بقلم: سوسن إبراهيم عبد السيد
يعتقد بعض شيوخ الفضائيات أنهم بفتاويهم المبتكرة التي تخرج علينا كل يوم بجديد أنهم يقدمون رسالة إلى المشاهدين لتوصيل صحيح الدين. وفي الواقع أنهم لا يدرون عاقبة تلك الفتاوى الهدامة على المجتمع ككل بكل عقائده وأطيافه.
ولو توقفت تعاليم هؤلاء على ما يخص دينهم فقط و معاملاتهم بعضهم لبعض لكان الأمر لا يعنينا في شيء, فلكل دين شعائره وتقاليده وأسلوب ممارسته، لكن أن تتعدى هذه التعاليم على الآخر وتتهمه بالكفر أحيانًا أو حتى إن مَن يشارك هؤلاء الكفرة فهو كافر مثلهم, فأعتقد إن الأمر وصل إلى مرحلة خطرة تهدد كيان الوطن بأكمله ولابد من وقفة ليست من المسيحيين فقط ولكن من المسلمين أولاً.
ورسالتي اليوم إلى إخوتي من المسلمين الوسطيين الذين يأخذون روح الدين وليست حرفيته أو التأويلات المتطرفة: إذا كنت تريد خير هذا الوطن لا تستمع إلى هؤلاء ولا تسمح لهم بنشر أفكارهم لأني لا اعتقد إن أحد منكم يقبل على نفسه أن يطلق عليه لقب المتطرف أو الإرهابي.
من ضمن هؤلاء الشيوخ من خرج علينا بتحريم الأعياد التي كانت منذ قديم الأزل وإلى يومنا هذا يحتفل بها المسيحيون والمسلمون على السواء دون الأخذ في الاعتبار إن لهذه الأعياد صفة دينية مثل أعياد شم النسيم أو عيد الأم أو حتى عيد الحب. وكان ذلك على قناة "فراعين" الفضائية ثم أفتى بعد ذلك بما يبرر تحريم الاشتراك في هذه الأعياد بازدراء صريح للديانة المسيحية واصفًا إياها بأنها عبادة وثنية!!
ولا أدري ما هذا الخلط في الأوراق؟؟ إذ أنه من المفترض أن يكون موضوع الحلقة عن "صحيح مشاركة المسلمين لغيرهم في الأعياد الأخرى" فما الداعي لهذا التبرير المتطرف الذي لا أجد أساسًا للتصريح به؟؟؟
وعبثًا حاول الدكتور أحمد السايح أن يصحح لهذا الشيخ خطأ اعتقاده فما كان من الأخير إلا أن اتهمه بأنه خرج عن ملة الإسلام!!!
ندائي اليوم إليكم يا إخوتي المسلمين: هذا الشيخ يسئ إليكم وإلى دينكم قبل أن يسئ إلينا.
فهو يظهر لكم إن بمشاركتكم لشركائكم في الوطن في هذا الاحتفال هو كفر ويبرر ذلك بازدراء المسيحية وينكر كل التعاليم السابقة لائمة الشيوخ وعلماء الأزهر السابقين. فهل كان كل هؤلاء لا يعرفون صحيح دينهم منذ ألف وأربعمائة سنة؟
لقد سعدت جدًا بكل المداخلات التليفونية التي كانت معظمها تستنكر فكر هذا الشخص و تطالبه بأن يأتي بفعل واحد قام به المسلمون الأوائل عند فتحهم لمصر كان ينتهج هذا المنهج في التعامل مع الآخر عند الاحتفال بهذه الأعياد.
وكلمة أخيرة أحب أن أوجهها إلى هذا الشيخ: لقد تبنت جريدة الأهرام منذ عدة أيام فكرة إقامة عيد يسمى بيوم الرئيس, وفيه يتم الاحتفال برئيس الجمهورية ويعبر فيه كل شخص عن حبه له, فهل ستعتبر هذا العيد أيضًا بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار؟؟؟
ويا كل إخوتي المصريون إن الهدم ما أسهله ولكن البناء يستغرق سنين وسنين. ومَن قام بتكفير الآخر أو تكفير أخيه من نفس الديانة لمجرد المشاركة بالتهنئة في الأعياد فسيأتي اليوم الذي يحلل فيه ويحرم ما يشاء على مَن هم من نفس ديانته. ولن يتجرع تبعات هذه السموم سوانا لأننا صمتنا على الخطأ ومنّا مَن أقرّه.
إنكم كما تقولون دائمًا: "الدين المعاملة" فأرجو أن تترجموا معاملاتكم معنا بأفعال صريحة ومواقف ايجابية حتى نستطيع وأد كل مَن لديه نيّة لإشعال نيران الفتنة. فهلما معًا يدًا بيد وقلبًا بقلب لنزرع بذور المحبة ونقطف من كل بستان وردة. |