CET 00:00:00 - 10/04/2010

مساحة رأي

بقلم: منير بشاي      
لا أجد لذة خاصةً في الكتابة في هذا الموضوع، فيؤلمني كثيرًا أن يكون بين مَن ينتمون للشعب القبطي البعض الذين تنطبق عليهم صفة العمالة. وكنت أتمنى أن لا يكون هناك من بين الأقباط مَن يوصم بهذه الصفة، ولكن يبدو أن الأقباط مثل بقية البشر فيهم الطيب ومنهم الخبيث.
ولكن ليس معنى وجود قلة من العملاء في وسطنا أن هذا ينعكس بالسلب على الغالبية العظمى من الأقباط الشرفاء الذين لا يمكن أن يباعوا أو يشتروا مهما كان الثمن. هؤلاء لا تغريهم الثلاثين من الفضة أو الثلاثين مليونًا من الذهب ليبيعوا أنفسهم للشيطان ومعها يبيعوا أهلهم و دينهم حتى رغم احتياجهم المادي.
دور العميل موجود في كل الأوساط حتى المتدينة منها وحتى التي تتمتع بمستوى اجتماعي رفيع. فليس دائمًا مَن يقوم بهذا الدور هم الأشرار أو الفقراء. وعادةً يقوم بهذا الدور شخص من الممكن أن يكون ممن يتردد على الكنائس وله سمعة وصيت في المجتمع، ويكفى أن يكون مثالاً للعميل أحد تلاميذ السيد المسيح وهو يهوذا. فإذا كان أعداء المسيح قد استطاعوا أن يخترقوا دائرة تلاميذ المسيح، ويجندوا واحدًا منهم، فكم بالحرى يكون سهلاً تجنيد العملاء من بين عامة الناس.

العميل هو مَن يجند بواسطة أعداء الجماعة لاختراق صفوفهم نظير أجر يتقاضاه، قد يكون مادي أو معنوي. والهدف جمع المعلومات عن هذه الجماعة أو توصيل المعلومات السامة لهم بقصد إحباط عملهم وبث روح الفرقة بين صفوفهم.
والعملاء أنواع بعضهم يعلم أنه يبيع أهله ولا يهمه هذا في كثير أو قليل طالما كان هو المنتفع. ولكن هناك فئة تخدع نفسها وتظن أنها تقوم بهذا الدور لخدمة أهلهم وطبعا لا يضايقهم أن يستفيدوا من وراء هذا وربما يبررون هذه المكاسب بأنها لا ضرر منها طالما تأتى من العدو. والبعض الآخر يظن أنه أذكىَ من العدو ويعتقد أنه يقوم بدور اللعب على العدو ومحاولة تضليله. ولكن سرعان ما يكتشف أنه دخل في شباكه وبمرور الوقت لن يستطيع الإفلات منها.
أذكر أننا بينما كنّا نعيش في مصر وكنا مجموعة من الشباب نجلس ذات مساء في قاعة بإحدى الكنائس أن دخل شاب وقال لنا أنه مسلم وقد قرأ الكتاب المقدس وأقتنع بصحة المسيحية ويريد أن يتعمد. ومن خلال النقاش معه استطعنا أن ندرك أنه على دراية جيدة بالكتاب المقدس وبدقائق الإيمان المسيحي. وأرانا بطاقته الشخصية التي تظهر اسمه وديانته على أنه مسلم. طلبنا منه أن ينتظر قليلاً وذهبنا إلى غرفة أخرى واتصلنا بالأب الكاهن الذي طلب منّا أن نصف له شكل ذلك الشخص (وكان أحول العينين) ثم طلب معرفة اسمه. وفى الحال تعرف عليه وذكر لنا حقيقة ذلك الشاب أنه مسيحي المولد وليس مسلمًا وأن أمن الدولة تجنده ليقوم بهذا الدور لدرايته بالعقيدة المسيحية وتعطيه بطاقة شخصية مزورة لتأكيد الحبكة (الدرامية). والهدف هو التجسس لمعرفة الكنائس التي تعمد المسلمين وإبلاغ نشاطهم لأجهزة أمن الدولة.

