بقلم: هيام فاروق
نشرت جريدة المصري اليوم يوم الثلاثاء 7/4/2009 العدد 1759 خبراً عجيباً بل أدهشني بأن محكمة إيرانية تقول "إللي يُرشِك بمية النار... رُشيه بمية النار"، وذلك أن المحكمة حكمت ضد مواطن لإيراني يُدعى ماجد إيموفاهيدي والذي هاجم أمينة باهرامي بمية النار لسبب رفضها المستمر لطلبه الزواج منها, حكماً لصالح أمينة يقضي بأن تسكب 20 نقطة من حمض الكبرتيك داخل عيني ماجد ليفقد بصره كما أفقدها بصرها وشوه وجهها، والغريب ونحن في عام المرأة نجد أن السيدة أمينة الإيرانية تحمست جداً لهذا الحكم هي وأمها، أما أباها وإخوتها الذكور إمتعضوا منها لأنها ارتضت لكي تقوم بتنفيذ هذا الحكم علي الرجل، وقد تحدد يوم 15/4/2009 التنفيذ... ومن أبشع الطرق والتي سوف يتم تنفيذ الحكم هو أن ماجد (المجرم) سوف يرقد على السرير ويتم تخديره، ثم يأتون بالمجني عليها أمينة لكي تتحسس عيون الجاني لأنها عمياء وتحاول سكب نقط الحامض... وتقول أنها مصممة على التنفيذ لكي ينطفئ نار قلبها هي وأمها، كما تقول بأنها راضية على هذا الحكم والنابع من الشريعة التي تقول "العين بالعين والسن بالسن".
أنا لا أتصور ونحن نحتفل بعام المرأة ونحاول إبراز مكانة المرأة في المجتمع, وأنها تعتبر نصف المجتمع وهي الأم والزوجة والشابة والإبنة، بأن تقبل على نفسها أن تُنفذ حُكم بأيديها الناعمتين وتسكب 20 نقطة من حامض الكبرتيك في عيون رجل، وقد قرأت في أحد المواقع الإلكترونية أن الرجل أرسل لها يتوسل بأن تترك له عين، لكنها رفضت رفضاً باتاً... هل هذه هي المرأة التي تتسم بالرحمة والعطف والتحمل، ألا كان يكفيها أن تطلب من القاضي أن يتم حبسه لمدة طويلة، وإذا كانت هذه هي شريعتهم... هل من المعقول على إمرأة عمياء, والتي ذاقت مرارة عدم البصر أن تذيقه لمن أضر بها.
أنا فعلاً قلبي مع هذه السيدة في أن تأخذ حقها من هذا الجبان الذي أعماها وشوه وجهها، لكني لست معها في عملية تنفيذ الحكم بيديها, كما أن الحكم نفسه ظالم، لكن هكذا تقول شريعتهم "السن بالسن والعين بالعين...".
أين الجمعيات النسائية وأين مراكز حقوق المرأة من هذا الموضوع، أليس كان الأفضل أن تُرسل رسالة إلى هذه السيدة أمينة بأن لا تأخذ حقها بهذه الطريقة, والتي تدل علي تخلف مجتمع كامل، وفي نفس الوقت نجد هذا الشعب يتفاخر دائماً بأنه على أبواب إنتاج القنبلة النووية..
يُعتبر قانون المعاملة بالمثل "العين بالعين والسن بالسن" من أقدم قوانين العالم، وقد ظهر هذا القانون في قوانين حمورابي الذي حكم بابل من سنة 2285 – 2242 قبل الميلاد، وقد كانت قوانين حمورابي تميّز بين الإنسان النبيل والفقير، فإذا تسبب شخص فقير في قلع عين إنسان نبيل أو غني فلا بُد أن تُقلع عينيه, أما إذا تسبب شخص فقير في قلع عين فقير فعليه أن يدفع له تعويضاً قدره وزنة من الفضة، وقد صار هذا القانون جزءاً من تعاليم العهد القديم, فنراه مذكور ثلاث مرات على الأقل:
خروج 21: 23–25& لاويين 24: 19–20& تثتية 19: 21، كان الناس وقتها ميالين للقتال وسفك الدماء، لذلك كانت شريعة المعاملة بالمثل في وقتها ليست شريعة همجية قاسية، بل هي في الحق بداية الرحمة, فقد كان القصد منها الحد من النزاعات الإنتقامية عند البشر, فعندما يحدث أن فرداً من قبيلة ما يسبب أذى لآخر من قبيلة أخرى فإن كل القبيلة المُساء إليها يخرجون لينتقموا من كل أفراد القبيلة الأخرى, وكان الإنتقام شنيعاً... لذلك فهذه الشريعة لم تكن تعطي للفرد الحق في توقيع العقوبة على من أساء إليه, بل كانت الشريعة دليلاً للقضاة في تحقيق العدالة, كما هو ظاهر في تثنية 19: 15–18, حيث نقرأ فيها أن كل قضية كان لا بد أن يفحصها القضاة ويسمعوا الشهود، وبمرور الزمن لم تكن تنفذ حرفياً, فبدأوا يضعون نظام الدية النقدية للتعويض.
لكن المسيحية جاءت لتمحو هذا المبدأ, جاء المسيح ليستبدل هذا القانون القديم للإنتقام, بشريعة روحية تحمل روحاً جديداً جوهره الإرتقاء بالمشاعر ونوايا القلب وإزالة الغل والغيظ وعدم مقابلة الشر بالشر.
أخيراً أرجع وأقول أن المرأة ما زالت تواجه صعوبات ومشاكل, مما يؤدي بها إلى الإنتقام والذي هو ليس من سماتها.. أنا لست مع الرجل المتهم، لكن أنا ضد أمينه أن تأخذ ثأرها بنفسها, فهذا العمل سوف يقلل من شأن المرأة في وقت نحن نحاول فيه رفع شأننا وإظهار رحمتنا.. وأننا الأم والأخت والزوجة والإبنة والصديقة والحبيبة...
إنهضن الآن يا سيدات العالم في منع أمينة الإنتقام وأن تترك هذا العقاب للسلطات!!! |