بقلم : نبيل المقدس
عندما أخذ إسم البرادعي في الظهور , كان عليّ أن أسأل أفراد الشعب الأصلي حول مَدي معرفتهم بالدكتور البرادعي ... وأقصد هنا بأفراد الشعب الأصلي الذين يضمون جميع فئات الشعب ذوي الحياة البسيطة , ومنهم الطبقة المتوسطة والمثقفة فلم أجدهم ... فقد تحولوا من طبقة كانت تتجول سور الأذبكية حيث يبحثون عن الكتب القيّمة إلي طبقة تتجول قهاوي المنطقة بحثاً عن شِيشة يعمر بها دماغه هرباً من الواقع .
سوف لا أتعرض عن الأسباب التي جعلتهم يتحولون من جالسي قراءة الكتب إلي جالسي شُرب الشِيّش ... فقد إكتشفت أن هذه الفئة تضم شريحتين أساسيتين ... فعندما سألت أنماطا من الشريحة الأولي عن رأيهم في تغيير المادة 76 من الدستور حوّلوا السؤال فوراً إلي ذكريات لبطولات فريق كرة القدم الذي يفضلونه والتي تمت أحداثها في سنة 76 ... ومع كل نَفَس يأخذهُ من هذه الآلة والتي إلتصقت بجسدِهِ وأصبحت جزءاً منهُ أو عضواً من أعضائه , يصف لي أنه كان بإمكان حُسام حَسن في هذا الماتش أن يُحوّل الكرة إلي داخل المرمي لولا حظه السيء. ومما يؤسف لهُ أن حوالي أكثر من 40 % من هؤلاء الشريحة هم من حَاملي الشهادات العالية .
ثم أخذتُ بعضي وإلتجأتُ إلي هؤلاء الذين إعتزلوا الثقافة أو إتخذوها كلام مُسلي يختمون بها جلستهم الشيشية , لكنها بدون أي ثمر ... مجرد ضحك وتأليس ... ومن هذه الفئة تخرج النكات السياسية والإقتصادية والإجتماعية ... وقد جلستُ عدة مرات معهم ... فهم بالحقيقة علي دراية كبيرة بالسياسة والتنبوءات وما يحدث من وراء الستار ... لكنهم إعتزلوا المشاركة الفعالة ... لكنني أعتبرهم مرجع هام لي يمكنني أن أحلل من أفكارهم ماذا يدور في دهاليز السياسة .... وما يضحكني أنهم يقرأون جريدة واحدة تدور كعب داير علي كل واحد فيهم ... ويقرأونها بتركيز شديد طالما الشيشة بين شفايفهم ... والغريب وبالرغم أن الجريدة واحدة لكنني لاحظت ان فكر كل واحد بعد قراءة الجريدة يختلف عن الآخر , وبعد أحاديث, أكثر منها نكت وضحك تنصب كل افكارهم المتنوعة في إناء واحد مكونة فكر واحد جدي و هو نتاج مجموعة هذه الأراء ... وبما أنني لست سياسيا , فأنا فقط أتلقف النتيجة النهائية وأحللها لنفسي .
في إحدي الجلسات معهم بحكم وجودهم بإستمرار علي القهوي التي تقع أمام مكان عملي في منطقة شعبية ... سمعت أحدهم يُلقي علينا بمفاجأة لم تخطر علي بال أحد حيث قال : ( ياخوفي من تغيير المادة 76 من الدستور ... !) إتهموه بالخيانة العظمي " قال يعني هم مهتمون بهذا التغيير " طبعا هذا الإتهام هو ما إلا للضحك فقط ... لكنهم قالوا له : إيه سبب تخوفك من التغيير يافالح ..!!؟ هو إنت خايف لتنكشف ..!! وأخذوا في الضحك وكركرة الشيّش مع أخذ نفس عميق منها , وكأنهم ما صدقوا أن يجدوا موضوع يتكلمون فيه حتي آخر جلستهم وآخر حجر. ووصلوا إلي نتيجة فعلا مقنعة جدا ... وهو أي تغيير في المادة 76 سوف يكون منفذا لدخول جماعة الإخوان إلي الحياة السياسية رسمياً.
