بقلم: سامح سليمان
كثيرًا ما يدعوا اللصوص إلى الصبر والأمانة والرضى والقناعة، حتى لا يزداد عدد من يتقاسم معهم الغنيمه.
نحن قوم نعشق الدمار والتدمير، إرادة الحياة لدينا أضعف بكثير من إرادة الموت، فالكائن البشري كائن عدائي وعدواني بالفطرة، إن لم يجد سبب لكراهية الآخر وإيذاءه لأبتكره، وسعى إلى إيجاده بكافة الطرق والأساليب والوسائل، بل وحتى ببذل التضحيات.
المجتمع في أغلب الأحوال ـ خاصةً في مجتمعاتنا العربية القبلية ـ لا يشكل إلا قوة ضاغطة معادية ومستغلة ومستعبدة للفرد.
إن المجتمعات القبلية القمعية المنافقة هي أكثر المجتمعات أمتلاءً بالمساويء والنقائص والعورات والنكبات والكوارث الأخلاقية.
كلما ازدادت الأكاذيب والخرافات أقدمية، كلما تحولت الى وقائع مُسلم بها، وحقائق لا تقبل الرفض أو المناقشة والجدل.
الحرية هي روح الإبداع وأرضة الخصبة، هي الهواء الذي يتنفسه المبدع الحقيقي، وليس المرتزق والمأجور.
نحن لا نعيش الحياة، بل نعيش الموت البطيء، فحياتنا ساعة رملية تتناقص تدريجيًا حتى وإن لم نشعر بذلك .
لو عايز تكون مذيع ـ بياع كلام منطوق ـ شاطر ومشهور وسعرك غايى، لازم دايمًا يبقى ضيوفك صوتهم عالي ولسانهم
طويل، وعايزين يقتلوا بعض وكلهم بيحاربوا الفساد وفي نفس الوقت كلهم بيتهموا بعض بالفساد ـ وكل واحد فيهم ماسك
ملفات وسيديهات على الثاني ـ وكلهم وطنيين وبيحبوا مصر وخايفيين على مصلحة مصر وبرضوه كلهم متهمين بالخيانه!!.
واتكلم في كل حلقة عن البطالة ومشاكل الشباب، ومتنساش الفقراء والغلابة والمساكين واتصور معاهم وهما نازلين صويت
ولطم مع شوية مزيكا حزاينى علشان تسخن البرنامج، ومفيش مانع لو عينيك تدمع وتطبطب على كام واحد منهم وتظهر إنك زعلان وقلبك هيتقطع عليهم علشان تعمل لنفسك شهرة وشعبية، وقول كلمة حرية الإبداع وحرية العقيدة والحراك السياسي كل خمس دقائق، واستضيف كل كام حلقة واحد من بتوع حقوق المرأة أو حقوق الإنسان علشان تبقى ماشي مع الموضة .
لو عايز تكون طبيب ناجح ومستريح وعندك خميرة حلوة في البنك،لازم تكون معدوم الضمير والإحساس، وتلبس نظارة كعب كوباية وتتكلم انجليزى عمال على بطال، وتكلم الناس من طرف مناخيرك، وطبعًا لازم يكون والدك أو أى حد من عائلتك صاحب مستشفى أو عنده عيادة خاصة أو حتى كان حلاق صحة. ولازم تبقى راسى وتقيل، وصاحي وناصح وابن سوق، واعمل علاقات مع أصحاب المعامل والصيدليات وشركات الأدوية علشان تتطلع منهم لقمة عيش حلوة، وماتكتبش غير الأدوية الغالية، وأكتب على يافطة العيادة إنك حاصل على أعلى الدرجات العلمية من أكبر جامعات العالم ـ متخافش محدش هيفتش وراك ـ ولازم كل شوية ترفع سعر الفيزيتا علشان ترفع من قيمتك، واعمل عيادة في مكان شعبى غير عيادتك (النظيفة) علشان تجمع زباين أكتر والناس تقول ده راجل طيب وصالح ويعرف ربنا وكمان تاخد ثواب وذنوبك تتغفر وتدخل الجنة وتبقى كسبتها دنيا وآخرة .
لو عايز تكون صحفي ـ بياع كلام مكتوب ـ معروف ومشهور لازم يكون ليك معارف وعلاقات جامدة مع الناس التقيلة الواصلة، وامسح جوخ كل رؤسائك وامدح ليل ونهار في عبقريتهم، وعلى طول اتكلم كلام كبير ومعقد حتى لو كنت انت نفسك مش فاهم منه ولا كلمة واحدة، المهم انهم يقولوا عليك مثقف وخلاص، وطبعًا تكون واد مفتح وفاهم أصول اللعبة، وحلانجي ومطقطق تعرف إزاى تقرطس الزبون (قصدي القارئ) وتلبسه السلطانية وتاكل دماغه. ولازم تبقى شاطر في فبركة المقالات وسرقة الأخبار وتأليف العناوين السخنة الحراقة، وياسلام بقة لو يكون ليك في القراءة والكتابة ، كدة يبقى ميت فل وأربعتاشر.
(بالطبع لا أقصد الجميع، ولكن أقصد الأغلبية العظمى) |