بقلم : هاني رمسيس
بادئ ذى بدء ، لابد من إيضاح الآتى :
أولاً : الأقباط ليسوا جماعة سياسية أو حزبية أو جغرافية أو حتى عرقية ، لكنهم جماعة وطنية من شمال البلاد إلى جنوبها جغرافياً ، و من يسارييها إلى ليبرالييها سياسياً ، منهم التجمعى و الوفدى و الغدى والناصرى و الجبهوى و من ينتمى للحزب الوطنى ، ومنهم المستقل ، و منهم من أسقط السياسة من حسابه ككثير من المصريين المسلمين .
منهم من يمارس السياسة فى الشارع ، و منهم من يمارسها فى المكاتب ، و منهم من يمارسها على حوائط الفيس بوك .
ثانياً : ظاهرة البرادعى هى ظاهرة تستحق و تفرض على الأقباط التأمل و التواجد و الحضور ، التأييد و الإختلاف ، الشد و الجذب ، النقاش و فتح كل ملفات الديمقراطية و الحرية و حقوق الأقلية و العدالة الإجتماعية .
أما موقف المتفرج فهو مرفوض تماماً ، و هو خسارة لا تعوض .
ثالثاً : يخطئ من يظن أن المكسب من تأييد البرادعى ، لا يتأتى إلا و فقط فى حالة فوزه برئاسة مصر ، أما فى حالة خسارته ، فالخسارة ستلحق بمويديه و خاصة الأقباط .
أقول إن حتى فشله فى الترشيح يُعد مكسباً .
لذلك و للأسباب الآتية أرى أن تأييد الأقباط للبرادعى هو مسألة حتمية و ضرورية :
أولاً : من ناحية البرادعى :
1- البرادعى هو الطريق الثالث و هو البديل عن كل من الخيارين اللذين احلاهما مرّ ، الحزب الوطنى و الإخوان .
2- عمل البرادعى فى رئاسة منصب دولى و حياته فى الغرب أهلته ليكون علمانى المنهج و غربى التفكير فى كيفية سياسة الدول .
3- من يتتبع حوارات البرادعى ، يدرك هدوءه و بُعده عن الشعارات الجوفاء و النداءات الحنجورية الدينية و العروبية و القومجية .
4- البرادعى ينادى و يعمل على خلق حالة سياسية إجتماعية ، أكثر من سعيه إلى منصب ، فهذه الرغبة المُلحّة فى التغيير، و هذا الإلتفاف المصرى من كل أطياف الشعب الذى يشبه الإلتفاف المصرى حول سعد زغلول . هو فى الحقيقة حالة من التصالح مع الليبرالية و مع الوطنية المصرية الخالصة ، وعلى الأقباط إثبات الذات و أن يكونوا مكوناً أساسياً فاعلاً و منتجاً و حارساً لهذه الحالة .
ثانياً : من ناحية الأقباط :
1- تأييد الأقباط للبرادعى هو رسالة صارخة فى وجه النظام المصرى ، و فك لهذا الإرتباط الإجبارى بين الأقباط و الحزب الوطنى .
2- تأييد الأقباط للبرادعى هو شهادة بلوغ الأقباط لسن الرشد السياسى ، الذى سيعمل على تخفيف ضغوط الدولة على الكنيسة ، ويرفع الحرج من على الكنيسة فى علاقتها بالدولة ، فالأقباط لم يعد لهم وصىّ سياسياً .
3- تأييد الأقباط للبرادعى هو رسالة إلى كل مسلمى مصر من مُؤيدى البرادعى مفادها أننا فى خندق واحد ، لدينا مشروع واحد و هدف واحد ، حلم مشترك و هموم متقاسمة .
4- تأييد الأقباط للبرادعى هو إعلان علمانية و مصرية الحالة البرادعية ، و هو حراسة لها من الإختطاف من الإسلاميين و القوميين والعروبيين .
5- تأييد الأقباط للبرادعى سيفتح كل ملفات المواطنة و الحرية الدينية بصراحة ، حتى تذوب الحساسية المفرطة تجاه هذا الملف ، و يجد مؤيدو البرادعى أنفسهم بين خيارين إما القبول بالبرادعى و حلم التغيير كما هو بعلمانيته ، و إما الرضا بالحزب الوطنى .
6- تأييد الأقباط للبرادعى هو حراك قبطى سياسى له إيجابياته ، و إبعاد فرضية السلبية السياسية للأقباط كسبب لتهميشهم .
لهذا و لغيره و حتى – كما كتبت سابقاً- لا تظل دماء إخوتنا تهرق متفرقة بين الحزب الوطنى والإسلام السياسى ، أدعو الأقباط إلى تأييد البرادعى .
فلا يمكن أن يحتوينا كيان سياسى واحد ، يضمنا و يضم فى عضويته سرور و الغول و الكمونى .
h_ramsis@yahoo.com |