د. مجدي صديق: إذا لم يخاطب الخطاب الديني عقل وقلب الجماهير سيظل معدومًا عليهم.
د. اندراوس فهمي: ما يُزيد من أهمية الخطاب الديني هو المكانة الكبيرة التي يأخذها رجل الدين في الشرق
د.يوحنا قلته: نعيش في عالم يتقدم إلى الإمام والخطاب الديني يتقدم إلى الخلف.
د. جورجيت قلينى: الحب والمصداقية والإيمان والشجاعة في الحوار مع الآخر ضرورات لابد منها.
د.إكرام لمعي: الخطاب الديني المتعصب يحظى بتأييد الجماهير، بينما الخطاب المستنير يُتهم بأنه يقدم تنازلات لاهوتية.
كتب: عماد توماس-خاص الأقباط متحدون
نظمت رابطة "مجلس كنائس الشرق الأوسط" يومًا ثقافيًا مسكونيًا، والذي عُقد مساء أول أمس الجمعة بكلية اللاهوت الإنجيلية بالقاهرة، حضره عدد كبير من طلبة كليات اللاهوت من مختلف الطوائف المسيحية (الأرثوذكسية-الإنجيلية-الكاثوليكية)
بداية.. رحب الدكتور القس مجدي صديق، الأمين التنفيذي لرابطة مجلس كنائس الشرق الأوسط بالحضور، موضحًا أهمية ارتباط دارسي علوم اللاهوت بالمجتمع ومخاطبة مشاعر وأحلام وأفراح وأحزان الجماهير، مؤكدًا على أن الخطاب الديني إذا لم يخاطب عقل وقلب الجماهير سيظل معدومًا عليهم.
من جانبه، أكد الأب الدكتور أندراوس فهمي - أمين تنفيذ مشارك باللجنة- على أن ما يزيد من أهمية الخطاب الديني هو المكانة الكبيرة التي يتمتع رجل الدين في الشرق، وأضاف أن الخطاب الديني يُعد من أهم الوسائل التي تساعد على رقي المجتمعات، موضحًا مفهوم "الموضوعية" بأنه مصطلح فكري مبني على أسس فكرية، له منهجية واضحة وأهداف سامية وضوابط أساسها البصيرة والحكمة والموعظة في إطار من التوازن والاعتدال.
المسيحي العالمي
وتحدث الأنبا يوحنا قلته المعاون البطريركي للكنيسة الكاثوليكية، عن "الخطاب الديني والقيم الروحية" مشيرًا إلى وجود شرخ بين الشكل والمضمون، حيث إن السلوك والتعليم أدى إلى انهيار علاقة الأفراد بعائلتهم، فالخطب الرنانة في العظات، النابعة من الثقافة الدينية وليس الخبرة الروحية، لا يوجد فيها المسيح، مضيفا أننا لو ألقينا نظرة على العالم العربي، سنرى تخلفًا في بعض البرامج الدينية بالفضائيات وهجومًا يوم الجمعة من بعض خطباء المساجد على المسيحيين، متسائلاً: "هل هذا هو الخطاب الديني؟".
وأشار قلته، إلى أننا نعيش في عالم يتقدم إلى الإمام والخطاب الديني فيه يتقدم إلى الخلف، متسائلاً متى نعبر مع العالم إلى الأسرة البشرية التي تقدمت، موضحًا أن هناك عولمة دينية، وهي تقارب بين أصحاب الفكر والطوائف والأديان، فأنتَ لست مسيحيًا أرثوذكسيًا مصريًا أو مسيحيًا إنجيليًا مصريًا أو مسيحيًا كاثوليكيًا، لكنك مسيحي عالمي، تتقابل مع أناس مختلفين في كل مكان، وعليك أن تستوعب أفكار الآخر، موضحًا أيضًا أننا نعيش عصر الحوار مع المسلمين وبين الطوائف المسيحية، والخطاب الديني يجب أن ينطلق إلى رحاب العالم، من القيمة العظمى "الإنسان" ولا ينطلق من مذاهب اشتراكية، فالخطاب الديني يحتاج إلى ثقافة إنسانية، فالله لم "يسمح" فقط بالتعددية الدينية والمذهبية لكنه "أراد" التعددية والتنوع بين الأديان والمذاهب، فالمسيح أكبر من أن يستوعبه عقل أو تستحوذ عليه كنيسة أو يُسيطر عليه مذهب، المسيح ليس ملكًا للكنيسة، والملكوت ليست ملكًا للأرثوذكس أو الإنجيليين أو الكاثوليك.
