أصدرت محكمة القضاء الإدارى بكفر الشيخ برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة حكما عالميا لصالح الأمة الإسلامية أظهرت فيه المحكمة أن حقوق الانسان فى الشريعة الغراء هى حقوق عالمية، واجاز للمراة العاملة حقها فى ارتداء النقاب فى اماكن الوظيفة العامة باعتباره جزئا اصيلا من حقوق الانسان مستلهمة روح الشريعة الاسلامية السمحاء.
وأكد خبراء دوليون ان هذا الحكم يعتبر وثيقة من وثائق الدولة المصرية ردا على مزاعم منظمة هيومان رايتس ووتش الامريكية عن انتهاك حقوق الانسان فى مصر ودليل قاطع على كشف الوجه الاوروبى حول المفاهيم المغلوطة عن الاسلام والمزاعم الواهمة عن انتهاك حقوق الانسان فى مصر وان كل اجراء تتخذه الحكومة المصرية خاضع لولاية ورقابة القضاء المصرى الشامخ .
وقضت المحكمة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية المستشارين عبد الحميد متولى وزكى الدين حسين نائبى رئيس مجلس الدولة بالغاء قرار قرار وزير الصحة بتفويض وكيلة وزارة الصحة بمنع المدعية امال محمد ابراهيم من ارتداء النقاب اثناء ممارستها لعملها كممرضة بمستشفى سيدى سالم المركزى , وما يترتب على ذلك من اثار اخصها الزام وزارة الصحة بتمكين المدعية باداء عملها مرتدية النقاب كحرية شخصية مع التزامها الجوهرى بالزى الموحد للمرضات على مستوى الجمهورية والزمت الحكومة المصروفات.
وقالت المحكمة ان المشرع الدستورى اقر بان دين الدولة الاسلام ومبادئ الشريعة الاسلامية المصدر الرئيسى للتشريع ورصد الحقوق الشخصية فى بوتقة الحقوق الطبيعية التى لا يسوغ المساس بها وساوى فيها بين سائر المواطنين ذكورا واناثا مسلمين واهل الكتاب واطلق حرية الاعتقاد الدينى وحرية ممارسة الشعائر الدينية لهم.
واضافت المحكمة انه اذا كان ارتداء النقاب بالنسبة للمراة المسلمة هو احدى مظاهر الحرية الشخصية فان هذه الحرية لا ينافيها ان تلتزم المراة المسلمة وفى دائرة بذاتها فى الاماكن الحكومية العامة بالقيود التى تقدمها الجهة الادارية او المرفق على الازياء التى يرتديها بعض الاشخاص فى مواقعهم من هذه الدائرة لتكون لها ذاتيتها فلا تختلط بغيرها , بل يستقلون فى مظهرهم عمن سواهم ليكون زيهم موحدا متجانسا ولائقا بهم دالا عليهم ومعرفا بهم وميسرا صور التعامل معهم حتى لا تكون دائرتهم نهبا لاخرين يقتحمونها غيلة وعدوانا ليلتبس الامر فى شأن من ينتمون اليها حقا وصدقا , كما هو الشأن بالنسبة للقوات المسلحة والشرطة والمستشفيات وغيرها , وترتيبا على ذلك فان المراة المسلمة التى ارتضت النقاب لباسا لها- اخذا بحريتها الشخصية -عليها ان تلتزم بما تفرضه الجهات الادارية من ازياء على المنتمين لها فى نطاق الدائرة التى تحددها ان هى رغبت فى الاندراج ضمن افراد تلك الدائرة .
