بقلم: فيولا فهمي
لا أعرف كيف ومتى تكونت علاقتنا، فلقد أصبحت مؤخراً وطيدة وجارفة، انتظر موعد لقائنا اليومي بشوق وحميمية فلقد اعتادنا على ذلك منذ ما يقرب من عامين، أرى في عينيها همومي وأركز نظري للبحث والتفتيش بين صفحات قلبها بالساعات، أرتبط ببعض خصالها وأندمج مع أحلامها و تربطني الصلة بتفاصيلها الصغيرة وكلماتها العميقة.
هكذا كانت علاقتي اليومية بجريدة البديل اليسارية، لم أبالغ في مشاعري تجاهها بالرغم من اختلاف التوجهات الأيديولوجية بيننا، فلقد اكتشفت بعد استقبال خبر توقف الجريدة عن الصدور اليومي بمنتهى الأسى، وتوقفت عاجزة عن تفسير أسباب تلك المشاعر بداخلي فسألت نفسي، هل ذلك بفعل حالة العشق التي ربطت عيني بلون المانشيتات ويدي بملمس الأوراق المائلة للخشونة إلى الحد الذي جعلني لا أجيد قراءة النسخ الإليكترونية للصحف بقدر إجادتي للنسخ الورقية؟، أم هو الخوف على المستقبل المهني الذي تحيطه العديد من المخاطر والصعوبات التي قد تقتضي في بعض الأحيان تقديم التنازلات؟
و بعيداً عن الإرهاق الذهني في أسباب هذا الشعور الداخلي بالأسى الممزوج بالمخاوف فلقد بدت النهاية في توقف البديل عن الإصدار اليومي وتحولت للأسبوعي لعدم قدرتها على مواجهة اجتياحات الأزمة المالية العنيفة، ولأنها أيضاً جريدة لا يرضى عنها أصحاب السلطة الراعية لنماذج عديدة من الصحافة الصوتية التي تقوم بدور ورقة التوت لتغطية عورات الحكومة ومصائب رجالها وأتباعها وتتجاوز خسائرها أضعاف إنفاقات "البديل".
وليس معنى ذلك أن تجربة "البديل" اتسمت بالنقاء وكانت خالية من العيوب، بل تعددت كأي تجربة وليدة ولكنها حققت نجاحاً ملحوظاً على الساحة الصحفية وصادقت القراء فأستحقت ثقتهم وارتبطت العيون بأسماء بعض الكُتّاب اليساريين المحترمين.
لم أكتب اليوم نعياً لاختفاء الجريدة التي ارتبطت بها طوال عمرها الزمني القصير أو تعاطفاً مع زملائي العاملين بالجريدة والذين عرفتهم وتعرفت عليهم من خلال كتاباتهم، و لكن كتبت تلك الكلمات اعترافاً بأفضال جريدة محترمة ساهمت مثل غيرها في انتعاش الصحافة في مصر. |