بقلم : د. عبدالخالق حسين على كل حال، هناك بعض الملاحظات جديرة بالذكر: ثانياً، كذلك الفرق بـ 12 ألف صوت بين كتلة "العراقية" وكتلة "دولة القانون" لا يعني أن الشعب كله صوت ضد حكومة المالكي واختار علاوي كما يدعي البعض. فهذا الفارق ضئيل جداً يمثل نحو ثلث العدد المطلوب (القاسم الانتخابي) للمقعد الواحد، فتفوق "العراقية" بمقعدين ناتج عن الاختلاف في القاسم الانتخابي للمحافظات، وهذا يشبه ما حصل في الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2000 عندما حصل آل غور على نصف مليون صوت أكثر من جورج دبليو بوش، ولكن في النهاية، الأخير صار رئيساً وذلك بسبب اختلاف القاسم الانتخابي في الولايات الأمريكية. وهذا يعني أن مسألة تشكيل الحكومة من قبل السيد علاوي ليست محسومة. ثالثاً، لا شك أننا نتمنى أن تنضج الديمقراطية الناشئة في العراق أكثر وتبلغ النضج بأن يتقبل الخاسر النتائج بروح رياضية ويقدم التهنئة للمنافس الفائز تماماً كما هو يجري في الدول الديمقراطية الغربية. ولكن يجب أن لا ننسى أن في الغرب ثقة شبه مطلقة بنزاهة المشرفين على عملية الانتخابات، وعد وفرز الأصوات وإعطاء النتائج، بينما الوضع يختلف تماماً في العراق، حيث هناك الشكوى من تفشي الفساد في جميع مرافق الدولة وعلى جميع المستويات، ولهذا يجب أن لا نستغرب إذا طعن البعض بالنتائج الانتخابية، فالمشرفون على سير الانتخابات ليسوا معصومين من الخطأ. والملاحظ أيضاً أن هذا الطعن مارستها قادة "العراقية" في أول الأمر عندما كان رصيد "دولة القانون" أعلى، ثم انعكس الأمر عندما تفوقت على غيرها. وعملاً بمبدأ "الهجوم أفضل من الدفاع" صرح السيد طارق الهاشمي، أحد قادة "العراقية" أن ("العراقية" لديها شكاوى والنتائج التي حصلنا عليها اقل من توقعاتنا). ولا أعتقد أن السيد الهاشمي جاد في هذا التصريح، وإنما ليظهر قائمته بأنها مظلومة!!. رابعاً، ستبقى تهمة الطائفية ملصقة بالكتلتين، "دولة القانون" و"الإئتلاف الوطني العراقي" اللتين غالبية كياناتهما شيعة، رغم أنهما يضمان الكثير من الكيانات والشخصيات العلمانية، ومن مختلف الأديان والمذاهب أسوة بالكتلة "العراقية" التي توصف بالعلمانية وغير طائفية. وهنا أود التأكيد على أن الطائفية لا علاقة لها بالدين والتدين، بل هي ممارسة تشبه العصبية القبلية والعنصرية، وأكثر من يمارسها هم سياسيون علمانيون، إذ مورست بوضوح في العهدين، الملكي والجمهوري البعثي، وهما نظامان علمانيان حد النخاع. وبالمناسبة، لما ذكرت هذه الحقيقة في حوار تلفزيوني على قناة الفيحاء (البث مساء الأربعاء –اليوم- 31 آذار/2010) عارضني الزميل المشارك، د. أكرم العبيدي، نافياً الطائفية عن العهد الملكي، ومع الأسف لضيق الوقت لم يفسح لي المجال لتوضيح ذلك إثناء المناظرة، لذا وتأكيداً لهذا الطرح، أشير إلى المعلومة الموثقة التي أوردها الأستاذ حسن العلوي، العضو الناشط والمنظر في قائمة"العراقية" في مقال له نشر حديثاً جاء فيه ما يلي: "تشكلت في العهد الملكي 59 وزارة، الشيعة الملكيون شكلوا 4 وزارات، والسنة الملكيون شكلوا 54 وزارة. استمر العهد الملكي 38 عاما وكانت حصة الشيعة سنتين وثلاثة اشهر والباقي للسنة." (حسن العلوي، قومية السلطة). وأما الطائفية في العهد البعثي، فحدث عن البحر ولا حرج. خامساً، يعتقد أنصار قائمة "العراقية" أن الشعب العراقي صوت ضد الطائفية. وعارضت هذا الرأي في مقال لي يعنوان: (الاستقطاب الطائفي على ضوء الانتخابات الأخيرة). والجدير بالذكر أن خصوم التحالفين (دولة القانون، والإئتلاف الوطني) يروجون أنهما طائفيان، لأن الأول يضم حزب الدعوة، والثاني المجلس الإسلامي الأعلى، وكلاهما تنظيم شيعي، رغم أن الكتلتين تضمان عدداً كبيراً من الكيانات والشخصيات السياسية العلمانية ومن مختلف الأديان والمذاهب. كما ونجد أن مجموع المقاعد البرلمانية التي كسبها التحالفان "الطائفيان" 160 مقعداً (49%) وهو أكبر تجمع في البرلمان، بينما الكتلة العراقية حصلت على 91 مقعداً (28%)، علماً بأن معظم الذين صوتوا للعراقية هم من المحافظات السنية، لأن معظم مكونات الكتلة تمثل كيانات سنية حتى ولو كان زعيمها شيعي. كذلك لوحظ أن الناخبين في الرمادي عاقبوا المرشحين السنة في مناطقهم الذين انضموا للقائمتين (دولة القانون، والإئتلاف الوطني) مثل الشيخ أحمد أبو ريشة قائد الصحوات، والشيخ حاتم السليمان، بينما صوتت نسبة من الناخبين الشيعة في مناطقهم لمرشحي الكتلة "العراقية"، ويعتقد أنهم من البعثيين الشيعة. ووفقاً لهذه المعطيات، يرى معظم المعلقين السياسيين أن التصويت تم وفق الانتماء الطائفي والقومي. (راجع مقال الدكتور جابر حبيب جابر، في الشرق الأوسط، 28/3/2010). تاسعاً، عودتنا الانتخابات في البلاد العربية، وفي العراق في عهد صدام على فوز رئيس الحكومة وقائمته بنسبة 99.99%، بينما نجد في الانتخابات العراقية، أن قائمة رئيس الحكومة لم تفز بأغلب المقاعد، بل وأحياناً أقل بكثير من القوائم الأخرى المنافسة لها، وهذا دليل آخر على نجاح الديمقراطية في العراق. |
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع |
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا |
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا |
تقييم الموضوع: | الأصوات المشاركة فى التقييم: ٠ صوت | عدد التعليقات: ٠ تعليق |