مروة مأمون
"إذا بليتم فاستتروا" هكذا علمتني أمي، لم نكن نستخدم هذه المقولة إلا حين أفطر في رمضان. سنوات نخفي إفطارنا، وكأنه إثم أو عيب. نمضي الساعات الطوال في العمل أو الدراسة بلا شربة ماء، خجلا من أن يكتشف أحد الزملاء- لا قدر الله- أننا نحيض!
فجأة، وقد بلغت ال 36، قررت ألا مزيد. أنا مريضة بالسكّري، وامرأة، وأمضي نصف الأسبوع على سفر، من ذا الذي يحرمني مما رخص لي الله؟ ومن ذا أقنعنا بأن الحيض ابتلاء، وأن استخدام الرخص يجب أن يتم في الخفاء؟
يقولون إن إخفاء الفطر مراعاة للصائمين، وماذا يفعل الصائمون المقيمون في غير ديار الإسلام؟ يقولون إن إخفاء الفطر أدب مع الله! هل تخفي قصرك الصلاة حال السفر أيضا؟ "إن الله يحب أن تؤتى رخصه"، وأنتم تكرهون لنا ما أحب الله، وتضيّقون علينا في استخدام الرخص.
أمر آخر، أي مجتمع طفولي هذا الذي لا يحتمل الصيام إذا ما رأى غيره يأكل؟ ولماذا لا نغلق محال المشاوي أيام صوم المسيحيين؟ وماذا يفعل من يصومون كل اثنين وخميس طوال العام؟ وكيف يتحملون الصوم وسط آلاف المفطرين؟ ماذا يجِدّ في رمضان حتى يُمارس هذا التضييق على المفطرين بعذر أو بغير عذر؟
كسرت التابو، وتوجهت لماكينة الماء الساخن، وصببت لنفسي كوباَ من الشاي، ونظرت لزميلي مبتسمة، وقلت: "أنا فاطرة، ده يضايقك؟". ابتسم زميلي ابتسامة واسعة قائلا : "في الثمانينات والتسعينات لم أكن أصوم، وكنت أضطر للاختباء كي أشرب سيجارة وفنجان قهوة، خدي راحتك".
شكرا عزيزي. سآخذ راحتي.
نقلآ عن هنا صوتك |