CET 09:17:43 - 27/03/2010

أخبار عالمية

ميدل ايست اونلاين

الحكومة السورية تشعر بالقلق إزاء موجه تعصّب ديني بدأت تجتاح المجتمع السوري.
يقود محمد الدبس (سائق تاكسي) سيارته كل صباح وهو يصغي بخشوع للمحاضرة الدينية التي يلقيها الشيخ راتب النابلسي في برنامجه اليومي عبر إحدى الإذاعات المحلية.
ويقول الدبس "منذ بدأت العمل وأنا أستمع لخطب الشيخ النابلسي، هو يجعلني أشعر بالتفاؤل ويضعني على الطريق الصحيح".

عدد المحجبات يزداد في سورياويضيف الدبس لموقع "معهد صحافة الحرب والسلم" أنه غالبا ما يطلب من الركاب عدم التحدث إليه خلال البرنامج الإذاعي للنابلسي الذي يدعو المستمعين إلى الحفاظ على علاقات جيدة مع العائلة والجيران وكيفية تعاملهم مع الآخرين واحترام أوامر الإسلام، حسب تعبيره.

ويحظى الشيخ النابلسي بشعبية كبيرة في سوريا، إذ يستقطب برنامجه كافة أنواع من المستمعين (ربات البيوت والعمال والشباب)، وربما يدل ذلك على تنامي تأثير الإسلام بالمجتمع السوري في السنوات الأخيرة.

هذا الاتجاه الديني الجديد الذي يصرّ البعض على تسميته "الصحوة الدينية" فيما ينعته آخروت بـ"التشدد الديني" يمكن أن نلاحظه في جميع فئات المجتمع السوري.

ويتجلى ذلك من خلال الزيادة الكبيرة في مبيعات الكتب الدينية وزيادة عدد المساجد ومعاهد تحفيظ القرآن، والظهور المتكرر لرجال الدين المسلمين في سائل الإعلام وتزايد عدد النساء المحجبات في سوريا.

واليوم يمكن للمتجول في العاصمة السورية أن يلاحظ لافتات تدعو النساء إلى ارتداء غطاء الرأس وأخرى تحض المسلمين على أن يُظهروا الولاء للنبي محمد (ص) من قبيل "لبيك يا رسول الله" و"الحجاب زينة المرأة" وهذه يتم عرضها في أماكن عدة من دمشق.

وثمة كثير من المطاعم الآن تمتنع عن تقديم الكحول، كما أن مشاهدة بعض الرجال يؤدون الصلاة على جانبي الشوارع أمر بات مألوفا لدى غالبية السوريين.
ويقول الباحث وائل السواح "الشعب السوري دائما يقظ، والتديّن كان دائما معتدلا وأكثر انفتاحا وتركيزا على جوهر الدين وليس المظاهر".

ويضيف لكن "ما يجري في سوريا اليوم هو الانجراف نحو الأصولية".
ويعتقد السواح أن هذا الاتجاه هو بالأساس نتيجة لانتشار الوهابية القادمة من المملكة العربية السعودية.
ويقول إن عددا كبيرا من السوريين غادروا للعمل في الخليج خلال عامي 1970 و1980، وتأثروا بالقيم الإسلامية الصارمة لهذه المجتمعات.

وبدأ بعض المسؤولين السوريين يشعر بالقلق حول تزايد تأثير الدين في المجتمع السوري، ففي كانون الثاني/يناير الماضي حذّرت الدكتورة بثينة شعبان المستشارة الإعلامية والسياسية للرئيس السوري بشار الأسد في اجتماع لحزب البعث من "نمو التطرف الديني".

ونسبت بعض وسائل الإعلام إليها القول "نحن نواجه تحديا كبيرا" مضيفة أن الأصولية نتجت عن حقيقة أن سياسات الحكومة فشلت في ملء الفراغ السياسي.
ويقول كثير من النقاد إن المسؤولين السوريين لعبوا دورا هاما في إيجاد عدد كبير من رجال الدين المسلمين الموالين للحكومة.

ويرى المحلل السياسي عمر كوش أن أحد الأسباب الرئيسية لاحتلال العراق من قبل الولايات المتحدة عام 2003 هو أن رجال الدين في خطبة الجمعة بدأوا بإثارة الشعب ودعوته إلى الاستعانة بالدين في مواجهة المصالح الإسرائيلية والأميركية في المنطقة العربية.

