CET 00:00:00 - 15/04/2010

مساحة رأي

بقلم : نبيل المقدس                                
لِتَخْضَعْ كُلُّ نَفْسٍ لِلسَّلاَطِينِ الْفَائِقَةِ، لأَنَّهُ لَيْسَ سُلْطَانٌ إِلاَّ مِنَ اللهِ، وَالسَّلاَطِينُ الْكَائِنَةُ هِيَ مُرَتَّبَةٌ مِنَ اللهِ، 2 حَتَّى إِنَّ مَنْ يُقَاوِمُ السُّلْطَانَ يُقَاوِمُ تَرْتِيبَ اللهِ، وَالْمُقَاوِمُونَ سَيَأْخُذُونَ لأَنْفُسِهِمْ دَيْنُونَةً. رومية 13: 1- 2.
 بعض من رجال الكهنوت والكنائئس ينصحون و ينبرون شعبها أن لا  يتداخلوا في الأمور السياسية. لأننا لسنا من أهل هذا العالم, بل غرباء وسياحًا فيهِ فقط , ومن المعلوم أن الغرباء المسافرين في مملكةٍ ما ... لا يتداخلون في أمور سياستها، بل إنما يقومون بالمطلوب منهم ويستمرُّون في طريقهم. يجب أن نقدم كل الاعتبار والإكرام للملك الذي أقامهُ الله . وإذا وقع علينا اضطهاد من قبل الحكومة لأجل اسم المسيح لا نقدر ولا نريد أن نقاوم بالقوة لأن لا يوجد سيف بأيدينا. نطيع الله على كل حال تاركين أمرنا في يدهِ.  لكن السؤال هنا هل هذا الكلام من قبل رجال الدين برمته حقيقي ؟؟؟  والإجابة علي هذا السؤال هو نتاج الإجابة علي السؤال التالي .... ماذا لو كانت السلاطين الفائقة لا تعبد الله ...  وبناء عليه لا تعترف بما يُسمي بترتيب الله . بل بالقضاء والقدر ....؟؟؟؟؟؟
نحن نجد في سفر دانيال درسا عظيما علي العصيان ضد السلاطين عندما يقع علينا جور علي حياتنا الروحية وأيضا علي حياتنا المادية ... و بالرغم أن دانيال كان يُعتبر من الذين سبوا إلي بابل , أي انه كان في ارض الغربة , لكنه قاوم السلاطين في سبيل الظلم الذي وقع عليه من السلاطين ( نبوخذناصر) ... وهذا عندما أمر نبوخذناصر الملك جميع الشعوب والأمم من كل لغة ولسان , أن ينحنوا ويسجدوا للتمثال الذهبي الذي صنعه , عندما يسمعون اصوات البوق والناي والعود والقيثارة المثلثة والمزمار وكل انواع الموسقي. كل الشعوب سجدت فيما عدا شدرخ وميشخ وعبدناغو ... حيث لم يأبهوا ويسجدوا لهذا التمثال . مما اضطر نبوخذناصر إلي طرحهم في آتون النار المتقدة .دانيال 3 .  

 كما نجد في سفر 6 لدانيال مدي مقدار عصيان دانيال للملك وعدم اتباعه الشريعة التي وقـّع عليها الملك داريوس التي تحوي أمرا صارما يُعلن فيه "أن كل من يرفع طلبة إلي إله أو انسان سوي الملك داريوس ولمدة ثلاثين يوما يُطرح في جب الأسود" ... لكن دانيال عصي امر السلطان ( الذي هو من تدبير الله ) كما تقول الآيات التي ذكرتها في اول المقال ... حتي أن الملك داريوس غضب غضبا شديدا وأمرهم أن يطرحوه في جب الأسود.
    كذلك لدينا المثل الأعظم والذي تمثل في عصيان السيد المسيح لأوامر وشريعة الفريسيين والكتبة ... ووقف يتحداهم بالرغم انهم كانوا في ذلك الوقت رؤساء الشعب اليهودي ( أي انهم من تدبير الله ) ... لكن يسوع وقف مقاوما لهذه الشريعة , وتحداهم في نصوص شريعتهم ... ولم يتخاذل أو يستكين عندما رأي الظلم والإستعباد من قبل الرؤساء ... فعندما نتابع مواقفه ضد الشريعة في إنجيل متي  5  , نجده أنه لم يكتفي بمحاكمة القاتل فقط بل لمن يقول لأخيه يا أحمق يستحق نار جهنم . ولم يكتفي بالنهي عن الزنا وعقابها كما تقول الشريعة ... بل قال كل من ينظر إلي إمرأة اخيه بقصد الشهوة , فقد زنا بها . كما أنه منع الطلاق حتي ولو اعطي الرجل لزوجته وثيقة طلاق . فما فعله يسوع في هذه اللحظة هو المطالبة بتغيير الدستور والشريعة إلي الحياة الأفضل والتي كانت لاتناسب الحياة الروحية و الإجتماعية والأخلاقية , وأيضا السياسية بمقولته أمام الرؤساء " لا تقاوموا الشر بالشر " كما طالبهم بأن "يحبوا أعدائهم ".
    كما نجد يسوع يقف ويعلم الرؤساء حب الآخر والرحمة لمن هم أقلية من خلال قصة الرجل السامري ... لوقا 10 : 25 - 37 . والمرأة السامرية ... يوحنا 4 . وما زلنا نري السيد المسيح يقف أمام الفريسيين ومعلمي الشريعة يوبخهم قائلا :   [ ... الويل لكم ياعلماء الشريعة فإنكم خطفتم مفتاح المعرفة , فلا انتم دخلتم ولا تركتم الداخلين يدخلون.] 11لوقــا : 27 - 52. 