عندما نسترجع قراءة هذا البند بعد التعديل سنة 2005 نجده : (((ينتخب رئيس الجمهورية عن طريق الإقتراع السري العام المباشر, ويلزم لقبول الترشيح لرئاسة الجمهورية أن يؤيد المتقدم المستقل للترشيح250 عضواً على الأقل من الأعضاء المنتخبين لمجلسي الشعب والشورى, والمجالس الشعبية المحلية للمحافظات, على ألا يقل عدد المؤيدين عن 65 من أعضاء مجلس الشعب, و25 من أعضاء مجلس الشورى, وعشرة أعضاء من كل مجلس شعبي محلي للمحافظة من 14 محافظة على الأقل, وإستكمال الـ 20 الباقين من المجالس النيابية والمحلية))). هذا الجزء من القانون هو الذي يخص الجماعات التي تطالب بالتغيير وعلي رأسهم مجموعة الدكتور البرادعي ... وهو يريد أن يتقدم إلي ترشيح نفسه للرياسة مستقلا ولم يقبل أن ينتسب إلي أي حزب بحجة ان جميع الأحزاب الموجودة تختلف معه في الفكر وفي المباديء . لكن هذا القانون والموجود حاليا يجعل من الصعوبة أن يتقدم البرادعي للترشيح كمستقل ... فهو يريد محو هذا البند لكي يكون الترشيح للمستقلين متاحاً بدون هذه القيود . طبعا طلب التغيير هو حلم كل فرد ... لكن ما هو نوع التغيير ...؟؟ هل هو تغيير بشر أم تغيير سياسات . ويكمل صاحبنا تخوفه من تغيير المادة ويقول : ماذا لو نجحت المجموعات بالضغط علي الحكومة بتغيير البند 76 ؟؟.
يتوقع صديقنا هذا أنه لو تم التغيير سوف لا نسمع عن مُرشح يُدعي الدكتور البرادعي الرئيس السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية .... بل سنجد وسنسمع عن (الحاج المرشدي حسانين) الرئيس الحالي لوكالة البلح البولاقية .... وأكيد سوف يفوز في إنتخابات الرياسة ... هذا التغيير الذي قامت به مجموعة البرادعي ما هو إلا هدية منهم إلي الجماعة المحظورة , مُقدم علي طبق من الذهب ... فسوف يدخل ( الحاج المرشدي حسانين ) ليس بإعتباره عضواً من الإخوان المحظورة , بل مستقلا حاملا مباديء المحظورة ... ومن الطبيعي وفي ظل هذه الظروف الإقتصادية الصعبة والتي يجتازها الفرد المصري سوف يجد في الحاج حسانين الملاذ الوحيد في حياة كريمة كما سوف يدعيه , و إن لم تكن علي الأرض بل سوف تكون في الآخرة طبقا بما يؤمن فيه .
أخذت أفكر في كلام هذا الصديق ... وإلي مدي إحتمال حدوثه , فوجدتها فعلا يمكن حدوثه , وسوف يرجع الدكتور البرادعي من حيث أتي ... وسوف تختفي الأحزاب وتتواري لأنها ضعيفة ضد هذا التيار المحظور ... ومما يزيد الطينة بلة , هو ما سوف يحدث في الإنتخابات النيابية والشوري والمحلية القادمة , فواضح أن هذه الجماعة المحظورة بدأت تستعد من وقت ما فتح الدكتور البرادعي الطريق إلي الرياسة ومناداته بالتغيير . فبدأت تخطط لكسب أكثر عدد كراسي في هذه المجالس , بينما ماشاء الله نجد باقي الأحزاب ما زالت تغط في نوم عميق , وإعتمدت علي ما تصنعه مجموعة البرادعي ... تاركين توجيه جهودهم كأحزاب منذ نشأتهم للظروف, معتبرين أنفسهم تكملة عدد أو لزوم الصورة ( عشان تطلع حلوة) .
كل ما أرجوه من إخوتي المسيحيين بكل طوائفهم أن يضعوا أمامهم هدفاً واحداً هو المشاركة الحقيقية في العمليات الإنتخابية ... فواضح جدا انه لنا دور فعّال في نتائج الإنتخابات ... لذلك أطالب تكوين مجموعات مسيحية تقودها رجال لهم صلة في الفهم السياسي لتوعية الأفراد المسيحية من خلال قنواتنا المسيحية حول كيفية إختيار وشروط المرشح في المجالس القادمة ... وياليت هذه المجموعة تتبني ولو ساعة يومياً في هذه القنوات لكي تُعلن فيه نبذة عن حياة الأفراد المرشحة في جميع الدوائر بجمهورية مصر بعد الإعلان عنهم ... وتترك المشاهد حرية الإختيار ... وأنا واثق تمام الثقة أن المواطن المسيحي سوف يرشح من هو الذي سيفيد مصر أولاً وسيفيد المواطن المسيحي ثانياً وهذا ليس عيبـــــــــا ً بل اقل واجب نحوه ونحو الوطن ...........!!!!!!!!!!!! |