وذكرت المحكمة ان اسدال المراة النقاب او الخمار على وجهها ان لم يكن واجبا شرعا فى رأى فانه فى رأى اخر ليس محظورا شرعا ولا يجرمه القانون كما لا ينكره العرف ويظل النقاب طليقا فى نطاق الحرية الشخصية ومحررا فى كنف الحرية ومن ثم لا يجوز حظره بصفة مطلقة او منعه بصورة كلية على المراة لما يمثله هذا الحظر المطلق او المنع الكلى من مساس بالحرية الشخصية فى ارتداء الملابس ومن تقييد لحرية العقيدة ولو اقبالا لمذهب ذى عزيمة او اعراضا عن اخر ذى رخصة دون تنافر مع قانون او اصطدام بعرف بل تعريفا وافيا لصاحبته ومظهرا مغريا بالحشمة ورمزا داعيا للخلق القويم عامة فلا جناح على امراة اخذت نفسها بمذهب شدد بالنقاب ولم ترتكن الى اخر خفف بالحجاب ايا كان الراى فى حق المشرع الدستورى فى الانتصار لمذهب شرعى على اخر فى مسالة ادخل فى العبادات اسوة بحقه هذا فى نطاق المعاملات.
وأكدت المحكمة ان الاوراق كشفت عن ان المدعية مرتضية وملتزمة لدعوى كل راغب فى التحقق من شخصيتها لدى دخولها مقر عملها بالمستشفى والاقسام الداخلية كما انها ملتزمة بالزى الموحد للتمريض شأن قرنائها لكنها ترتدى النقاب فوق الزى الموحد لمهنة التمريض , كما ان الاوراق قد اجدبت مما يفيد ان ارتداء المدعية لزيها الاسلامى يؤثر سلبا على ادائها لمهمام وظيفتها او يعوق ادائها لها مما يكون معه القرار المطعون فيه مخالفا لاحكام الدستور لما تضمنه من مساس بحرية المدعية الشخصية وما يلائمها من ملابس فلا اجبار على المدعية ان شاءت ارتدت النقاب اخذا بالمذاهب المتشددة التى تستوجب لزومه او خففته بالخمار اخذا بالمذاهب المخففة التى تستوجب الخمار او تطرحهما جانبا وتسدل شعرها على جسدها دون حاجب له وفقا لحريتها الشخصية التى كفل الدستور تنظيمها.
واضافت المحكمة الى انه لا عبرة بما ذكرته وزارة الصحة من ان ارتداء الممرضة النقاب له مردود سلبى لعدم التواصل بين الممرضة والمريض فذلك مردود عليه بان العلاقة بين الممرضة والمريض هى علاقة نفسية محسوسة قوامها العطاء والقدرة على البذل ووجود الممرضة حيث يطلب المريض ووقتما يشاء وليست علاقة مادية ملموسة تستلزم رؤية المريض لوجه الممرضة , فاظهار الوجه ليس من ادوات تقديم خدمة التمريض الطبية , فضلا عن ان الرعاية العلاجية المقدمة بقسم الطب العلاجى لا تستدعى التواصل بين المريض والممرضة على نحو تكشف فيه له عن وجهها بقدر ما تستلزم ضمان اداء الممرضة لعملها بنفسها بدقة وامانة وصدق وضمير.
وذكرت المحكمة – فى سبيل الكشف عن كنوز الشريعة الاسلامية لحقوق الانسان – انه لا يفوتها ان تشير الى ان حرية العقيدة من اخص حقوق الانسان فى الشريعة الاسلامية وهى فى مجملها احكام شرعية مصدرها الهى اثبتها الله سبحانه وتعالى للانسان وجاء خطاب التكليف فيها للانسان لمجرد كونه انسانا تحقيقا لمصلحته خاصة ومصلحة مجتمعية عامة , وهى تتميز بالعموم والشمول والعالمية مثل قوله تعالى ” وما ارسلناك الا رحمة للعاملين ” وقوله تعالى “وما ارسلناك الا كافة للناس بشيرا ونذيرا ” وقوله جل شأنه “قل يا ايها الناس انى رسول الله اليكم جميعا “فهى حقوق اذن تثبت لكل انسان فى اى زمان واى مكان ولكافة الناس دون تمييزفيما بينهم ,وحقوق الانسان فى ظل الشريعة الاسلامية لا تستمد عظمتها وقوتها من مجرد مفاهيم نظرية ومبادئ فلسفية يدعمها العقل والمنطق فحسب بل لكونها قابلة للتطبيق للابد فى كل بيئة مكانية وزمانية والسبب فى ذلك ذلك التوازن الفريد الدقيق الذة تتميز به الشريعة السمحاء بين الحقوق الفردية وحقوق المجتمع دون تغول احداهما على الاخرى ولتوافقها مع حدود الاستطاعة البشرية, وهو مالا يتحقق فى ظل اى نظام وضعى من صنع البشر مالم يستمد من الاسلام روحه ومبادئه ,كما انه من عظمة الاسلام انه لا يحرم من التمتع بهذه الحقوق من لايؤمن بالله ربا ولا يعترف به الها سبحانه وتعالى .
