بقلم : ايهاب شاكر وها الأيام تثبت أن " هذا الشبل من ذاك الأسد" فها هو الوزير المميز، يفعل كما كان والده، إذ ينزل الشارع ويتفقد حال وزارته، ولا يجلس خلف مكتبه في غرفته المكيفة، كباقي الوزراء، فقد جاء في صحيفة المصري اليوم، ومن قبلها أُذيع على قناة دريم2 هذا الخبر: اعتقد قرائي الأعزاء، أنه لو فعل كل وزير، كما هذا الوزير المميز، وأنا أصر على وصفه بالمميز، لأنه فعلا كذلك، فعلا، يبدو مختلفاً، إذ يفعل ما لا يفعله غيره، فلو فعل كل وزير هكذا، سيتغير حال هذا البلد، وربما سيحدث أمران: الأول، أن كل الإدارات والمسئولين في الهيئات والمصالح، سيُنقلون عن بكرة أبيهم إلى مناطق نائية، ولي في هذا تعليق سيأتي في حينه. الثاني أن كل المسئولين والإداريين، سيعملون ألف حساب في عملهم لوزيرهم، وستُقدم الخدمات على أحسن ما يكون، وسينصلح حال الكثير من المصالح، بل كل المصالح والهيئات الحكومية. لو حدث هذا، لن نعاني من الفوضى والتراخي والإهمال والفساد المتفشي في بلادنا وفي كل مصالحها وهيئاتها، لو حدث أن كل وزير تفقد بنفسه وبزيارات فجائية ما هو مسئول عنه، لما كنا نعيش ما نعيشه الآن من كل أنواع هذه الأمراض المجتمعية في كل مؤسساتنا الحكومية. وهناك رأيان فيما يخص هذا الوزير المميز، الأول يقول: " الغربال الجديد له شدة" وهم يقصدون أن ما يحدث وما يفعله هذا الوزير، هو مجرد حماس البداية، وبعد فترة سيهدأ الموضوع، ويعتاد على عمل الوزارة الروتيني، من الذهاب إلى مقر عمله كأي موظف، واستلام التقارير وما إلى ذلك، ثم العودة لبيته بعد انتهاء مواعيد العمل الرسمية. أما الرأي الآخر، وأنا أؤيده، هو أن ما يفعله الرجل نابع من تكوينه وتربيته، وعن اقتناع بما يفعله ويؤمن به، لأنه تربى على ذلك، إذ كان والده ينزل بنفسه للشارع ويتفقد أحوال رجاله، وأحوال مواطنيه، ولم يكن ينزل بالصفة الرسمية بما تحويه من رجال الحراسة حوله وما إلى ذلك. وهذا بعض ما كتبه عنه الدكتور مصطفي الفقي، الذي كان يعرفه جيداً: وللقارئ أن يتخيل الحرج الذي شعرت به في ذلك الموقف وقد تعلمت من يومها ألا أتدخل في عمل الوزير ولو برجاءٍ شخصي، وذات يوم كنَّا في «دار الأوبرا» أنا وزوجتي وكان مع السيد «وزير الداخلية» زوجته الفاضلة- وهى سيدة عظيمة تستحق التقدير- وأردت على سبيل الدعابة أن أحصل من وزير الداخلية على شهادة طيبة لي أمام زوجتي فقلت له يا سيادة الوزير قل لزوجتي إنني مستقيمٌ ولا أفعل شيئاً يضايقها، فابتسم في هدوءٍ خبيث وظل صامتًا لدقيقة كاملة وقال لها: إن الدكتور «مصطفي» بريء فقط لعدم كفاية الأدلة!، إن ذلك الرجل الصلب كان يستطيع أن يحمل على كفه هيبة «وزارة الداخلية» بل النظام كله. ولقد ربَّى أولاده ـ ومازال الكلام على لسان الدكتور الفقي ـ تربية تستحق الاحترام، ويكفي أن ابنه هو رئيس جامعة «عين شمس» الحالي الأستاذ الدكتور مهندس «أحمد زكى بدر». ولقد كنت حريصًا على لقائه أنا ومجموعة من الأصدقاء بانتظام بعد أن ترك موقعه، نستمع إلى حديثه الجذاب وذكرياته التي تستحق التأمل، وقد بدأت صحته في السنوات الأخيرة من عمره تتدهور، وكنت أراه كالأسد الجريح الذي لا تضعف هيبته أبدًا. وما زلت أتذكر ذات يوم أنني كنت جالساً في سرادق عزاء النائبة الراحلة «نوال عامر» ودخل كثيرٌ من المسئولين إلى السرادق، وكان منهم الدكتور الراحل «رفعت المحجوب» ووزراء كثيرون جاءوا لتعزية النائب المخضرم والوزير السابق «كمال الشاذلي» في الشقيقة الكبرى لزوجته، وفوجئت أن الموجودين في السرادق قد وقفوا جميعًا فجأة وتركوا مواقعهم وتجمعوا لاستقبال شخصية كبيرة، فدفعني الفضول إلى معرفة من هو القادم الكبير فإذا هو اللواء «زكى بدر» الذي كان قد ترك موقعه قبل ذلك بعدة شهور! ويومها أيقنت أن الإنسان هو الذي يصنع المنصب، وليس المقعد هو الذي يصنع الإنسان.. رحم الله اللواء «زكى بدر» وغفر له بقدر ما أسدى من خدمات لأمن بلاده ومصالحها العليا.( انتهى كلام الفقي) نحن لا نقول أن اللواء زكي بدر كان ملاكاً، فقد كانت له هفواته، أو قل صفاته المشهورة أيضاً، فقد كان كثير السباب لمعارضيه، ولا مجال هنا لذكر أحداث بعينها، لكن ما نود التركيز عليه، هو أن ابنه الوزير أحمد زكي بدر، ورث عن أبيه همته وتحركه بنفسه في عمله وإشرافه عليه، وهذا ما نحتاجه بالفعل حتى يتحسن وضع وزارات وهيئات بلادنا. أما تعليقي فهو على نوع العقاب الذي يتخذه الوزير، وهو نقل المسئولين المعاقبين إلى قرى نائية، وكأن هذه القرى ليس بها بشر يستحقون المسئولين الكفء والصالحين، ومع الوقت ستكون هذه القرى هي المعقل الرسمي لكل مسئول فاشل في عمله أو مهمل فيه، مما سيؤذي أهل هذه القرى نفسها. فأرجو سيادة الوزير، الحرص في نوعية العتاب الواقع على المقصرين. وندعو لك أن تستمر في مهمتك بنفس الحماسة والهمة حتى يتحسن حال تعليمنا ويظهر ذلك على أخلاق أولادنا ومعاملاتهم مع الآخر، وحتى تُثبت بحق أنك شبل من ذاك الأسد. |
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع |
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا |
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا |
تقييم الموضوع: | الأصوات المشاركة فى التقييم: ٧ صوت | عدد التعليقات: ٦ تعليق |