CET 09:51:22 - 15/04/2010

أخبار عالمية

العربية.نت - رمضان بلعمري

لم يعد بإمكان كثير من الجزائريين حمل الجريدة والدخول بها إلى البيت، مثلما جرت عليه العادة منذ سنوات، ليس لأنها تتضمن مقالات سياسية ممنوعة وإنما لكونها أصبحت "حبلى" بأخبار الإثارة والعنف، ولا تتوانى في نشر صور فاضحة لفتيات شبكات الدعارة التي يتم القبض عليها، أو حتى صور ضحايا الاعتدءات الإجرامية الصادمة كعمليات القتل العمد أو حوادث المرور الخطيرة.

بعض الصحف أرسلت صحافييها لتغطية أخبار المحاكماتوإلى وقت قريب كانت الصحف تركز بشكل كبير على الأخبار ذات الشأن السياسي وأخبار المعارضة خصوصا قبل أن تتحول مؤخرا إلى تتبع أخبار العنف والجنس. فخلال السنوات الثلاثة الماضية، دأبت عدة صحف يومية إخبارية، توزع مئات آلاف النسخ يومياً، على تتبع أخبار الجنس والعنف بشكل ملحوظ، حتى أصبحت طبقا رئيسيا في "وجبة" الأخبار التي تقدم للقراء، فتقرأ مثلا خبر عنوانه "مراهق يقتل أمه بساطور من أجل مائتي دينار"، وخبرا آخر من قبيل "إمام يعتدي على طفل في مقصورة المسجد"، أو كالخبر الذي نشرته قبل أيام جريدة يومية على صدر صفحتها الأولى بعنوان "محام يمارس اللواط مع عامل في مرحاض محطة لنقل المسافرين".

ووقفت "العربية نت" على مشهد تنازع طالبين جامعيين وهما يتقاذفان جريدة وكل منهما يستحلف الآخر بألا يأخذها معه، وعندما استفسرنا عن السبب قال (ح. بدرالدين) وهو طالب إعلام سنة رابعة بكلية العلوم السياسية والإعلام في بن عكنون: "نحن مجبرون على شراء الصحف وعما قريب سأتخرج من الجامعة، لكنني بصراحة أشعر بالحرج من قراءة هذه الأخبار فكيف بكتابتها".
عودة للأعلى

المحاكم.. مصدر مهم

ومن اللافت أن الصحف الجزائرية اليومية في إطار التنافس الإعلامي بينها لجأت إلى "منجم" كبير لأخبار الجريمة والعنف والإثارة، ويتعلق الأمر بأخبار المحاكمات التي تجري يوميا في قاعات المحاكم، والتي تحتوي على عشرات القصص الصحفية المثيرة.

لذلك، أصبحت الجرائد تنتدب صحفيين لها مهمتهم الأساسية جمع أخبار الجريمة والخلافات الزوجية وأخبار الاعتداءات الجنسية.

ويؤكد عبد الرحيم، وهو صاحب كشك لبيع الجرائد بحي حيدرة بالعاصمة، في حديثه لـ"العربية نت" أنه بحكم تعامله اليومي مع قراء الصحف فقد نقل عنهم انزعاجهم الشديد من تركيز صحف إخبارية على الإثارة والعنف، مؤكدا أنه "امتنع منذ مدة عن أخذ صحف يومية بعينها للمنزل بعدما وقف ذات مرة على صور صادمة لمجزرة تسبب فيها شاب بولاية خنشلة منشورة في الصفحة الأولى، وصور شبكة دعارة".
عودة للأعلى

الإثارة ضرورة

في المقابل، يشير رئيس تحرير صحيفة "الشروق اليومي" محمد يعقوبي، في حديثه لـ"العربية نت" إلى أن "الإثارة جزء من العمل اليومي في الجريدة ونحن نركز عليها ونستعملها في أخبار كالرياضة والمجتمع"، نافيا في الوقت نفسه "تصيّد هذا النوع من الأخبار لنشرها في الصحيفة بغرض زيادة المبيعات، والدليل هو الإعراض عن نشر الكثير من الصور الصادمة والفاضحة والقصص الصحفية التي تصل الجريدة ولا يتم نشرها"، على حد قوله.

أما رئيس تحرير صحيفة النهار الجديد اسماعيل فلاح، فيؤكد لـ"العربية نت" أن "نشر خبر محام يمارس اللواط مع عامل في محطة الحافلات هو إخبار الناس بأن الجرائم لم تعد حكرا على فئة معينة في المجتمع"، موضحا في مقام آخر أن "الشعب الجزائري أصبح مصدوما بسبب فترة الإرهاب وليس بسبب صور الجنس"، وزاد قائلا"من ينتقدنا عاجز عن منافستنا ونحن لم نكتب قصص من نسج الخيال ولا نضخم الأشياء".
عودة للأعلى

فهم خاطئ

لكن الإعلامي الجزائري المخضرم محمد بوازدية له رأي مخالف تماما، حيث يقول في الموضوع لـ" العربية نت" أن البعض فهم بأن رواج الصحافة يتأتى من تعقب أخبار الغرائز والعنف والرياضة، مضيفا"هذا لم يكن من قبل في الجزائر لكنه اليوم أصبح أمرا واقعا وأعتقد أن الظاهرة جديدة ولها علاقة بتدهور القيم في المجتمع والصحافة تعكس ما يجري في المجتمع".

ويستدرك بوازدية بالقول "في أوروبا هناك صحف متخصصة في أخبار الجنس وهي تصدر بشكل يومي ولديها مبيعات ضخمة، ولكن الكثير من رؤساء التحرير والصحفيين دفعوا الثمن في أوروبا جراء المس بالحريات الشخصية".

بالنسبة لنا في الجزائر، يواصل بوازدية الحديث قائلا أن "نشر أخبار الجنس يدخل في خانة التفسخ الأخلاقي، لأنه في وقت مضى كان الدين يمنع الناس بصورة تلقائية من تناول قضايا فاضحة تمس بأخلاق المجتمع ونشرها، أما اليوم فيبدو أن بعض الصحافة بدافع المال تجاوزت هذا الحاجز".

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٠ صوت عدد التعليقات: ٠ تعليق

خيارات

فهرس القسم
اطبع الصفحة
ارسل لصديق
اضف للمفضلة

جديد الموقع