بقلم : كريمة كمال
ما الذى يفعله بنا الدخول على فيس بوك؟ لن أتحدث عن يوتيوب أو تويتر، وسأكتفى بالحديث عن واحد فقط من مواقع التواصل الاجتماعى.. الدخول على فيس بوك يسبب لى حالة من الضيق والإحباط، وأعتقد أن هذا ليس مقصورا علىَّ،
لكنه من المؤكد أنه يشمل الكثيرين ممن هم مثلى، وأقصد من لا يقفون فى أقصى اليمين أو أقصى اليسار من الصورة، وأقصد بهم من يمكن تسميتهم المبالغين واليمين واليسار. هنا ليس مقصودا به اتجاه سياسى بقدر ما هو مقصود به المتشددون على كلا الجانبين، أما الجانبان فهما إما من يهللون للنظام الوليد إلى حد المبالغة وإما من يلعنونه ويشككون فيه إلى حد المبالغة أيضا.. بينما من يقفون فى المنتصف،
وهم الأكثر عددا فى الأغلب، فهم لا ينحازون لأى من الطرفين، وكل ما يريدونه هو أن يستوعبوا حقيقة ما يجرى، قبل أن يكون لهم رأى نهائى فيه، لكن هل يمكن استيعاب الحقائق دون معلومات مؤكدة؟ بل هل يمكن استيعاب ما يجرى فى ظل حالة المبالغة والتهويل والتزييف- بالمناسبة على كلا الجانبين-
المشكلة هنا أنك تشعر بحالة الاستقطاب دون أن تصل إلى أى حقيقة حول كل ما يثار من اللغط والإدانات أو التأييدات، كل ما يمكنك أن تخرج به فى النهاية هو الشك فى كل ما يقال وعدم الانحياز لأى طرف من الأطراف ببساطة لأن الكل لا يُعمِل عقله بقدر ما يُحَكِّم عواطفه، فيكفى أن تقوم الدنيا ولا تقعد بسبب فيديو أو تصريح أو رأى يقال إنه صدر من أحدهم فى برنامج، ثم تكتشف بعد ذلك أن الفيديو ملفق أو أنه تم عمل مونتاج له أو أن الرأى تم فصله عن سياقه الذى قيل فيه.. والأسوأ ألا تكتشف كل هذا، وتظل على قناعتك بصحته.
المشكلة الحقيقية أننا نحول مصدرا من مصادر المعلومات إلى مصدر لتزييفها، وأننا نحول وسيلة تبيح لنا القدرة على الفهم إلى وسيلة لا تفعل شيئا سوى المزيد من إحساسنا بالبلبلة، وأننا نحول مصدراً لتبادل الآراء إلى مصدر لتبادل الشتائم واللعنات.. لذلك فنحن لا نخرج بعد تصفحنا فيس بوك بقناعات، بل بحالة من الاكتئاب نتيجة تعرضنا لمعلومات متضاربة وأخرى مختلقة، والأسوأ هو تعرضنا لمواقف شديدة الحدة فى تصوير أحاسيس بعضها يصفق بشدة والآخر يلعن ويدين بشدة، ومن هنا فأنت فى النهاية لا يمكنك أن تبتلع كل هذه الكراهية التى تجدها فى بعض «البوستات»، كما أنك لا تستطيع أن تبتلع كل هذا التهليل الذى لا يستند إلى حقائق بقدر ما يستند إلى حالة عاطفية.. الواقع أن الكراهية الشديدة والحب الشديد يتفقان فى أنهما حالة مرضية لا تستدعى سوى الإحساس بالقلق، فنحن فى مرحلة لا تستدعى سوى إعمال العقل والاستناد إلى معلومات وحقائق قبل القبول أو الرفض، أما هذه الحالة الهستيرية فهى لا تبنى دولة ولا تنقذ من أزمة طاحنة.
من حق الجميع أن يعبر عن رأيه، على ألا يكون هذا الرأى متوقعا مسبقا، فمن يؤيد يؤيد ومن يرفض يرفض.. هذه حالة من التعنت وراء موقف واحد والإصرار عليه وليس اختبار مدى صحته من عدمها.
نقلا عن المصرى اليوم |
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع |
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا |
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا |
تقييم الموضوع: | الأصوات المشاركة فى التقييم: ٠ صوت | عدد التعليقات: ٠ تعليق |