ويشدد على أن انتشار هذا النوع من الخطاب الديني يتم بموافقة وتشجيع من قبل الحكومة.
ويوافق الشيخ عبد الله ناصر وهو رجل دين شاب على أن الحكومة السورية اليوم تدعم الظاهرة الجديدة المتمثلة في أسلمة المجتمع.
وأدرك المسؤولون مؤخرا أن تعزيز الاتجاهات الإسلامية يساهم في دعم النظام والتفات الشعب حوله، وخاصة بعد عملية قمع حركة الإخوان المسلمين في الثمانيات التي لقيت انتقادا من قبل الشعب السوري.

ويرى كوش أن الموجة الجديدة من الأسلمة ترتبط جذورها بعوامل خارجية ، ويؤكد أن هجمات 11 أيلول/سبتمبر وما تلاها من "الحرب على الإرهاب" من جانب الغرب التي اعتبرها الكثيرون في العالم العربي حربا على الإسلام أدت إلى صعود التيارات الإسلامية ونجاحها في استقطاب المزيد من الناس.

ويضيف "شعر الناس أن التديّن هو السلاح الوحيد ضد العداء الغربي".
وثمة بعض المظاهر الرئيسية الأخرى التي تدل على ازدياد نسبة تأثير الإسلام في سوريا أبرزها العدد المتزايد من النساء المحجبات.
ويقول باحث اجتماعي فضل عدم الكشف عن اسمه "حالة المرأة في سوريا تغيّرت".

ويضيف أن "المرأة التي لا تضع الحجاب يُنظر إليها بدونية وتعتبر امرأة غير ملتزمة بالدين"، ولكنه يؤكد أن هذه النظرة ليست موجودة في جميع الأوساط الاجتماعية السورية.

ويؤكد أن هناك المزيد من الآباء الذين يدفعون بناتهم لارتداء الحجاب، مشيرا إلى أن بعض الشباب اليوم بات يفضل الزواج بالفتيات المحجبات وبالتالي الملتزمات دينيا.

وبرزت في السنوات الأخيرة حركة دينية تلقّب نفسها بـ"القبيسيات" وتديرها منيرة القبيسي، وتهتم هذه الحركة التي تتألف من النساء فقط بتنظيم الدروس الدينية وحلقات نقاش للنساء، وزادت شعبيتها مؤخرا وأصبحت تضم عشرات الآلاف من الأتباع.

ونجحت هذه الحركة بإقناع عدد كبير من النساء بارتداء الحجاب من خلال توفير وظائف لهم أو مساعدتهم في العثور على أزواج أتقياء.
ومع مرور السنين تمكّنت هذه الحركة من ترسيخ جذورها عميقا في المجتمع السوري من خلال إنشائها عددا من الجمعيات الخيرية والمرافق التعليمية.
وتقول إحدى أعضاء الحركة إنها تستهدف الفتيات من سن مبكرة، مشيرة إلى أن نسبة كبيرة من أتباع الحركة يعملون في المجال التربوي وذلك "كي تكون قادرة على نشر القيم الدينية في المدارس الحكومية".

ونشرت مجلة اقتصادية في كانون الأول/ديسمبر الماضي مسحا اجتماعيا أكدت من خلاله الاهتمام المتزايد من قبل الجمهور السوري باقتناء مطبوعات دينية، وأشار المسح إلى أن الكتب الدينية هي من أكثر الكتب مبيعا في عام 2009.

وتتضمن هذه الكتب في الغالب معلومات عن حياة النبي محمد (ص) وتعاليمه، أو تتحدث عن معجزات وردت في القرآن الكريم، كما تحظى التسجيلات التي تتضمن مواعظ دينية لبعض رجال الدين بشعبية كبيرة لدى السوريين.

ويقول الشيخ ناصر "كلما رأيت حجم الشباب الذين يحضرون المحاضرات الدينية في سوريا، أشعر بأن وضع الإسلام في مجتمعنا قد تحسن كثيرا".
ويضيف "الناس فقدوا الثقة في العلمانية لأنها لم تقدم لهم شيئا جديدا".

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٢ صوت عدد التعليقات: ١ تعليق

خيارات

فهرس القسم
اطبع الصفحة
ارسل لصديق
اضف للمفضلة

جديد الموقع