بقلم : عادل عطية
كم من مرات أقرأ عن دموع أدباء في أقلامهم الأولى ، وهم يسكبونها مع آلامهم على وليدتهم المرفوضة من مجتمع النشر !
وكم أقرأ على الجانب الآخر ، عن أهازيج صادرة من بعض رموز الفكر والأدب ، وهم يتبارون بكل حماس في نوال شرف اكتشاف الموهبة المبكرة للاديب العالمي نجيب محفوظ ، وغيره .. مع إنهم لم يقدموا لنا وجوهاً جديدة . ولعلهم يحتفظون بأكثر من اكتشاف لموهبة أدبية لن يعلنوا عنها إلا في الوقت المناسب بعد أن تكون الموهبة المبكرة قد نضجت ، وأثمرت ، ونالت شهرة عالمية !
متى يتبارى هؤلاء فى نوال شرف السبق في دعم وترسيخ الأقلام الواعدة بالقاء الضوء عليها ، وتأييدها ، وتقديمها إلى دور النشر ، والتي عليها هي أيضاً مسئولية تبني الأقلام الخضراء الموجودة بصورة متناثرة في زوايا بسيطة على صفحات صحفنا ، ومجلاتنا ، وفي كتيبات مجهولة تصدر على نفقة اصحابها بامكانات مادية ضئيلة ؟!..
فمن المنظور انهم يساندون الذين وصلوا بالفعل إلى الشاطئ ويفقدون بذلك مميزات المساندة ، ويرتكبون في الوقت ذاته ذنباً جسيماً ، وهم يتركون ضحاياهم يموتون في رحم الابـداع !
ما الحكمة ، أن يلهث الادباء الشبان وراء نشر انتاجهم حتى الاستجداء ، متنازلين بإرادتهم المقهورة عن حقوقهم المادية من أجل أن ترى أعمالهم النور ، ومع ذلك يعودون منكسري الخاطر والرجاء ؛ ليكتشفوا بعد ذلك انهم لن يكونوا من المقربين لا لشيء سوى انهم ليسوا من ذوي المناصب الرفيعة ، وليسوا من اللوبي المتلولب على اشخاص بعينهم ؟!
ولاننا بالفعل في زمن يتساوى فيه المشهورين بالمغمورين ـ اسألوا الذين يتقدمون من آن لآخر لاجتياز اختبارات اختيار المذيعين والمذيعات ـ . ولأننا ايضاً في زمن المجاملات ـ فقد نُشر مقال لأحد الذين يضعون حرف الدال قبل اسمهم ، اثار جدلاً عظيماً ؛ لأنه كان مليئاً بالاخطاء الفادحة ـ .. فلا بد أن يكون للابداع كإبداع كامل الاحترام والتقدير والاعتبار بغض النظر عن اسم وسن ومركز المبدع ، تقديراً منا لمفكرنا العملاق عباس العقاد ، الذي قال ـ حين سُئل عن أهم انجاز له : "اني جعلت للفكر قيمة مستقلة عن الألقاب ، والشهادات ، والبرامج الدراسية " ..
فهل هم صانعون ؟!... |