تمخض الجبل فولد فارا .. هذا المثل ينطبق على القرار الذي أصدره مجلس الشعب يوم 2/5/2010 بعد مناقشات لم تستغرق أكثر من دقائق بتوقيع عقوبة اللوم على نائب الحزب الوطني نشأت القصاص ،بتهمة تحريض وزارة الداخلية على إعدام المتظاهرين ، حسبما أكد تفريغ الشريط المسجل عليه اجتماع للجنة المشتركة من لجنتي الدفاع والأمن القومي وحقوق الإنسان بتاريخ 18 /4/2010 .
وتعرب المؤسسة العربية لدعم المجتمع المدني وحقوق الإنسان عن إدانتها لهذا القرار المخفف للغاية ضد النائب الذي سبب صدمة للمجتمع المدني المصري والعربي بهذا التصريح المخجل، بالإضافة إلى الانتقادات التي وجهها عدد من قيادات الحزب الوطني ومنهم الدكتور زكريا عزمي رئيس ديوان رئيس الجمهورية ، وآخرين .
وقد توقع الكثيرين أن يسارع الحزب الوطني ومجلس الشعب الذي أصبح أداة بيد الحزب " الحاكم" بتوقيع جزاءات برلمانية أخرى والتي وردت في المادة 377 من لائحة مجلس الشعب توازي التصريحات الخطيرة التي تحدث بها النائب سواء بإسقاط عضويته أو على الأقل حرمانه من حضور باقي الجلسات لهذه الدورة البرلمانية التي ستنفض في الشهر القادم ، وكان الحزب وقتها سيحظي باحترام الكثيرين .
لأنه سينفي عن نفسه أن ما تفوه به القصاص تمثل سياسات الحزب ، ولكن الحزب ـ كما توقع الكثيرين ـ اختار جزاءا مخففا ، ليسمح بنواب آخرين في المستقبل بالتحريض ضد قتل المواطنين الإمنين الذين يمارسون حقوقهم في التظاهر السلمي . بل وصل الأمر إلى تبرير قيادات الحزب الوطني لتصرف النائب وتفسيره بشكل أخر للتخفيف من عقوبة النائب ، على سبيل المثال اشار النائب احمد عز أمين تنظيم الحزب الوطني الذي اعتذر عما صدر من نائب الحزب ، لكن حاول تبرير حديث النائب بالإشارة إلى ان النائب قصد من عباراته " الحفاظ على النظام " لكن ما قاله خرج عن سياق الفكرة التي ارادها!!
ويتماشي هذا الموقف اللين مع موقف أغلبية المجلس خاصة من الحزب الوطني بتأييد موقف وزارة الداخلية برفض المظاهرة التي طلب 6 نواب بالمجلس من المنتمين للإخوان ومستقلين ترفض تمديد حالة الطوارئ وللمطالبة بتعديل عدد من مواد الدستور ، وهي المظاهرة التي قام بها حوالي 500 مواطن في حديقة عمر مكرم وقامت قوات الأمن بحصارها من مختلف الجوانب ومنعها من السير إلى مجلس الشعب ، وعندما سعي بعض المتظاهرين إلى التقدم اعتدت القوات التي تحاصر المظاهرة عليهم وقامت باختطاف الناشط احمد سعد دومة والاعتداء عليه بالضرب.
وقد رفضت وزارة الداخلية طلب النواب الذين أخطروا الوزارة بأسباب المظاهرة و خط سيرها المقرر وهي لا تتعدي 200 متر أو اقل من حديقة مسجد عمر مكرم حتى مبني مجلس الشعب ، ، ومع ذلك أرسلت وزارة الداخلية رسالة إلى مجلس الشعب برفضها السماح بتنظيم المظاهرة لدواع أمنية!!! .
والملاحظ أن وزارة الداخلية تقوم برفض كل الطلبات التي تقدم لها بالتظاهر بنفس المبررات وهي دواعي الأمن ، ومنها مظاهرة شباب 6 أبريل ، ومظاهرة النواب التي تمت اليوم . وبذلك فالموقف السلبي من منع المظاهرات السلمية هو السائد لدى الوزارة وقياداتها وهو موقف يتعارض مع كافة المبادئ الدولية لحقوق الإنسان ونص الدستور المصري ذاته.
في هذا السياق تؤكد المؤسسة العربية على احترام حق التظاهر والتجمع السلمي الذي نصت عليه الدستور والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي وقعت عليها الحكومة المصرية ، وتطالب وزارة الداخلية باحترام هذا الحق لكافة المواطنين المصريين .
وتعرب المؤسسة عن إدانتها لهذه الهجوم ، وتطالب (المؤسسة) بتعديل قانون التجمهر رقم 10 لسنة 1914 ، والقانون رقم 14 لسنة 1923 بتقرير الأحكام الخاصة بالاجتماعات العامة وبالمظاهرات فى الطرق العمومية الذي صدر في ظل الاحتلال البريطاني ، لمواجهة غضبة الشعب ضد ممارسات الاحتلال ، وإصدار قانون ديمقراطي للتظاهر السلمي يسمح بحرية الرأي والتعبير للمواطنين المصريين . |