لا أشك مطلقًا في أن أمن الدولة لديه جيش من العملاء كل حسب تخصصه ودوره ولا أشك أنهم يدربونهم على القيام بدورهم بأعلى مستويات التدريب.
ومن المنطقي أن يحظىَ نشاط أقباط المهجر بأكبر عدد من العملاء بسبب الصداع الذي يسببونه للدولة ومحاولتهم فضح الممارسات الظالمة ضد الأقباط في العالم الخارجي. والهدف الذي يحاولون تحقيقه هو إحباط نشاطاتهم أو على الأقل تحييدها.
ومن أجل هذا يحاولون استقطاب نشطاء المهجر لإقناعهم باقتصار العمل إلى داخل مصر وفى مقابل هذا يغدقون عليهم المنافع السخية ويظهرونهم على أنهم نجوم لامعة في وسائل الإعلام المصرية.  وأيضًا تستطيع أن تلاحظ وجود العملاء في مواقع الإنترنت القبطية. ومن أمثلة ذلك وجود البعض ممن يظهرون بأسماء إسلامية ويأخذون دور المسلم المعتدل الذي يؤيد الأقباط بالكلام بهدف امتصاص غضبهم وفى نفس الوقت يعملوا صداقات مع الكتاب ويطلبوا منهم تغيير أسلوبهم المتشدد في نقد الدولة وتخفيف حدته. ولو كان هؤلاء حريصين فعلاً على مصلحة الأقباط كما يدعون لكان نشاطهم قد أتجه إلى المواقع الإسلامية التي تكفر المسيحيين وتهاجمهم ليل نهار.

فئة أخرى من العملاء لا تخطئ العين ملاحظة وجودها في المواقع القبطية هي التي تتخصص في التعليق على المقالات مستخدمة أسماء مسيحية. وتلاحظ أن هدفها إحداث شوشرة وضجة بقصد تحويل الأنظار عن الموضوع المعروض إذا كان يمس الدولة إلى موضوعات أخرى جانبية لا صلة لها بالموضوع الأصلي. ومن التكتيكات المستخدمة الهجوم على الكاتب ومحاولة اتهامه بأشياء لا أساس لها من الصحة للتشكيك في مصداقيته. وأيضًا من التكتيكات توجيه أسئلة كثيرة تافهة للكاتب وإذا أجاب يجد بعد ذلك مجموعة أخرى من الأسئلة في انتظاره. والقصد طبعًا هو إنهاك الكاتب وتحويل الأنظار عن الموضوع الأصلي. أيضًا من الأساليب المتبعة محاولة الالتفاف حول بعض المعلقين الآخرين وتبادل النقاش الجانبي وتكوين كتلة هدفها معارضة الكاتب وتسفيه آراءه.
وبعد، ليس هدفي من هذا المقال أن أشجع على تبنى نظرية المؤامرة في كل مناسبة. وأحذر من الاستخفاف بالموضوع الذي قد يؤدى إلى تكفير الآخرين والتلويح بأنهم عملاء لمجرد الاتهام غير المؤكد والموثق لهم، أو لتصفية حسابات قديمة معهم، أو للاختلاف معهم في الرؤية والمنهج. 
وأرى أنه من الأفضل أن يفلت مذنب من الإدانة عن أن يدان بريء لم يرتكب ذنبًا. الاتهام الباطل لإنسان بريء قد يؤدى إلى تحطيم سمعته وهو ذنب كبير يحاسب عليه الله. أما الأشرار الذين يتاجرون في آلام أخوتهم فلن يستطيعوا أن يهربوا من الحساب طويلاً، ستظهرهم الأيام وتلفظهم الأمة، وفوق ذلك سيكون حسابهم عند الله عسيرًا.  وعسى أن يتوبوا عن شرهم قبل فوات الفرصة.   

لوس أنجلوس
Mounir.bishay@sbcglobal.net

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٩ صوت عدد التعليقات: ٧ تعليق