بقلم: نشأت عدلي
زهرة من بستان الأب متى المسكين
"من كتاب" مع المسيح في آلامه حتى الصليب
إنجيل سبت لعازر:
سبت لعازر يحمل معاني عميقة لمحبي الطقس ولهواة التلذذ بربط المعاني والغوص في بحر لآلئ الأرثوزكسية..
كل ما عرفناه عن السبت أنه رمز الراحة.... هكذا جعله العهد القديم رمزاً لانتهاء الخلقة الترابية.
ولكن فجأة، وكختام لعهد شاخ، يأتى سبت لعازر معلناً عن بداية جديدة للحركة والحياة وفك ختوم السكوت والموت واقتحام الطريق الموصل بين القبر والهاوية..
هكذا تتلقف الكنيسة سبت لعازر لتجعل منه أحداً صغيراً وقيامة صغرى ترابية لواحد من أولاد آدم الأول تميهداً لقيامة عظمى إلهية للمسيح آدم الثاني. سبت لعازر هو مفتاح سر البصخة، سر الإنتقال من القديم إلى الجديد، من عهد السبوت إلى عهد الآحاد، من عهد الموت إلى عهد القيامة، وهو أول مرحلة من مراحل العبور التي جازها مخلصنا، إذ بإقامة لعازر من الموت قدّم المسيح صورة للنهاية قبل البداية فأطلق في القلوب سر فرحة النصرة على الموت حتى لا تخور في موكب الصليب. أراد أن يمهد بسبت لعازر للسبت الكبير، حتى تكون آلامه وصلبه ودفنه على رجاء، وقيامته يقيناً كالفجر..
هكذا كانت ولا تزال قيامة لعازر حجة رجاء ضد الموت ويقين قيامة ننتظرها على كافة المستويات حتى لو أنتنّت أجسادنا وإنحلّت وذابت وتلاشت في الماء أو بين ذرات التراب.
لقد كان التلاميذ، بل نحن، بل العالم كله، في أشد الحاجة أن يقوم لعازر من الأموات ليؤمن الجميع بالمسيح ليس فقط أنه قادر أن يقوم بل ويقيم من الأموات أيضاً...
والقصة تبدأ عندما أرسلت مريم ومرثا إلى المعلم بلهفة أن: أسرع، فلعازر الذي تحبه مريض، والإسراع يفيد توقف إيمان الأختين بالرب عند حد شفاء الجسد، لهذا كانت اللهفة وكان الإسراع من جانب الأختين لئلا يموت وتضيع الفرصة، وبالرغم من ذلك نرى المسيح يتأخر، لأنه يرى في موت لعازر فرصة لإيمان أعلى.... الرب هنا يفرح عند ازدياد فرصة الإيمان أمام التلاميذ عندما يسترد نفساً من بين مخالب الموت، ولكن العجيب أنه بعد قليل يواجه المسيح الأختين ويرى بكاءهما، فيبكي هو أيضاً من فرط تحننه... فالذى رأيناه يفرح بازدياد فرص الإيمان للتلاميذ والأختين تجاه الموت، نجده يبكي عندما يقف بين الباكين، وكأنما الفرح والبكاء عند المسيح نظير ما يسرنا ويبكينا!!
ولكن بتأمل صغير نجد أن الفرح والبكاء جاءا مختلفين في ترتيبهما لدى المسيح عن ما كان لدى الأختين والتلاميذ، فعند المسيح الفرح أولاً ثم البكاء، إذ كان يرى القيامة قبل الموت، ولكن بالرغم من ذلك لم تعقه فرحة الرؤيا المسبقة للعازر قائماً من الأموات عن أن يذرف الدمع مع الباكين أمام القبر.
وهكذا بدأ يسوع فائقاً جداً في حنانه وترفقه بالمتألمين... وأمام القبر وقف رب الحياة وسيد القيامة ونادى لعازر، فقام، وقام معه رجاء الإنسان كله، كل بني آدم، بالحياة الأخرى...
* * *
ربي، إن كان للموتى رجاء في بكاء، هكذا يكون رجائي.
ولكن بكاءك على لعازر هو يكفيني بل ذاك معتمدي..
يا من دمعت عيناك على حبيب ميت، أنا ليس لى مرثا ولا مريم، أنا اليوم ميتك فابكيني..
أتوسل إليك بحبك وحنانك، أوعز إلى ملائكتك أن (حلّوه ودعوه يذهب). |