بقلم: د. أحمد الخميسي ويكتسب الكتاب الجديد أهمية خاصة لندرة الأبحاث في ذلك المجال، ولكشفه عن الجذور المشتركة في ثقافتنا القومية في وقت يزج فيه التعصب بالبشر وراء متاريس المواجهة حتى العنف. وكل كشف عمّا هو مشترك يمثل خطوة نحو التعارف والتآلف الإنساني والفكري. يرتكز "عصام ستاتي" على وجود أدب شعبي مصري عام مشترك يتضح في أغاني الحصاد والعمل والصيد والأعراس والأحزان، ويبقى الاختلاف الوحيد قائما في مجال الأدب الشعبي ذي المسحة الدينية وفيه تبرز الفوارق التي يفرضها اختلاف العقيدة بين المسلمين والمسيحيين المصريين. وحتى في الأدب الشعبي الديني سنجد أن المصريين يحفرون قواسم الهوية المشتركة، فالغناء في الحالتين يعتمد على قوالب موسيقية واحدة بل وعلى نفس النصوص مع تغييرات طفيفة لتلائم العقيدة. وإذا كان أخوتنا المسيحيون يهتفون للسيدة العذراء "يا عدرتنا يا منجدة يا أم الشموع القايدة" فإن المسلمين يهتفون للسيدة زينب "يا سيدة يا منجدة يا أم الشموع القايدة". وتغذي الجذور الحضارية القديمة الأدب الشعبي بكل تنوعه، فقد كانت إيزيس إلهة القمر عند قدماء المصريين تظهر في صورة امرأة لها قرنان بينهما نور القمر، وهو ما نراه في صورة العذراء والسيد المسيح وحولهما النور. أقول يكتسب كتاب "عصام ستاتي "أهميته من كشف ما هو مشترك حتى على صعيد الأدب الشعبي الديني، لأن المسلمين الذين نشأوا على ثقافة دينية إسلامية لا يرون الجانب الآخر بحكم النشأة، كما لا يرى المسيحيون الجانب الآخر من ثقافة المسلمين الدينية. وفي مجال الثقافة الدينية تحديدًا يكمن خطر هوة الانفصال، الهوة التي تجعل أبناء مصر من الطرفين مثل عينين: تنفتحان معًا، وتنغلقان معًا، وتطرفان معًا، لكن لا ترى كل واحدة منها شقيقتها في الحياة والطموح. ورغم تقديري للكتاب، فإن لدي ملاحظتين... الملاحظة الثانية: تتعلق بالفصل السادس الأخير المعنون بـ " اللغة المصرية"، إذ أن كل ما أورده "عصام ستاتي" في هذا المجال بحاجة لنقاش آخر موسّع. جدير بالذكر أن كتاب عصام "ستاتي" هو الثاني من نوعه بعد كتاب "في الفولكلور القبطي" تأليف "روبير فارس" والذي صدر عن هيئة قصور الثقافة. ما أحوجنا إلي المزيد من هذه الكتب لتجلو لنا جوهر وحدتنا الوطنية. تحية للكاتب ولجهده ولتثبيته لتلك السير الشعبية الجميلة التي أقرأها للمرة الأولى فأشعر أنها مدت في ضميري نور التعرف إلي ذاتي. كاتب مصري |
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا |
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا |
تقييم الموضوع:
![]() ![]() ![]() ![]() ![]() |
![]() |
![]() |