وعقدت المحكمة، ولاول مرة فى تاريخ القضاء، مقارنة بين احدث الاحكام الصادرة من المحكمة الاوروبية لحقوق الانسان منذ شهر وبين تقدم الشريعة الاسلامية عليها وتفوق القضاء الادارى الادارى المصرى الذى استلهم كنوزها , بقولها ان المحكمة وهى جزء من نسيج هذا الوطن لا تستطيع ان تغض الطرف عما تثيره الحرية الشخصية وحرية العقيدة فى المجتمع الدولى للوقوف على مدى تقدم الشريعة الغراء على تلك المفاهيم الغربية الحديثة و اكدت المحكمة انه بهذه المثابة يظهر الفارق واضحا بين حقوق قررها الاسلام للانسان وبين ما تقرره النظم الاوروبية فى دولة معينة او منظمة دولية فحقوق الانسان فى الاسلام هى حقوق فى طبيعتها عالمية منحها الله للبشر كافة فى جميع انحاء العالم دون تمييز , وهى حية قائمة بذاتها وليست ماخوذة من غيرها وهى قابلة للتطور كالحياة وتنطوى على ثروة من المفاهيم والمعلومات والاصول الحقوقية التى تستجيب لجميع مطالب الحياة الحديثة والتوفيق بين حاجاتها ” ومن احسن من الله حكما لقوم يوقنون ” وهى لا تموت الا بالفناء لانها من صنع خالق الموجودات ,اما حقوق الانسان فى اوروبا فهى قاصرة على ثقافة غربية محدودة الافق لا تتعدى الحدود الجغرافية للمكان ولا تتجاوز الحدود الوقتية للزمان , واية ذلك ان فرنسا وبلجيكا كلاهما يعتبر النقاب فى الاماكن العامة جريمة جنائية يعاقب عليها القانون الجنائى فى كلتيهما ,ففى فرنسا عقوبة المراة التى ترتدى النقاب 150 يورو او الخضوع لفترة تدريب عن المواطنة ويعاقب كل من يرغم امراة على وضع النقاب على وجهها بالحبس مدة سنة وغرامة 30 الف يورو .
ورتبت المحكمة على المقارنة بين الروح العالمية لحقوق الانسان فى الاسلام والروح المحدودة للثقافة الغربية فى اوروبا عن حقوق الانسان ان فقه الاسلام واسع الافق الى درجة تثير كل العجب فى ان بلاد المسلمين فى عصرنا الحديث لا تستنبط منه كافة الحقوق والحريات كما كان الاولون الذين استنبطوا منه مجدا علميا وحضاريا ساد العالم احرزه المسلمون فترات طويلة من التاريخ فى وقت كانت اوروبا الامية تزخر بالجهل والحرمان بينما كان المسلمون يحملون امامة العلم وراية الثقافة وهو ما يتطلب من علماء المسلمين فى كافة الاقطار الاسلامية خاصة الازهر الشريف مهد الحضاة الاسلامية استنهاض الهمم للكشف عن كنوز الشريعة الغراء والعمل على تحقيقها على ارض الواقع لرفعة المسلمين .