ولا ننسي تعليم المسيح لنا بأن لا نترك حقوقنا تذهب هدر بل علينا الجري والسعي والإلحاح للسلاطين لرفع الظلم ... وكان اعظم مثال اعلنه السيد المسيح لنا لكي نطبقه في حياتنا الروحية والعملية هو مثل الأرملة والقاضي , فقد ملّ القاضي من إلحاح الأرملة التي كانت تأتي إليه كل يوم قائلة له : إنصفني من خصمي ... إنصفني من خصمي .... حتي انصفها القاضي لأنها كانت تزعجه وتسبب له الصداع . لوقــا 18 : 1 - 8 . أليس هذا نوع من المطالبة بالحقوق من السلاطين ..؟؟

لذلك عندما نتمعن في الآيات الأولي رومية 13 : 1 - 2 نجد أن [السَّلاَطِينُ الْكَائِنَةُ هِيَ مُرَتَّبَةٌ مِنَ اللهِ]  ... تعني السلاطين والحكام الموجودين حاليا ... لكن ماذا عن السلاطين الذين يأتون بعد ... واضح أن الله يرتب كل الأشياء لخير الشعوب ... لكنه ضد التقاعس والإنتظار منا لمن هو الحاكم الآتي .... فقد كانت المسيحية هي أول من نادت بعملية الإنتخابات , وليست بعملية المبايعة أو الرضا بالموجود ... ففي  سفر أعمال الرسل 6 : 2-4 [ فدعا الإثنا عشر جمهور التلاميذ وقالوا لا يرضي أن نترك نحن كلمة الله ونخدم موائد, فإنتخبوا أيها الإخوة سبعة رجال منكم مشهودا لهم ومملوئين من الروح القدس وحكمة فنقيمهم علي هذه الحاجة, أما نحن فنُواظب علي الصلاة وخدمة الكلمة.] 

فقد كان في امكان الرسل تعيين أو مبايعة اشخاص معينة لهذه المهمة ... لكن ترتيب الله اوحي بطرس بكلمة انتخاب لكي يكون التعامل بالروح القدس الذي يملأ شعب الكنيسة . ومن بعدها بدأت عمليات الإنتخاب نتاج من نتائج تعاليم الروح القدس للتلاميذ لجميع الأمم حتي وقتنا هذا ...! كما نري أن جميع الدول التي نالت الحرية واصبحت متقدمة ومتطورة في جميع نواحي الحياة هي بسبب عمليات الإنتخابات القائمة علي اسس سليمة.
    أنا أتصور بل اثق أن عملية المبايعة او طلب استمرارية السلاطين إلي مدي الحياة  ليست من الروح القدس وليست من تدابير الله ... لأن المبايعة أو إجبار الشعب عن مبايعة او تذكية إجبارية لشخص ما للرياسة ما هو إلاّ من عمل الإنسان ... وليس من تدبير الله !!!

اتمني من المؤسسات الدينية بكل طوائفها أن ترفع أياديها عن السياسات , لكن لست ضد أي رجل دين ان يلقي برأيه .... لكن يبدي رأيه كرأي شخصي , وليس وكيلا عن شعب ملته , كذلك لا يُنشره علي الملا ... وعليه أن لا يرفض الحكمة ففي امثال 24 : 23 - 25 ... محاباة الوجوه في الحُكم ليست صالحة , من يقول للشرير انت صديق تسُبُهُ العامة , تلعنه الشعوب ... أما الذي يؤدبون فينعمون وبركة خير تأتي عليهم. "
أخيرا ... أقول: أن وجود المعارضة الإيجابية هو أمر صحي لجميع الدول التي تريد السلام والرفاهية ......!!!!!!!!!!

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ١٥ صوت عدد التعليقات: ١٩ تعليق