تحديات الخطاب الديني المعاصر
وسرد قلته، ثلاثة أسباب تتحدى الخطاب الديني المعاصر وهي:
- البعد عن العمق اللاهوتي والروحي "الفراغ اللاهوتي": معاتبا البعض في حديثهم على إهمالم لاهوت المسيح الحجر الأساسي في المسيحية، موضحًا أن المسيحيين لا يعبدون نبيًا أو شخصًا لديه مذاهب اشتراكية لكنه الله الظاهر في الجسد.
- العودة إلى المذهبية الطائفية: فيرى قلته، أن كل قس أو كاهن يرغب في تحويل شخص من طائفة لأخرى قائلاً: "ليست مهمتكم تغيير المذهب، المهم تغيير سلوك الإنسان ليُصبح مسيحيًا حقيقا".
- الازدواجية: فالشعب يرى خلاف ما يقوله رجال الدين، وهو مرض في معظم أنحاء العالم، الازدواجية معناها التضليل والكذب، داعيًا إلى غلق الازدواجية في السياسة والاقتصاد والكنيسة، والتحلي بالكلمة الصادقة والصدق مع النفس الذي ينقصنا جميعًا.
أسس الحوار الناجح
من جانبها، تحدثت الدكتورة جورجيت قليني –عضوة مجلس الشعب، عن خمسة أمور لــ "أسس الحوار الناجح" مؤكدة على أن الحب يأتي فى المكانة الأولى، فهو مدخل أساسي لأسس الحوار الناجح، مستشهدة بالنص الإنجيلى "الله محبة"، فالحب يقلل من حدة الخلاف ويزيل الكراهية.. وثانيًا: "الصدق"، فالمصداقية في الحوار مع الآخر ضرورة، وثالثا: الإيمان: فالثقة المطلقة في العلم لا تغني عن الإيمان بالله، مشيرة إلى أهمية الاعتماد على الله في كل أحاديثها، وفي حياتها، وفى مجلس الشعب، رابعًا: الشجاعة في الحوار وقول الحق وعدم الخوف، خامسًا: الموضوعية: والتركيز على الموضوع وليس الأشخاص في الحوار.
رؤية مستقبلية للخطاب الديني
تحدث الدكتور القس إكرام لمعي، رئيس مجلس الإعلام بالكنيسة الإنجيلية، عن رؤية مستقبلية للخطاب الديني "معتبرًا أن الخطاب الديني في مصر من أقوى الخطابات المؤثرة في تحريك الجماهير، والخطاب الديني هزم الخطاب السياسي بعد نكسة 1967 والبعض اعتبر أن سبب الهزيمة هي أن الأمة ابتعدت عن الله، كما أن الرئيس الراحل أنور السادات شارك في تعميق الخطاب الديني عندما وصف نفسه بـ "الرئيس المؤمن".
وأشار لمعي في كلمته، إلى أن الخطاب الديني إلى يومنا هذا لم يعلوه أي خطاب آخر رغم محاولات الخطاب الثقافي والسياسي.. معرفا الخطاب الديني بأنه الخطاب الذي يستشهد بالنصوص الدينية ولا يمكن فصله عن الأمور الأخرى ويتناول قضايا اقتصادية وثقافية من منظور ديني، والبعض يستخدمه كوسيلة لتطبيق فكر سياسي معين، ففي العصر الاشتراكي خرجت الاشتراكية من قلب الإنجيل والقرآن، وفي عصر الديكتاتورية، خرجت آيات الخضوع للسلطة، وفي عصر السلام مع إسرائيل، خرج الخطاب الديني بالتركيز على السلام والمسامحة، فالخطاب الديني يستخدم كوسيلة لأهداف بعيدة عن الدين.. وهو أكثر الخطابات قراءة وسماعًا ومشاهدة.