اكدت المحكمة انه من واجب الانصاف فى هذا المطاف ان المحكمة وقد انتهت الى احقية المدعية فى ممارسة عملها فى المستشفى التابعة لوزارة الصحة وهى مرتدية النقاب انبثاقا من كفالة حريتها الشخصية التى لا تضر بحق المجتمع وحريتها فى العقيدة وممارستها لها فى اطار النظام العام تكون قد تفوقت على ما قررته المحكمة الاوروبية لحقوق الانسان من مشروعية القانون الذى الذى فرضته فرنسا بحظر ارتداء النقاب و البرقع فى الاماكن العامة فى فرنسا للموظفين وغيرهم تحت سند من القول ان ظروف العيش المشترك هو هدف مشروع وان القانون الصادر فى فرنسا عام 2010 – والذى دخل حيز التنفيذ فى ابريل 2011 – لا يتناقض مع معاهدة حقوق الانسان الاوروبية باعتبار ان الوجه يلعب دورا مهما فى التفاعل الاجتماعى دون التعرض لاية دلالات دينية , وهو اتجاه فى حقيقته يمثل تغولا على الحقوق الفردية بما يؤدى اليه من اختلال التوزان بين الحق الفردى وحق الجماعة .
واضافت المحكمة انه لا مبالغة فى القول بان تفوق القضاء الادارى المصرى مؤيدا بقضاء المحكمة الادارية العليا على نظيره الفرنسى فى هذا الشأن اذ اجاز مجلس الدولة الفرنسى قانون حظر النقاب فى الاماكن العامة بحجة الضرورة اللازمة للتعرف على الموظفين , بينما كفل الاسلام كشريعة عالمية حقوق البشر كافة – خاصة المراة – فى كل زمان ومكان دونما نظر الى البيئة المكانية او الزمانية لهؤلاء البشر على اختلاف اجناسهم وفى توازن فريد بين الحق الفردى وحق المجتمع ,بين الصوالح الخاصة والمصلحة العامة ومن ثم يظهر تفوق القضاء الادارى المصرى فى ابداعاته المنبثقة من روح الشريعة الاسلامية الغراء بعظمتها وسموها وكمالها الصالحة لكل زمان ومكان لانها من صنع الله خالق كل شئ وهو الخبير العليم.
واختتمت المحكمة حكمها العالمى – مؤكدة اعتزازها بالدستور المعدل الصادر فى 18 يناير 2014 عقب ثورة يونيه 2013 – بقولها انها تلمح توضيحا وفهما وليس تنظيما وسنا ,ان المشرع الدستورى فى دستور كل المصريين قد تناول بالتنظيم الحقوق والحريات تنظيما ابهاها بثوب تشرأب له هامات كل متطلع لغد افضل ,ويقف صامتا اصما من يرد غير ذلك سواء من حيث الافراد والتنوع او من ناحية ممارستها ورسم حدودها على نحو لا تفتئت فيه حرية على ما عداها او على غيرها من حالة النظراء
داعيا ومتباهيا بهذا التنظيم سائر التشريعات الدستورية الحاكمة للدول حكاما ومحكومين للنهل منه والسير على دربه ولوح الدستور حين اشار الى كفالة الدولة حماية الحقوق والحريات عدم الاخلال بهذا التنظيم لسموه وعلوه على ما عداه من تنظيمات سواء تشريعية او لائحية او حتى فيما خوله للجهات الادارية من حقها فى وضع ما تشاء من القواعد التنظيمية العامة لضمان حسن اداء العمل ورغبة فى سير المرافق العامة بانتظام واضطراد على نسق حظر فيه عدم تضمين قواعدها التنظيمية ما يتضمن المساس بتلك الحقوق والحريات ويغدو كل تنظيم ادارى مخالف لما تناوله المشرع الدستورى بالتنظيم لا يعول عليه متعينا طرحه والبعد عنه.
واعربت منظمات حقوقية مصرية عن اهتمامها البالغ بهذا الحكم وقررت ترجمته ترجمة دقيقة ومراجعتها كى تتمكن من تبادله مع منظمات حقوقية مناظرة فى دول الاتحاد الاوروبى والامريكتين والادارة المختصة بالشئون القانونية بمكتب بانكى مون السكرتير العام للامم المتحدة كمدخل لعقد جلسات حوارية حول هذه المفاهيم الجديدة التى سطرها حكم القضاء الادارى المصرى والذى كشف عن الوجه المضئ للفكر الاسلامى المستنير. |