CET 12:01:46 - 13/04/2009

مساحة رأي

بقلم: صبحي فؤاد

منذ أيام قليلة قام رجال الأمن المصري في محافظة المنيا بالقبض على 32 مواطن مصري مسيحي ووجهت نيابة أمن الدولة لهم ولصاحب المنزل تهمة إقامة شعائر دينية داخل منزل بدون تصريح!!

وليست هذه المرة الأولى التي تقوم فيها قوات أمن الدولة والنيابة العامة المصرية بتوجيه تهمة إقامة صلوات وشعائر دينية لمصريين مسيحيين داخل منازلهم بدون الحصول على تصريح حيث أن نفس الأمر حدث عدة مرات من قبل..

وبينما نجد الدولة في مصر تستعمل القبضة الحديدية وتفرض إرادتها وعضلاتها وشروطها على الأقباط، وتحدد لهم أين ومتى وكيف يصلون إلى خالقهم، نجدها في نفس الوقت تتحول إلى حمل طيب وديع مسالم للغاية لا يرى ولا يسمع عندما يفترش ألوف المسلمين الشوارع والميادين في أوقات الصلوات ويقومون بمنع السيارات من المرور ويتسببون في تعطيل مصالح الناس... وليت الأمر اقتصر على شغل الطرق والشوارع والميادين ومكبرات الصوت العالية التي تتسبب في إزعاج المرضى والطلبة، ولكن الأمر الأهم والأخطر والذي يظهر تحيز وتعصب الدولة هو إغماض رجال الأمن والمسئولين أعينهم تماماً عن عمليات بناء ألوف المساجد في كل أنحاء مصر، معظمها بدون تصريحات رسمية وعدد كبير منها تم بناءه على أراضي مأخوذة إما بوضع اليد أو على أراضي لم يكن من المفروض أصلاً بناء مساجد عليها مثل المستشفيات والحدائق العامة والمدارس والجامعات والأندية الرياضية أو الأراضي الزراعية!!

ولو كان الأمر اقتصر فقط على دور العبادة وحدها لهان الأمر، ولكن المشكلة أن الدولة وبالتحديد النظام المصري الحالي لا يعترف -طبقاً للدستور المصري- بغير المسلمين ولا يقر بوجودهم ولا أحقيتهم في ممارسة شعائرهم الدينية أو حصولهم على أي وظائف عليا أو حساسة في الدولة.. النظام الحالي يوزع الملايين بسخاء من أموال دافعي الضرائب المسيحيين وغيرهم على حفظة القرآن ويخصص ملايين أخرى من ميزانية الدولة لبناء المدارس والمعاهد والجامعات الأزهرية ودفع رواتب العاملين فيهم.. بل وتدفع الدولة أيضاً مرتبات رجال الدين الإسلامي من شيوخ ودعاة ومبعوثين للخارج وتقوم باستضافة المبعوثين من الدول الإسلامية وتوفر لهم الإقامة والمعيشة والتعليم المجاني..

الدولة المباركة في مصرنا العزيزة تقوم بالقبض على المسلم الذي يعتنق المسيحية طواعية، وتحاكمه مثل القتلة وتجار المخدرات ولا تسمح له أبداً بالحصول على أوراق رسمية تحدد ديانته الجديدة... بينما إذا اعتنق مسيحي الإسلام توضع الزهور في طريقة وتُفرش له السجادة الحمراء وفي لمح البصر يحصل على أوراق رسمية تثبت أنه أصبح مسلماً وتنشر حكايته في كل وسائل الإعلام المصرية الرسمية وغير الرسمية حتى يهتدي به بقية المسيحيين في مصر ويدخلوا الإسلام.

لقد قال الرئيس الراحل السادات قبل وفاته علانية وعلى مسمع من الملايين: أنا رئيس مسلم لدولة مسلمة.

والرئيس الحالي محمد حسني مبارك لم يقلها بهذه الصراحة الفجة، ولكن ما حدث ولا يزال يحدث في عهده لغير المسلمين في مصر من تهميش واضطهاد وتميز وتعصب يؤكد على أنه يسير على نفس نهج وفلسفة وفكر الرئيس الراحل.. ودليلي على ذلك... لماذا يرفض حتى الآن تغيير الدستور المصري الذي ينص صراحة على أن دين الدولة الإسلام والشريعة هي المصدر الرئيسي للقوانين المصرية؟؟، لماذا يرفض الرئيس مبارك الفصل بين الدولة والدين؟؟ هل لأنه يخشى من غضب المتطرفين وشيوخ الأزهر والجماعات الإسلامية أم لأن نظامه يستفيد أكثر من هذا الوضع الحالي؟؟، لماذا لم يقوم الرئيس مبارك ولو مرة واحدة باستنكار ما يحدث للأقباط في مصر طيلة سنوات حكمه؟؟ بل ولماذا لم نسمعه يستنكر ما حدث لأبناء الطائفة البهائية مؤخراً في صعيد مصر من اعتداءات وحرق منازلهم وعمليات تهجير إجباري لهم؟؟

لا شك أن إصرار النظام في مصر على عدم الفصل بين الدولة والدين والتمسك بدستور ديني عنصري يميز بين أبناء مصر ويفرق بينهم بناء على أديانهم ومعتقداتهم الدينية شجع على ظهور الجماعات الإرهابية المتطرفة وانتشارها محلياً وعالمياً، شجع على التطرف والتعصب بكل أنواعه وألوانه وتمزيق وحدة المصريين وساهم بكل تأكيد في وصول مصر إلى هذه الحالة المتردية المخزية المتخلفة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وعلمياً وثقافياً..

وأخيراً أخشى أن أقول... إن لم تحدث معجزة من السماء ويأتي زعيم مصري جديد محب لوطنه بعد مبارك ويقوم بتصحيح الوضع المأساوي الحالي، فإنه أصبح من المتوقع أكثر من أي وقت مضى أن تلحق مصر قريباً بركب الدول الإسلامية الفاشلة مثل السودان والصومال في إفريقيا وأفغانستان في آسيا التي لعبت أنظمتها بالدين الإسلامي السمح للسيطرة على شعوبهم فكان نصيبهم الفشل الذريع والإنهيار التام والحروب الأهلية وتدخل الدول الأجنبية في شئونهم الداخلية... وهذا بكل تأكيد لا نأمله أو نتمناه لوطننا الغالي مصر.

صبحي فؤاد
أستراليا

sobhy@iprimus.com.au

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٥ صوت عدد التعليقات: ٢ تعليق