CET 00:00:00 - 06/04/2010

مساحة رأي

بقلم : هاني رمسيس
كان الظلام مازال باقياً يخيّم على أورشليم ....  بأسوارها ... و أحزانها ... فجر الأحد .
بعد أن باتت المدينة المقدسة غارقة فى الألم ، فما زالت آثار دماء الناصرى لم تجف ، فوق أحجار الجلجثة ، وقد خضّبت الأرض و العشب .
كان اليهود قد انتهوا من فصحهم ، احتفل من احتفل ، و أكل من أكل ، و حزن من حزن .
لكن بلا شك كان للكل فصحاً مختلفاً و يوماً فريداً ، فقد أظلمت السماء ، و تزلزلت الأرض ، و تشققت الصخور ، و تفتحت القبور .... و قام كثير من أجساد القديسين الراقدين و دخلوا المدينة المقدسة .
وانتشر بين ملايين الحجاج أخبار يسوع الناصرى و صلبه و موته ، و ما صاحب ذلك من ظواهر .
* * *
كان الظلام مازال باقياً يخيّم على أورشليم .... بحدادها ... و سوادها ... فجر الأحد .
و العذراء وقد جاز فى نفسها السيف " تحفظ جميع هذا الكلام متفكّرة به في قلبها " .
* * *
كان الظلام مازال باقياً .
وخلف جدران بيوت اليهودية و السامرة و الجليل ، بنات أورشليم ينتحبن ، و رجالها يسترجعون أحداث اليوم الجلل ، تجفف السامرية دموعها عند البئر ، يتجول المفلوج حول بحيرة بيت حسدا ، يحملق الأعمى فى مياه بركة سلوام ، يتفكّر معلم اسرائيل نيقوديموس ، يتحاور مع السيد ، كيف يولد الإنسان ثانيةً.
خلف الجدران أيضاً و الأبواب مغلّقة ، نظرات السيد و هو يمر بين دارىّ حنان و قيافا ، لا تفارق بطرس ، توجع قلبه ، تعتصر صدره .... تتهدج أصوات يوحنا باكيا و هو يتكئ على صدر المعلم .... يحتارُ يعقوب .... يكتئبُ مرقس ... يشكُ توما ... تتجمد القلوب و تنسى العقول .
و خلف الجدران كذلك ، قيافا و صحبه و مجْمعه ، ممزق الثياب منشق حجاب الهيكل ، يضحك مستهزئاً ، يظن أنه تخلص من الفتى الجليلى إلى الأبد ، و ها هى تجارته و حماه حنّان ، سوف تعود رائجة فى الهيكل ، و ها سلطانه لن يهدده أحد .
* * *
كان الظلام مازال باقياً .
لكن عينا المجدلية قد سبقتا وقت السحر ، نهضت قبل أن تفتح أورشليم أبوابها ، تسللت مع أول شعاع أحمر للشمس ، يسّيرها الرجاء ، و يدفعها الحب ، تقود أخريات و معهن حنوط للجسد .
أحست الزلزلة العظيمة ورأت الحجر مرفوعاً عن القبر ، ظنت أولاً أنهم أخذوا جسد سيدها ، هذا ما قالته و هى تبكى ، وإذ بالرب يتراءى لها كالبستانى ، حتى تسقط الغشاوة من على عينيها ، فتصرخ مبشّرة بالقيامة .
و فى ظهيرة الأحد ظهر السيد لتلميذى مدينة عمواس - لم يكونا من الإثنى عشر- على بُعد سبعة أميال جنوب أورشليم  .
و فى مساء نفس اليوم ظهر للتلاميذ-فى غياب توما- و هم مجتمعون فى العليّة و الأبواب مغلّقة ، و إذا به فى وسطهم قائلاً "سلام لكم ".
* * *
كان الظلام مازال باقياً .
لكن بقيامة الإله الظاهر فى الجسد ، تبددت الظلمة ... وإن كان ميلاد المسيح هو محور التاريخ ، فقيامته هى صك تلاشى التاريخ ، و إعلان نهاية الموت ، فالموت الذى كان فاصلاً بين الأزمان قد اندحر ... فلم يعد هناك موت بل انتقال .

h_ramsis@yahoo.com

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٢ صوت عدد التعليقات: ٢ تعليق