قصور الرؤية المستقبلية
وتساءل الدكتور إكرام: هل هناك قصور في وضع رؤية مستقبلية للخطاب الديني نظرًا لطبيعة الخطاب نفسه، فيجيب: إن الباحثين يقولون إن طبيعة الخطاب الديني تضع عوائق لأن الخطاب الديني بطبيعته يتحدث عن مطلقات، فالمنطقة الرمادية غير موجودة فيه، فهو يحمل الحق المطلق والخير والآخرين في الباطل والشر، بالإضافة إلى استشهاد الخطاب الديني بالنصوص الكتابية وبالتالي فالمتحدث هنا "الله" فلا يمكن لإنسان أن يعترض، كما أن الخطاب الديني يركز على الذات، وبالتالي ينفى الآخر وهو ما يسمى بالتعصب بالحب، والخطاب الديني بطبيعته يرفض الآخر، فالحوار مع الآخر يكون "مونولوج" وليس "ديالوج"، وأخيرًا يتضمن الخطاب الديني دعوة للآخرين للانضمام إليه، فهو خطاب دعوي، دفاعي و هجومي.
دور القائمين على الخطاب الديني
وألقى القس إكرام، بسبب تدهور الخطاب الديني على القائمين عليه، فهم يخشون، وعلى حد وصفه، من تحرر أتباعه، فالكثير من القيادات يخشون على رعيتهم من وعي الجمهور، حيث إن الخوف من الحرية يمنع تطوير الخطاب الديني، بالإضافة إلى أن تعصب الخطاب الديني ومهاجمة الآخر يحظى بتأييد الجماهير، بينما الخطاب المستنير الذي يقبل الآخر يُتهم بأنه يقدم تنازلات لاهوتية.. بالإضافة إلى أن الخطيب ينظر وينظم ويفكر ويختار المحتوى والمستمع مجرد متلقي فقط.
مقترح لكيف نطور الخطاب الديني
قدم لمعي، مقترحًا لتطوير الخطاب الديني يتكون من ثلاثة أبعاد:
-البعد الأول " الإنساني": أن يعتبر الخطاب الديني جمهور المستهدفين كائنات إنسانية تمارس وجودًا غير مكتمل.
- البعد الثاني "اللاهوتي": إعادة تفسير مفهوم "الله"، فكل جماعة تعتقد أنها تملك الحق، فالحقيقة أننا لا نمتلك الحق، لكن الحق هو الذي يمتلكنا، فنحن جزء من الحق ، فالحق المطلق أعمق وأكبر من كل المفاهيم.
- البعد الثالث: "الوعي": تحويل الخطاب الديني إلى حوار حقيقي، والحوار لا يعنى هنا الجدل العقيدي، فالإنسان عندما يتبين موقعه يدخل في علاقة حوارية مع نفسه ثم أتباعه ومع العالم، هذه العلاقة الحوارية تتشكل في الوعي وتؤدي إلى الحرية وتغير العالم.. مختتمًا حديثه بأن الحوار الحقيقي يتميز بالرؤية والفعل وهذا البعدان لا ينفصلان.
مشاهد
•حرص عدد كبير من الطلبة على التقاط الصور التذكارية مع نائبة مجلس الشعب جورجيت قليني.
• قبل بدء كلمته، حرص الدكتور يوحنا قلته على تحيه جورجيت قائلا لها: "سمعنا بك صوتا صادقا في مصر".
• حرص الدكتور رسمي عبد الملك على الحضور، لكنه اعتذر عن إلقاء كلمته لمشاكل صحية في الأحبال الصوتية.
• طلبة الكلية الإكليريكية حضروا متأخرين لارتباطهم بمحاضرة بالكلية عن "الألحان".
• ردًا على سؤال حول غياب الأساقفة الأرثوذكس عن اللقاء، أكد القس مجدي صديق أن اللجنة الطلابية المشتركة هي التي قامت بتحديد أسماء ودعوة المتحدثين. |