بقلم : فاضل عباس
يبدو لي أن حالة من العبثية تسيطر على المشهد السياسي البحريني، فقضية الانتخابات وما يحدث فيها هو أكبر عملية من محاولة تزوير إرادة الناخبين بطرق شتى، واحدة من هذه الطرق هي إصدار فتاوى دينية تتضمن تكليفا شرعيا للمواطنين بضرورة انتخاب فلان وترك علان، على قاعدة ما يسمى عدم تمكين غير الاسلاميين.
والمثير للدهشة أن البحرين لا يوجد فيها رجال دين أكثر علماً من مرجعية النجف أو قم او غيرها بل على العكس البحرين لا يوجد فيها مرجع مقلد يستطيع الإفتاء كمرجعية النجف الشيعية، ومناسبة هذا الكلام هو هذه الحالة غير الصحية التي تحدث كلما جاءت الانتخابات في البحرين، وهي صدور فتاوى تكليف شرعي للمواطنين بانتخاب قائمة معينة على اعتبار أنها القائمة الإيمانية أو غيرها من التسميات التي سرعان ما تخرج من جعبة بعض رجال الدين كلما اقتضت الحاجة السياسية ذلك.
ولكن إذا كان رجال دين البحرين هم الأقل علماً ولم يصلوا إلى مرحلة الاجتهاد فلماذا هذه المزايدات على المراجع الاخرى بالفتاوى السياسية وقت الانتخابات، ففي العراق التي توجد فيها أكبر مرجعية شيعية وخاضت الانتخابات فيها قوائم بعضها مشترك من الاسلاميين والعلمانيين ويوجد فيها حزب شيوعي وغيرها من الأحزاب العلمانية، ومع ذلك وقبل الانتخابات شدد المرجع السيستاني على التزامه الحياد ورفض دعم أي كتلة انتخابية، بل ورفض قيام بعض الكتل بالإيحاء بأنها مدعومة من مرجعية النجف، وقد ذكر منشور صدر في 17 فبراير 2010 انه “شدد المرجع علي السيستاني في بيان وزعه مكتبه اليوم الأربعاء على أهمية المشاركة في الانتخابات النيابية المقررة في السابع من الشهر المقبل، مؤكدا في الوقت نفسه أنه لا يدعم أية جهة سياسية مشاركة في الانتخابات، وأشار البيان إلى أن المرجعية الدينية في الوقت الذي تؤكد عدم تبنيها لأي جهة مشاركة في الانتخابات فإنها تشدد على ضرورة اختيار المرشحين الذين يتصفون بالكفاءة والأمانة والالتزام بثوابت الشعب العراقي وقيمه الأصيلة، على حد تعبير البيان”، إذن المرجع السيستاني دعا إلى انتخاب الكفاءة والأمانة وليس انتخاب كتلة ايمانية هنا أو ربانية هناك، ثم ليتضح للمواطنين بعد ذلك أن من تم انتخابه على أنه من رجال الإيمان ولا نعرف
من قاس إيمانه لا يستطيع أن يقف في مجلس النواب ليسأل سؤالا!! فمن يتحمل المسؤولية هل الناخب؟ أو من دعى إلى انتخابه؟
وهذا الموقف لم يتغير عند المرجع السيستاني حتى اليوم فقد دعا مكتبه في بيان له إلى اشتراك الجميع في الحكومة العراقية المقبلة بما فيها القائمة العراقية التي توصف بالبعثية ورفض اقصاء أي قائمة عن مشاورات تأليف الحكومة العراقية، لذلك فنحن في البحرين بحاجة الى ان تصل هذه الرسالة الى من يعنيهم الامر بوقف اصدار فتاوى دينية لصالح مرشح ضد آخر وترك المرشحين يتنافسون وان يكون الصراع سياسيا لا غلبة فيه الا لرأي الناس عندما ينتخبون وهم احرار وليس بدافع الخوف أو الرهبة او غصباً عنهم ينتخبون فلانا أو علانا لان رجل الدين الفلاني طلب منهم ذلك على الرغم من قناعتهم بعدم استحقاقه او كفاءته، لذلك عليكم أن تتعلموا من موقف السيستاني واللبيب بالإشارة يفهم. |