بقلم: ماهر طلبة
قالوا له : نعم أنت ابن أسد لكن أمك ...
..وضحكوا .. فبكى وتذكر أمه – تلك التي اختارها الله إلى جانبه وحرمه منها .. كيف كانت تقضي ليلها بالخارج لتأتي له ولأخواته بالطعام ..وكيف كانت تلقي بنفسها حين تعود إلى جوارهم تنعي يومها وتبكي الغد .. تضمهم إلى صدرها وتحكي لهم عن الذئب الذي يريد أن يلتهم الحمل، وعن الحمل الذي يريد أن يحمي الصغار، والصغار الذين يجب أن يحيوا حتى لو غاب الحمل .. وتبتسم وهي ترى البراءة المرتسمة على وجوه الصغار .. فيبتسمون ..
قال لهم...: "نعم أنا ابن أسد لكن أقسم لكم أن أمي لم تكن أبدًا .."..
وبكى.. فعادوا من جديد إلى ضحكهم المر .. وتذكروا .. . كم من المرات كانوا يقابلونها بالسباب واللعنات، وكم من المرات ضحكت في وجوههم ..
وقالت .."غدا عندما تكبرون ستفهمون إنه عندما يكون عندكم مثل هؤلاء الصبية والصبايا المفترشين البلاط .. ستبيعون كل ما تملكون من أجل أن تحافظوا على حياتهم، وأنا لم أبع بعد سوى الضحكات .. "
وبكت ... لكنهم لم يوقفوا السباب واللعنات .. . حتى عندما صرخت في وجوههم ذات مساء ..
: "أنا أشرف منكم جميعًا فأنا أبيع لأطعم هؤلاء أما أنتم فلما تبيعون .."
وألقت بنفسها أمامهم من فوق سطح بيتها ساقطة في بركة الدم الحامض، لم تثر في نفس أحدهم الشفقة، ولم يفهموا .. بل اعتبروا أن الله قد انتقم له ولهم، ولم يبكها أحد ...
قالوا له .....: احكِ لنا عنها ...
....: من أين كانت تأتيك بالطعام والثياب؟
... : لماذا كانت تخرج في أول الليل مثل شمس النهار وتعود مع الفجر غاربة ؟..
....: هل تعرف كم كان ثمنها ؟
وضحكوا .. فبكى .. وأقسم من جديد...
"إنها لم تكن .. لكن الزمن – وقد علمه الكثير – لم يتح لكم بعد أن تفهموا أنه عندما يكون لدى المرء مثل هؤلاء الصبية والصبايا المفترشين البلاط .. لن يتردد في بيع أي شئ من أجل الحفاظ على حياتهم"
وبكى .. فصمتوا ...
http://mahertolba.maktoobblog.com |