CET 10:11:35 - 31/03/2010

مقالات مختارة

بقلم: وائل قنديل

لا أتصور أن الرئيس مبارك سيكون سعيدا لو عرف أن البعض غنى له بتكليف مباشر من وزير الإعلام بمناسبة عودته سليما معافى من رحلته العلاجية.
أفهم أن يتنافس المتنافسون فى محاولة إظهار ولائهم ومحبتهم للرئيس، لكنى لا أفهم ولا أستسيغ أن يدلق بعضهم مشاعره الجياشة بتكليفات أو توجيهات أو تعليمات من هنا وهناك.. كأن تقول صحيفة الأخبار فى عددها الصادر أمس الأول (صفحة 13) أن الأغنية، التى أدتها المطربة شيرين بمناسبة عودة الرئيس من ألمانيا وكتب كلماتها الشاعر أيمن بهجت قمر وألحان تامر على وتوزيع زوج شيرين «تم إنجازها فى 48 ساعة بعد تكليف من وزير الإعلام أنس الفقى الاثنين الماضى» ثم تمضى الصحيفة تقول «المطربة شيرين الموجودة حاليا فى لبنان أكدت لـ«الأخبار» أنها شعرت بمسئولية شديدة وفرحة كبيرة لاختيارها لأن تكون صوت كل المصريين للتعبير عن فرحتها فى أول مناسبة تغنى فيها للرئيس مبارك».

مرة أخرى لا يليق بمقام رئيس مصر أن يكون الغناء له بالتكليف، أو بالأمر، والأقبح من ذلك أن يعتبر الإعلام الرسمى ذلك نوعا من الوطنية الفياضة ويحتفى به ويبرزه ويفرد له الصفحات، وكأنه يتحدث عن قصة صناعة ملحمة وطنية شاركت فيها شيرين وزوجها.
ولأن المسألة كلها تكليف فى تكليف، لم تنتبه صحيفة الأخبار وهى تحاول استنطاق المطربة بكلمات معبرة عن سعادتها وفخرها بهذه المهمة، إلى أنها قالت للقارئ إن المطربة الوطنية الفدائية، التى تحب الرئيس مثل أبيها متواجدة فى بيروت، وهو ما يجعلك تتساءل معى: ألم يكن من مقتضيات الحب والوفاء أن تبقى شيرين فى القاهرة لتكون فى استقبال الوالد؟
وأظن أنك تتساءل معى الآن: إذا لم يكلف وزير الإعلام فريق الأغنية بإنجازها خلال 48 ساعة هل كانوا سيغنون للرئيس؟

سؤال آخر يطل برأسه من ثقب الباب: ما هو موقف الذين لم يسعدهم الحظ بتكليف من وزير الإعلام بالغناء لعودة الرئيس.. هل هؤلاء أقل وطنية وانتماء من شيرين والذين معها؟
لقد استقبل الجميع تعليمات الرئيس بمنع إعلانات التهنئة بسلامته فى الصحف بكل تقدير وترحاب، على اعتبار أنه بذلك يغلق الباب فى وجه مهرجانات النفاق والطبل والزمر، ويوفر على ميزانية الدولة الكثير، وأزعم أيضا أن الرئيس لا يحب أن يغنى له بعضهم بتكليفات مباشرة أو غير مباشرة، لأن من شأن ذلك أن يثير مشاعر سلبية، كما أن فنا يصنع على عجل وبهذه الكيفية أشبه بورود صناعية لا روح فيها ولا عطر، سيسقط من ذاكرة الناس مثل ثمرة معطوبة.
والدليل أن التليفزيون الرسمى لم يجد أروع ولا أجمل من أغنية عبدالحليم حافظ الخالدة «يا حبايب بالسلامة» ليستقبل بها الرئيس، مع العلم أن تلك الأغنية قدمها العندليب لجنود مصر العائدين من حرب اليمن فى الستينيات من القرن الماضى.
سيادة الرئيس حمد الله على السلامة بجد.. بدون غناء.

نقلا عن "الشروق الجديد" المصرية

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٠ صوت عدد التعليقات: ٠ تعليق

خيارات

فهرس القسم
اطبع الصفحة
ارسل لصديق
اضف للمفضلة

جديد الموقع