CET 00:00:00 - 19/04/2010

المصري افندي

بقلم: مينا نبيل فرنسيس
لغتنا العربية لغة زاخرة عامرة بمفرداتها العديدة وتعبيراتها الغزيرة، ولكثير من هذي المفرادات والتعبيرات أصول.. ومن هذه الكلمات كلمة "عبقري" التي يعود أصلها إلى وادٍ من أودية شبه الجزيرة العربية يُسمَّى "وادي عبقر"، اشتهر هذا الوادي أيام الجاهلية بأن الجان تسكنه، وأن كل شاعر من شعراء الجاهلية له قرينٌ من الجان يلقنه الأشعار، ناهيك عن أن هذا الوادي اشتهر حينذاك بأمور كثيرة خارقة للطبيعة وغير طبيعية.. ومن حينها واصطلح على كل من يتمتع بذكاءٍ عالٍ وإمكانات فريدة متميزة تعبير "عبقري" نسبة لوادي عبقر.

 كان الناسُ يخافون المرور من هذا الوادي خشية تعرضهم لأمور مخيفة من تلك التي كانوا يسمعون عنها، وأنا أرى في تلك المخاوف تشابهًا كبيرًا مع مخاوف كثير إن لم يكن معظم السيدات والفتيات المصريات.. فقد أصبح مجرد نزول المرأة المصرية للشارع عبئًا ثقيلاً على كثيرات.. وقد بلغ أيضًا ما تتعرض إليه المِصرية مبلغًا لا يمكن السكوت عليه..فمن نظراتٍ جارحة لعبارات خادشة لتحرش، بل قد يصل الأمر في بعض الأحيان وفي بعض الأماكن النائية للخطف وللاعتداء الجسدي..

فحتى وإن اتسمت ملابس بعض الفتيات والسيدات بالمبالغة أو حتى كانت مثيرة لغرائز الشباب، وأنا هنا لا ألتمس عذرًا لهؤلاء النسوة، فالعيب ليس في ملابسهن، ولا الفقر ولا الكبت ولا تأخر سن الزواج،  حتى وإن كانت تلك أسبابًا لتزايد ظاهرة التحرش أو مبررًا للمضايقات الفجة التي تخدش آدمية وأنوثة وكرامة المرأة، فأنا أرى أنها ليست السبب الحقيقي الجوهري لتدني مستوى معاملة المرأة.. وأري أن السبب الأكثر شمولاً هو نظرة الرجل الشرقي بصفةٍ عامة والمصري بصفة خاصة للمرأة..

فلم تزل المرأة لدى كثيرين هي مجرد ذلك الجسد الذي خلقه الله للمتعة..وكأن أية ظروف اجتماعية صعبة أو قاسية يمر بها مجتمعنا تكون المرأة هي ضحيتها وهي الوحيدة التي بلا حق أو قيمة فيعوض بعض المرضى ذهنيًا نقصهم وفقرهم واحتياجهم باغتصاب حقوقها وإهدار أحقيتها في العيش كأنثى لها حق الاحترام والمعاملة الطيبة..

ناهيك طبعًا عن مجتمعنا المريض جنسيًا والذي شوَّه رقي هذه العلاقة السامية بين الرجل والمرأة.. فأصبح مجرد ذكر هذه الكلمة كفيل بجعل فتيات كثيرات يتصببن عرقا وخجلاً ليس فقط حياءًا منهن بل لأن ذلك الأمر المبهم قد تحول إلى محظور من المحظورات القابعة بقائمة العيب والحرام بمجتمعنا.. للدرجة التي معها لا يعلم كثيرون من الشباب والفتيات شيئًا عن الجنس إلا قبل الزواج بأسابيع قليلة.. وهذا إنما يرجع لتشوه معنى الإنسانية بداخلنا  وكذا تشوه مفاهيم الحب والخلط بين المحبة بمعناها الراقي وبين العاطفة التي فقط تحتاج للإشباع..

أنا أدعو الجميع للتفكير بل والتأمل طويلاً فيما هو في قلب الله تجاه معاملة الرجل للمرأة، وكيف أنها ليست مخلوقا من الدرجة الثانية أو الثالثة، بل هي الأم والأخت والزوجة الحبيبة، وقبل كل هذا هي خليقة الله شأنها شأن الرجل.. وليتنا ننظر للمرأة ونراها كما يراها الله وكما يريدنا الله أن نراها.. فكفانا ظلمًا وإجحافًا بحقها..

سيدتي.. تُجرحينَ كلَّ يومٍ بنظرتٍ خارجة
من عقولٍ مريضةٍ تافهةٍ ساذجة
أنتِ كِيان مقدسٌ له احترامُهُ والتقدير
فلستِ جسدًا للغوايةِ أو سلعةً رائجة

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٦ صوت عدد التعليقات: ١١ تعليق

الكاتب

مينا نبيل فرنسيس

فهرس مقالات الكاتب
راسل الكاتب

خيارات

فهرس القسم
اطبع الصفحة
ارسل لصديق
اضف للمفضلة

مواضيع أخرى للكاتب

رفقًا برجال الغد

لمساتٌ حانية

النساء.. ووادي عبقر

نحن.. والزمن الجميل

مفهوم الحرية

جديد الموقع