي وبهذا يكون آخر أدواره دور سلطان في فيلم "سواق الأوتوبيس". ورحل في 28 يناير سنة 1984 مرسخًا لفكرة أن فتى الشاشة الأول ليس مواصفات شكلية فقط بل دراسة وثقافه وفهمًا لما يؤديه.

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٢ صوت عدد التعليقات: ٣ تعليق