بقلم: ماجد سمير
يوم الثلاثاء من كل أسبوع يوم عمل صعب جداً في المجلة لأنه يوم اجتماع التحرير وتقديم مادة العدد الجديد، الكل تقريباً بيكون مشدود جداً ورغم الشد العصبي في المجلة إلا أني أتعامل مع كل شيء بهدوء بل ببرود شديد.
أذهب للمجلة في موعدي صباحاً ابدأ في كتابة مادة الباب الصحفي المسئول عنه ولما بيجي موعد اجتماع التحرير بدخل وبعد نهايته بطلع أكمل شغلي وأقدمه للديسك المركزي، وأنزل أروح لكشك أبو العريف أشرب عنده حاجة ساقعة وأسمع أخر فتاويه وأدردش مع أي زميل واقف وأرجع تاني المجلة، وأشوف إذا كان في ملاحظات على المادة أعدلها وأبدأ الاستعداد للمقابلات الصحفية مع المصادر وبعدها أرجع البيت في أخر الليل، هو نفس الجدول في بقية الأيام باستثناء أن بقية أيام الأسبوع موعد حضوري للمجلة متأخر قليلاً.
لا أعرف سبب لإحساسي بالملل من العمل أحياناً بحس أن المهنة من وجهة نظري لا تحتاج لموهبة فالمادة التي تنشرها المجلة وكل الصحف لا إبداع فيها مجرد نقل لأحداث واقعية لأدخل للصحف في حدوثها فالصحفي ناقل للحدث مش أكثر من كدة.
والمشكلة الأكبر في حياتي هي إقناع زوجتي منى بعدم العودة للعمل، كانت صحفية معايا في المجلة وبعد ولادة بنتنا الأولى "يارا" أخذت أجازة من غير مرتب لرعاية البنت وأثناء الأجازة حملت في بنتنا الثانية "ميريت" وأصبحت مشغولة جداً بتربية البنات لكن دلوقتي البنات كبروا.
الأولى في المدرسة مع هادي وهادية ولاد أمجد الساكت وعلياء ومينا أبن أبونا متى ود. مارجريت أما ميريت فهي أصعر منهم بسنتين ومعاهم في نفس المدرسة وزميلة إنجي بنت أسامة مدرس الجغرافيا وجوي بنت أبونا متى الصغيرة.
منى كانت صحفية شاطرة جداً ومميزة في المجلة ولما أتجوزنا الكل قال إني أقل منها في المهنة وبعد ما أخذت الأجازة لرعاية البنات قالوا إني بغير جداً من نجاحها وقعدتها في البيت لأني أقل منها موهبة، ورغم إني شخصية هادية جداً وصعب استفزازي إلا أني انفعلت جداً على بعض الزملاء وانتهى الموضوع إني قللت كلامي مع عدد كبير من الزملاء إلا يسري أبو الدهب وحسين المصري.
كل يوم تقريباً منى بتحاول إقناعي برجوعها للشعل وكذا مرة كل أصحابنا بيحاولوا إقناعي لكني مش برضى لحد ما حصل إنها قالت لي إن رفضي رجوعها ها يخليها تصدق اللي بيتقال إني بغير من نجاحها، وإتنرفزت جداً وقالت لي إني صحفي مش موهوب كمان لولا إني قريب رئيس مجلس إدارة المجلة ماكنتش أتعينت وإن المهنة مستواها قل بسبب وجود الموظفين أمثالي فيها، وحصل بينا مشكلة كبيرة جداً ولمّت هدومها وراحت لبيت والدها ولما وصلت هناك والدها قالها مايصحش تسيبي بيتك وأتصل بيا وقال لي تعالى خذ مراتك فوراً.
موقف والدها كنا في صفي ورفض رجوعها الشغل وقال لها إن الراجل ومراته مهما يختلفوا مع بعض ماحدش فيهم يهين الثاني وأنتي غلطانة، موقف والدتها كان أهدى شوية من والدها وطلبت مني إني أفكر في رجوعها الشغل لا الصحافة بالنسبة ليها حياة مش عمل بس.
منى بعد الموقف دة اعتذرت لي ومابقتش تتطلب مني الرجوع للشغل تاني، لكن أنا حسيت بعدها إن في حاجة أتكسرت في علاقتنا فكرت إني انفصل عنها لكن وجود البنات خلاني لغيت الفكرة تماماً، فضلت الأيام تعدي ومعاها بتزيد الحاجز النفسي بيني وبينها وبقت حياتي سواء في المجلة أو في البيت مملة ومن غير طعم، ميريت حاسة جداً بأني متغير وكانت دايماً بتسألني ليه يا بابا مش بتهزر وتضحك زي الأول حتى ماتشات الكورة مابقتش بتفرج عليها في البيت، ويارا فكان الحزن في عينها لكن مش بتتكلم، أما منى اللي حاولت كتير تصلح العلاقة لكن أنا كنت برد بشكل روتيني زي ما قالت لي كلام حلو لكن بدون روح أنت بتعاقبني بقسوة أنا غلطت لكن أنت عارف إني بحبك.
أول ما قالت لي الكلمة دي أنا حسيت إني ماحبتهاش أنا أتعودت عليها كان نعرف بعض من وإحنا أطفال والدي كان مدير فرع الفيوم في نفس الشركة اللي والدها بيدير فرع الجيزة بتاعها كنّا بنزور بعض على فترات ولما دخلت الجامعة والدي أخذ شقة اللي جنبهم وزادت علاقتنا لحد ما تجوزنا، أسامة لاحظ الفتور في علاقتنا ضحك وقالي إيه هو أنت أتجوزت منى عن طريق مكتب التنسيق وحسب التوزيع الجغرافي دخلت كلية التجارة وأتجوزت من الجيزة.
فعلاً أنا دخلت كلية تجارة لأن مجموعي مكنش يجيب إلا كدة ودخلت قسم محاسبة رغم إني عمري ما حبيت المحاسبة علشان والدي قال لي ممكن نعينك بعد كدة محاسب في الشركة، واشتغلت فعلاً فيها محاسب سنتين لحد لما ابن عم أمي نجح في انتخابات مجلس إدارة المجلة وقال لوالدي إنه ممكن يشغلني في المجلة بدل الشركة اللي كانت ها تتباع لمستثمر هيغير نشاطها وهيستغنى عن كل العمال والموظفين اللي فيها، ولما أخذت أوراقي للمجلة لاقيت قريبي هناك وإتعينت فيها صحفي في قسم الاقتصاد ورغم أني ماليش في المهنة إلا إني بقيت صحفي متخصص في الاقتصاد وبعد سنتين شغلت منى اللي خلصت كلية إعلام في المجلة ولفتت النظر بشدة لتفوقها الواضح.
ومفيش سنتين كمان أصبحت منى أشطر صحفية في المجلة وأنا بقيت رئيس قسم الاقتصاد مش عارف أزاي وأستمر نجاح قريبي في رئاسة مجلس الإدارة، أسامة صدق جداً في تعبير كله حسب مكتب التنسيق تماماً مثل عبده على ما تفرج الراجل فضل يعمل كل حاجة ومستني الفرج لكن أنا مش مستني أي حاجة لأن حياتي كلها ماشية حسب مكتب التنسيق. |