بقلم: محمد عبد الفتاح السروري وذلك في الدعوى التي أقامتها والدتهما "كاميليا لطفي جاب الله" تحت رقم 54471، ضد كلاً من وزير الداخلية، ورئيس مصلحة الأحوال المدنية بصفتيهما، للمطالبة بإعادة شهادات ميلاد التوأمين إلى الديانة المسيحية، مع بطلان تغيير شهادتي ميلادهما قسرًا من المسيحية إلى الإسلام بناءً على طلب والدهما، خاصة وقد بلغا الـ15 عامًا شرعًا وقانونًا. كاميليا عبّرت عن حزنها بالبكاء، مؤكدة أنه فور معرفة طفليها بالحكم أصيبا بحالة نفسية سيئة، وأنهما قالا لها "ليه كدة، الدين مش بالعافية وإحنا مسيحيين ومش عايزين نبقى مسلمين". كاميليا أشارت أيضًا إلى أن أسوأ كوابيسها تحققت، فهي كانت تعتقد أن القضاء سينصفها في مشكلتها التي مرَّ عليها ما يقرب من 10 سنوات، والتي ستتفاقم بعد 3 شهور مع ضرورة إصدار بطاقات رقم قومي لطفليها أندرو وماريو، مؤكدة أن الحياة ستظل متوقفة بالنسبة لهما). عندما قرأت هذا الخبر أخذني الخاطر كل مأخذ وبلغ بي العجب مداه وبتتبع أصل القضية أن والد الطفلين قد أعتنق الإسلام لفترة من الزمن ثم عاد إلى المسيحية مرة أخرى ولكن بعدما ثبت في الأوراق الرسمية أنه مسلم.. المهم في الموضوع أن الطفلين في هذه الحالة صارا مسلمين بالتبعية لأبيهما، ولكن الواقع غير ذلك فلقد نشأ الطفلين وترعرعا في بيئة وأسرة مسيحية تقيم شعائر الدين المسيحي ولازلت الأم على المسيحية لم تبرحها ولكن القانون المصري يأبىَ أن يعترف بهذه الحقيقة مفضلاً النصوص الورقية على مقتضيات الواقع الفعلي الذي ينفى ويلغى هذا الحكم الغير مفهوم. صحيح أن الدخول والخروج من الأديان لا يجب أن تكون لعبة يمارسها من يضيق بحياته ولكن المفارقة في هذا الموضوع أن الذي يتحمل نتائج القرار الذي أتخذه الأب هي الأسرة بأكملها سواء كانت الزوجة الحائرة أو الطفلين التائهين بين الديانتين. المنطقي والمفهوم أن ينزل عقاب القانون على هذا الأب الذي لا يعرف قدر المسئولية الملقاة على عاتقه ولكن بأي حق وبأي منطق تتحمل أسرته تبعات هذا القرار الذي لم تشاركه في اتخاذه؟؟ بل الأقرب أنها رفضته من الأساس. والسؤال البديهي الذي يطرح نفسه هنا ماذا لو حدثت هذه الحادثة في بلدًا أوروبيًا ولكن بطريقة معكوسة؟ بمعنى إننا نفترض أن هناك أحد من الآباء تحوّل إلى المسيحية وظل أبناؤه على الإسلام وعندما آن أوان بلوغهما واستخراج أوراقهما الشخصية إذا بالقانون يأبىَ إلا أن يكون الأبناء في هذه الحالة مسيحيين مثل والدهما.. تُرىَ ما هو موقف الرأي العام الإسلامي آنذاك؟ هل سيقف بجانب القانون كما يقف بجانبه مثلما الحال في قضية أندرو وماريو أم سيقف الرأي العام الإسلامي وقتها إلى جانب حق الأبناء في البقاء على الإسلام خاصة وإن الأم –افتراضًا- لازلت مسلمة؟؟ شيء غير مفهوم وغير مبرر وغير منطقي!!! أبناء ولدوا على المسيحية ونشأوا في كنف أم مسيحية حتى أسرة الأب لا تزال حتى هذه اللحظة أسرة مسيحية، أي أن أعمام وعمات وأخوال وخالات هذين الطفلين جميعهم على الديانة المسيحية، والطفلين ذاتهم لا يشعرون ولا يريدون اعتناق الإسلام ومع كل ذلك يأبىَ القانون أن يعترف بحقهما الطبيعي والفطري والمنطقي بل والبديهي أيضًا. عاقبوا الأب كما تشاءون فهو يستحق العقاب بالفعل ولكن الأبناء ومعهما أمهما لا ذنب لهما في لهو هذا الأب بالأديان. وكما لا يقبل المسلمون أن يكره أحد على ترك دين أبائه فمن الحق أيضًا أن لا يقبلون على أن يكرهوا أحدًا على اعتناق الإسلام حتى لو حكم القانون بذلك لأن الدين لا يتم اعتناقه بناءًا على حكم قضائي ولكن بناءًا على القناعة والتمكن من الذات وهو الشيء الغير متوفر في حالة أندرو وماريو. هل نحن لازلنا في حاجة أن نتذكر هذه البديهيات؟؟!! على ما يبدو أننا لازلنا نحيا في مرحلة ما قبل البديهيات!!! |
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا |
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا |
تقييم الموضوع: | الأصوات المشاركة فى التقييم: ١ صوت | عدد التعليقات: ٣ تعليق |