بقلم : صبحي فؤاد
قبل نهاية العام الماضى بشهر تقريبا اتهمت فتاة مسلمة من الصعيد شاب مصرى مسيحى باغتصابها فى الطريق العام .. وعندما علم اهل القرية والقرى المجاورة بخبر الاعتداءجنسيا على الفتاة لم يفكروا فى التأكد اولا من صحة الاتهام او حتى يعطوا بعض الوقت لاتاحة الفرصة لكى يبت القضاء فى القضية وانما اسرعوا على الفور بالانتقام ليس من الشاب المتهم او اسرتة وحدهم وانما قاموا بالهجوم على جميع منازل المسيحيين من اهل القرية والقري المجاورة وسرقوا محتوياتها وحرقوا وخربوا الكثيرين منها وتعدوا عليهم بالضرب والاهانات .
يومها برر المسئولين عن النظام التعدى على الاقباط وسرقة بيوتهم ومتاجرهم وحرق املاكهم فى قرى صعيد مصر بانة رد فعل طبيعى لاغتصاب الفتاة المسلمة رغم ان القضاء المصرى حتى هذة اللحظة لم يثبت ادانتة بعد فى الجريمة المنسوبة الية !!
واثناء احتفال الاقباط بعيد الميلاد فى شهر يناير الماضى فوجئوا بمن يطلق عليهم الرصاص عند خروجهم من الكنيسة فى مدينة نجح حمادى وقتل منهم سبعة كان من بينهم حارس الكنيسة المسلم ..
وكانت صدمة رهيبة لكل المسيحيين فى مصر والخارج حاولت الدولة وقتها احتواء غضبهم بالوعد بتقديم الجناة للمحاكمة السريعة وجعل العدالة تاخذ مجراها مع القتلة المجرمين .. ومن يومها والقضية تؤجل المرة تلو الاخرى حتى تهدأ المشاعر وينتهى غضب الاقباط ثم تلحق قضية مذبحة نجح حمادى بغيرها من المذابح والجرائم العنصرية الطائفية التى ارتكبت من قبل ضدهم .
على اى حال ما يهمنى فى امر هذة القضية هو اصرار الدولة والقضاء المصرى على ادانة المواطن المسيحى المسكين المتهم من قبل فتاة صغيرة - شهد البعض بسوء سلوكها وانحرافها - وعدم اعطاءة فرصة للدفاع عن نفسة واثبات براءتة .. اصرار عجيب وغريب من الدولة يجعلنا نشك فى احتمال تورطها فى توجية التهمة للشاب المسيحى وايضا احتمال تورطها فى الاحداث الطائفية الاخيرة بصعيد مصر والتى ادت لقتل سبعة اقبط فى ليلة عيد الميلاد الماضى .
وما يثبت صحة كلامى هو تورط رئيس مجلس الشعب المصرى فتحى سرور وتسرعة فى ادانة المتهم علانية فى لقاء اجراة مع محطة البى بى سى فى بداية شهر فبراير الماضى وادعاءة باطلا بان الفتاة المسلمة قتلت نتيجة تعدى الشاب جنسيا عليها رغم ان الفتاة كانت ولا تزال حية .. وهو نوع من الكذب الرسمى فى اقبح وابشع صورة وتدخلا خطيرا فى سير القضية والعدالة وعمل القضاء وحق المتهم فى اثبات براءتة .
وعندما احتج الاقباط لاذاعة البى بى سى على تصريحات الدكتور سرور التى كانت تستهدف اجهاض العدالة واهدار حق المتهم فى محاكمة عادلة وجدناة يسحب ما قالة ويقول انة لم يكن يقصد القتل الجسدى وانما القتل المعنوى !!!
لقراءة الخبر أنقر هنـــــــــــــــــــــــــا
حقا يحزنى ان اقول ان كل الشواهد تؤكد ان الدولة مصممة على ادانة المواطن المسيحى جرجس البارومى رغم انف الاقباط واحتجاجاتهم .. ورغم انف العدالة التى تعتبر المتهم بريئا حتى تثبت ادانتة .. ورغم انف جمعيات حقوق الانسان ومحاميين المتهم .. والدليل على ذلك بلاضافة الى ادانة د فتحى سرور للمتهم الذى كان من المفروض ان يحاكم شخصيا بسببها هو رفض القاضى الذى ينظر فى القضية معاينة المكان الذى ادعت الفتاة انة تم الاعتداء الجنسى عليها فية !! لماذا ؟؟ لانة يعرف تماما انة مكان عام يستحيل ان يخلو فى اى لحظة من الناس .. ومن غير المعقول ان تقع حادثة اغتصاب واعتداء جنسى كامل على فتاة فى طريق عام بدون ان يراها الناس ويتدخلوا لمنع حدوثها والقبض على الجانى وتسليمة الى الشرطة .
وما يجعلنى اشك اكثر فى استهداف هذا الشاب المسكين من قبل الدولة هو رفض القاضى الذى ينظر القضية معظم طلبات المحاميين المدافعين عن المتهم ومن ضمنها مواجهة الفتاة صاحبة الاتهام وفى نفس الوقت نجد نفس القاضى لم ولا يرفض طلبا واحدا للمحاميين الموكلين عن الفتاة لدرجة انة سمح لهم بالانفراد بالشاب بدون وجود محامية وهو ما يعد تعسفا وتحيزا غير مفهوم او يوجد مبررا لة اللهم الا اذا كان قرار الادانة اتخذ بالفعل من قبل سلطات اكبر واعلى منة فى الدولة ربما حتى قبل وقوع الجريمة !!
على اى حال سواء اصرت السلطات على ادانة الشاب المسكين جرجس لتحقيق بعض الاهداف السياسية التى تخطط لها فى السر او قررت الافراج عنة وتبرئتة من التهم الموجهة الية رغم تشككى فى حدوث هذا الامر فان هذة القضية بلاضافة الى القضايا العديدة الاخرى التى سبقتها كشفت بما لا يدع مجالا للشك على عدم عدل او حيادية النظام فى تعاملة مع المصريين وتحيزة الشديد وتعصبة الاعمى ضد الاقباط وتمسكة حتى النفس الاخير واخر لحظة فى العمر بلعبة فرق تسد بين المسلمين والمسيحيين واشغال المصريين بالطائفية ومصائبها والصراعات فيما بينهم ليسهل للصفوة المحظوظة المنعمة المرفهة حكم البلد فى هدوء والتحكم فى خيراتها وثرواتها بلا حسيب او رقيب او معارضة قوية .
قلوبنا مع هذا الشاب المصرى المسكين الذى يتعرض منذ اعتقالة يوميا الى التعذيب والضرب والاهانات فى سجنة بالاضافة الى القتل الادبى والمعنوى والنفسى الذى تعرض ولا يزال لة من قبل بعض رجال الدولة والاعلاميين .. ونامل من المحاميين الشرفاء مسلمين ومسيحيين عدم التخلى عنة فى مواجهة الدولة الظالمة حتى يخرج من هذة المحنة التى يواجهها بسلام .
Sobhy@iprimus.com.au |