CET 16:21:29 - 12/04/2009

مساحة رأي

بقلم: مجدي ملاك
في إطار سلسلة النقد الذاتي، اليوم سوف أدخل في واحد من أهم الموضوعات الشائكة التي أثارت العديد من علامات الإستفهام في الفترة الأخيرة حين قمت برصدها وتتبعها، ففي رصد لفترة كبيرة لأخبار الصحف والمجلات قمت برصد عدد كبير من التصريحات الكنسية في مختلف الأمور مما جعلني أشعر أن الكنيسة المصرية أصبحت واحد من مصادر الأخبار بالنسبة للصحف المصرية، أو أن الإعلام ارتضى لنفسه أن يتخذ من الكنيسة مادة من أجل الزج بها في كل صغيرة وكبيرة من أجل أهداف مختلفة دون أن يكون هناك تركيز في هذا الأمر، وهو ما جعل جميع الصحف تخصص صفحة بكاملها لأخبار الكنيسة -حتى لو لم تكن هناك أخبار فهي تحاول أن تخلق أخبار- وساعدها في ذلك بلا شك تعدد المصادر التي أصبحت تطلق تصريحات كنسية، وهو ما دفع إلى وجود أخطاء كبيرة في الفترة الماضية، كان آخرها خبر نُشر بجريدة المصري اليوم عن خوف البابا شنودة من هروب أعضاء الكنيسة الأرثوذكسية إلى الكنائس الأخرى وتعليق القس الإنجيلي إكرام لمعي على هذا الامر، وبداية تلميح لضعف الكنيسة الأرثوذكسية في الدفاع عن أبنائها، وهو أمر عاري تماماً من الصحة، فالكنيسة الأرثوذكسية قوية بآبائها، وأبنائها.

ولم يكن هذا الخبر هو الدافع وراء تخصيص هذا المكان لكتابة هذا المقال بل مثل هذا الخبر نهاية لرصد مجموعة كبيرة من الأخبار في الفترة الأخيرة تخص إقحام الإعلام للكنيسة في أمور لا تتسق ورسالة الإعلام، وفي هذا الرصد كان لنا النتائج التالية:

أولاً: الإنغماس بشكل كبير في الإعلام
وقبل الحكم على هذه النتيجة يجب أن اقوم بتوضيح أنني استخدمت كلمة إنغماس وليس مشاركة، فهناك فرق كبير بين أن ينغمس الشخص في الشيء وأن يشارك فقط فيه، فالمشاركة أمر حميد حسب الحاجة ولدواعي محدودة ينبغي أن يشارك أهل الدين في أمور العالم، ولكن أن يحاول رجال الإعلام أن يعملوا على انغماس أهل الكنيسة في الإعلام بهذه الطريقة، لدرجة أن تقوم بعض من الجهات الإعلامية باستفزاز الأساقفة من أجل الرد على خبر نُشر هنا أو هناك، أو من أجل نشر خبر معين، فهو يعتبر انحراف في الشكل الملائم الذي ينبغي إتّباعه من أجل القيام بهذا العمل، لأن هذا ينبغى أن يكون مسئولية جهة إعلامية داخل الكنيسة هي المسئولة عن كل تلك الأمور، وذلك حتى نقلل على الأقل من الأخطاء التى يمكن أن يقع فيها البعض دون قصد.

ثانياً: الإستغلال من أجل المصلحة المادية لا الإعلامية
وأقصد هنا تحديداً الرغبة الشرسة من جانب الإعلام لاستضافة آباء كهنة أو رهبان من أجل الكسب، فهم من الناحية العملية سوف يعملون على زيادة نسبة المشاهدين وبالتالي زيادة الإعلانات، أي أن الهدف في النهاية هو هدف مادي لصالح تلك القنوات أو الصحف التي تعتبر وجود اسم لكاهن أو راهب في الصحف أمر يساعد على زيادة مبيعاتها، وهو أيضاً هدف معظم إن لم يكن كل الصحف، وبعض القنوات تلجأ لاستضافة راهب أو كاهن من أجل زيادة الشو الإعلامي كما يقولون، وهو أمر أرى أنه أيضاً استغلال سيء من قبل الجهات الإعلامية للسلطات الروحية.
وهنا يأتي دور الخدام والمفكريين والمتخصصين من العلمانيين، الذين يجب أن يكون لهم الدور الاكبر في الدفاع عن العقيدة من خلال الإعلام، أما الدفاع عن العقيدة من خلال الدراسات أو اللقاءات المحدودة فيكون دور القيادات الدينية.
وأتمنى أن لا يُفهم من كلامي إنني أريد أن أتجاهل دور الكهنة والرهبان في الدفاع عن العقيدة أو المؤسسة الدينية، ولكن كل ما أدفع به في هذا المقال أنه لا يجب أن ننساق وراء الإعلام في توريط رجال الدين في سباقات إعلامية يستفيدون هم منها أكثر بكثير مما نستفيد نحن منها، ومن ثم تقوية دور المتخصصين من غير رجال الدين في تلك الامور سوف يساعد بشكل كبير على استخدام الأسلوب المناسب من أجل وضع كل في منصبه الصحيح، ذلك لأن زيادة ظهور رجال الدين في الإعلام أعتقد هو أمر في غير الصالح العام للكنيسة ولنا نحن الأقباط بشكل عام، فينبغي لرجال الدين أن تركز على الجوانب الروحية فقط وترك ما عداها من أمور للمتخصصين في هذا الأمر، فهو أمر لا يزيد من قوتنا ولا يضعفنا، ولنا في السيد المسيح أكبر مثال على ذلك حين قال "اعطِ ما لقيصر لقيصر، وما لله لله"، أي أن كل شخص يجب أن يستثمر في الموهبة التي أعطاها الله له، وحسب المنصب المعطى له.

وبهذا نفوت الفرصة على الإعلام من أجل استغلال السلطة الكنسية في صراعات لا يجب أن ندخل فيها من الأساس، لأن الإعلام ومع اعترافنا برسالته العظيمة التي يشرفنا أن ننتمي لها، إلا أنه في كثير من الأحيان يمكن أن يغلب المصالح المادية على ميثاق الشرف الصحفي، وهو أمر قد شعرنا به في أكثر من قضية كان آخرها قضية مقتل هبه ونادين.
ومرة أخرى أرجو أن ندرك أن الهدف ليس إبعاد الكنيسة عن الدفاع عن العقيدة، ولكن هو فقط البعد عن الإعلام الهدام.

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٠ صوت عدد التعليقات: ١ تعليق