CET 00:00:00 - 11/04/2009

مساحة رأي

إعداد: نبيل المقدس
كان الطريق من أورشليم إلي أريحا حوالي عشرين ميلاً، وبعدها يصل يسوع إلي هدفه، فقد كانت أورشليم نهاية الرحلة الموضوعة أمامه فقد زار يسوع أورشليم مراراً، ولا بُد أنه كان يفكر هذه المرة في الدخول الإنتصاري... فقد اقترب من العمل الأساسي الذي جاء من أجله، العمل الذي سوف يجريه على الصليب... خطة الفداء خطة موضوعة منذ الأزل، خطة محكمة، فهي لم تكن عملاً فجائياً، ولم تترك الأشياء إلى اللحظة الأخيرة... فقد اتفق من قبل مع أصحاب الأتان, حيث كانت الكلمات المتفق عليها هي "الرب محتاج إليه" كلمات تم اختيارها منذ الأزل.

إن ركوب المسيا على حمار كان علامة السلام، فقد كان الحمار حيواناً نبيلاً في تلك الأيام, ولم يكن محتقراً كما نحتقره اليوم، وقد كان الملوك يركبون الخيول في الحرب ولكنهم يركبون الحمير في أوقات السلام، ولهذا السبب جاء يسوع إلى أورشليم راكباً على حمار... لقد جاء ليعلن أنه صانع السلام وفي نفس الوقت الملك الممسوح، لكن الناس قابلوه بلقب ابن داود وأستقبلوه على أساس ما قاله سليمان في (مزمور 17: 21–25&39) بأنه سيملك على إسرائيل بمنطق القوة حتى يسحق رؤساء الظلم, ويخلص إسرائيل من الأعداء, وبالحكمة سيطرد الخطاة من الميراث, وبقضيب من حديد سيحطمهم, ويزيل الأمم الشريرة وتهرب الأمم من زجره, وستخافه الأمم قدامه لأنه سيضرب الأرض بكلمة فمه إلي الأبد.

هذا هو الملك الذي كان الناس يتوقعونه، فعرف يسوع ما في دواخلهم, ولهذا جاء إليهم وديعاً ومتواضعاً ومعلناً ملك السلام... نعم ناقض كل ما كان يحلمون به، كانوا يريدون تحويل موكب مسيا السلام إلى موكب مسيا الحرب والغزو، لذلك كانوا يهتفون بكلمة (أوصنا) وهي الكلمة التي يهتف بها الناس أمام الفاتح ومعناها (خلص الآن)، فقد جاءت نفس الكلمة في [2صموئيل 14: 4 و2ملوك 6: 26] فهي مناداة إلى الله أن يتدخل بسرعة ويجعل المسيا يحطم الأعداء باقصي سرعة، كما أن من مظاهر استقبالهم للمسيا المنتصر هو التلويح بسعف النخيل وإلقاء ثيابهم على الأرض، وهنا ظهرت شجاعة يسوع العظيمة... دخل أورشليم جهراً، غير متخفياً عن الرؤساء الذين أرادوا قتله، لقد جاء إليهم بل إلينا أيضاً ليخبرهم أن كل ما يتمسكون به خاطيء، لقد كان يريد أن يغيّر مفاهيمهم من أساسها... لكنه لم يفعل ذلك كمحارب غاز، ولكنه بالمحبة والحنان والفداء أراد أن يدعوهم إلى طريق أفضل، ما أشجع المحبة المضحية.

يحتفل المسيحيون بذكرى هذا اليوم والذي يُعتبر هو يوم انتصار الرب يسوع على البغض والكره، وكما فعل اليهود قديماً عند استقباله بالسعف والورود وإلقاء ملابسهم تحت أقدامه, نفعل نحن أيضاً بإحضار سعف النخيل ويتم تشكيله إلى أشكال جميلة ومنه أيضاً يقوم الأفراد بعمل الصلبان وغيرها من الأشكال العجيبة والمتوارثة.

وتحضرني قصة حدثت معي عندما كنت شاباً وأحد قيادات مدارس الأحد بأسيوط... فقد تعودنا في وقتها أن نجتمع نحن الشباب مع أبناء مدارس الأحد يوم السبت بعد الظهر الذي يسبق أحد السعف لكي نساعدهم في تضفير سعف النخيل، وكان يرافقهم أهاليهم، كان الوقت الذي نقضيه جميل ومملوء فرح روحي، وكان الغرض من هذا التجمع هو التجهيز لاختيار أجمل سعفة يتم تضفيرها وتزينها من قبل أبنائنا الصغار، وكان يتم الإحتفال في الإجتماع المسائي ليوم الأحد، حيث تشكل لجنة خاصة تجلس على المنبر ويمر الأبناء أمامهم رافعين السعف إلى أعلى وهم يهتقون "أوصنا.. أوصنا"... المنظر مهيب وجميل، وفرحة الأطفال على وجوههم واضحة وهم يلوحون بالسعف وعلى كل سعفة يُوجد رقم للتمييز بين مجموعات السعف المشتركة في المنافسة، وينتهي الموكب بعد أن تنتهي اللجنة من تسجيل ملحوظاتها لكي يجتمعوا بعد ذلك في حجرة جانبية لكي يرشحوا السعفة التي تستحق أن نُطلق على صاحبها الصغير ضيف الشرف، ويكون له الشرف أن يجلس على المنبر بجوار حضرة القسيس على المنبر حتى نهاية الإجتماع.

وقد تم كل شيء... وانتهت اللجنة من فرز أجمل سعفة، وتم إعلان الرقم الفائز, فتقدمت فتاة صغيرة إلى الأمام ممسكة بسعفة غير مضفرة ولا تدل عليها أن هناك أيادي حاولت على الأقل قص حوافها لكي تعطي شيئاً من الجمال، وحدث تذمر بين أهالي الأبناء كما كانت مفاجأة لنا نحن القادة على هذا الإختيار والذي لا يدل على حسن اختيار اللجنة لأجمل سعفة، صعدت الفتاة وهي ممسكة بسعفتها وبكل جرأة وفرحة أجابت الفتاة على سؤال رئيسة اللجنة... وكان السؤال "ليه انت ما ضفرتيش السعفة زي أصحابك؟؟ " وكانت إجابة الفتاة عظيمة جعلت كل الحاضرين صفقوا لها بحرارة، وتحولت كلمات الإستياء إلى كلمات الحب والإفتخار نحو هذه الفتاة... أجابت الفتاة بلغتها "لما دخل المسيح أورشليم خرجت الناس وهي مش مجهزة السعف, لكنهم قطفوه من (الشجر) وخرجوا بسرعة يستقبلوه عشان هم كانوا منتظرينه من زمان ليخلصهم".

صحيح كلمات صادقة لأنها خارجة من فم طفلة بدون تجهيز سابق, فقد كانت الإجابة مفاجأة لنا، لكن إيمان هذه الصغيرة كان عظيماً لذلك استحقت بأن تلقب ضيفة الشرف، فهي قد عبّرت عن الحقيقة التي يجب علينا جميعنا أن نتخذها... الرب يسوع يطلب منا أن نستقبله في الحالة التي نحن فيها، فقد قال لنا "تعالوا إليّ يا جميع المتعبين وثقيليّ الأحمال وأنا أريحكم" (متي11: 28)

"هنذا واقف على الباب وأقرع, إن سمع أحد صوتي وقتح الباب أدخل إليه وأتعشى معه" (رؤيا3 : 20)
وكل أحد شعانين وأنتم بخير..!!!

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٣ صوت عدد التعليقات: ٢٧ تعليق