بقلم: جرجس وهيب
هل يستطيع الدكتور أحمد زكي بدر وزير التربية والتعليم، أن يُصلح ما أفسده الآخرون على مدار أكثر من 60 عامًا؟ وأعني بالآخرون وزارء التربية والتعليم الذين سبقوه ولم يكن عندهم من الوطنية والجرأة أن يصلحوا مناهج التربية والتعليم وينقوها من كل ما يدعو إلى الكراهية وعدم قبول الآخر، ويصلح ما أفسدته وسائل الإعلام المختلفة والتي ساهمت في إفساد عقول التلاميذ وخلق جيل من المتذمتين والمتشددين دينيًا والكارهين والرافضين للآخر والؤرخين الذين تجاهلوا الحقبة القبطية من التاريخ المصري حتى اعتقد البعض أن الأقباط قد هبطوا على مصر بـ "باراشوتات" وليس هم سكان مصر الأصليين.
فوزير التربية والتعليم يقود حملة كبرى للنهوض بالتعليم من مُختلف النواحي فيواصل زيارته المفاجئة بجد وليس تمثيل على المدارس، وكان أهمها زيارتة لإحدى مدارس حلوان والتي أعطت مختصرًا مفيدًا عن العملية التعلمية الفاشلة في مصر، فلا التزام من جانب القيادات (مدير وناظر المدرسة) ولا المدرسين ولا التلاميذ، ولا حتى مستوى تعليمي مقبول ومعقول، مما دفع الوزير أحمد زكي بدر لتوقيع عقوبات شديدة على المهملين والمقصرين ونقلهم إلى اماكن بعيدة.
ولكن للأسف بعد زيارة المدرسة شن البعض هجومًا كبيرًا على الوزير وتتدخل عدد كبير من القيادات الشعبية لرفع العقاب عن المخطئين، وهذا ما يحدث من جانب المجالس الشعبية بمختلف أنحاء الجمهورية، يطالبون المسئولين بالجدية في العمل وضبط العمل ثم يقومون بعد ذلك بالتوسط لرفع العقوبات عن المسئولين المهملين.
كما فجر الوزير أحمد زكي بدر مفاجأةً كبيرةً ومن العيار الثقيل وبشجاعة، بإعلانه عن بدء مراجعة مناهج التربية الدينية الإسلامية والمسيحية وتنقيتها مما يدعو إلى الكراهية وعدم قبول الآخر، وبالفعل أرسل الوزير المناهج إلى فضيلة الشيخ علي جمعة مفتى الديار المصرية، وقداسة البابا شتودة الثالث لمراجعتها
كما أعلن أنه سيتم اعتبارًا من العام القادم تدريس مادة التربية الأخلاقية والتي أتمنى أن تشتمل على عدد من الفصول للحديث عن المواطنة وتاريخ مصر الحقيقي وليس المُلفق، والذي كتبه مؤرخون وطنيون وملتزمون وليس مؤرخو المصالح، وأن يُسرد تاريح مصر الحقيقي من عصر الفراعنة حتى العصر الحديث، ويمجد ويعمق الهوية المصرية ويشير إلى الحقبة القبطية من تاريخ مصر، والتي سقطت من كل كتب التاريخ المصري بفعل فاعل مما أدى إلى ما نحن عليه الآن من احتقان.
كما أتمنى أن تشتمل المادّة على كفاح الشعب المصري منذ عصر الفراعنة حتى الآن، مع التركيز على التجارب الناجحة لبعض العناصر المسيحية والمسلمة والتي ساهمت في خدمة بلادهم، وبعض من ضحوا بحياتهم من أجل بلدنا الحبيبة مصر، وخاصة خلال حروب 1956 و1967 و1973.
كما أرجو أن يشير الكتاب إلى بعض آيات القرآن الكريم التي تدعوا إلى احترام وقبول المسيحين وتنبذ الاعتداء عليهم.
كما لابد أن تساند وسائل الإعلام إتجاه مساعي الوزير لتنقية المناهج الدراسية لإزالة حالة الاحتقان.
ونتمنى ألا تخرج علينا بعض وسائل الإعلام التي تقول إن ما يقوم به وزير التربية والتعليم بضغوط من أمريكا وإسرائيل وأن أمريكا سستتكفل بطباعة كتاب المواطنة الجديد.
كما أن هناك نقطة في غاية الأهيمة لابد من الالتفات إليها وهى أنه لابد من متابعة المدرسين الذين سيقومون بتدريس هذه المواد، ولابد أن يكونوا من المشهود لهم بالأمانة المهنية وعدم التزمت والتعصب، حتى لا تكون النتائج عكسية فهذه المواد تحتاج إلى مدرسين معتدلين دينيًا ويمكن الاستعانة ببعض قطاعات الدولة الهامة لترشيخ هؤلاء المدرسين وتدربيهم على تدريس هذه المواد.
ونتمنى من وزير التربية والتعليم مواصلة جهوده في الارتقاء بالعملية التعلمية وتنفيتها من كل ما يساهم في انتشار العنف، وألا يتأثر بدعاة العنف الذين من المتوقع أن يشنوا عليه حرب شعواء، أعتقتد أنه يتم الإعداد لها الآن وستبدأ فور الإعلان عن مضمون هذه المادّة الجديدة والتي تدعو إلى الحب والسلام والتآخى وهم دعاة حرب وعنف وتدمير. |