بقلم : هيام فاروق
التحديات التى تواجه المصريين بصفة عامة ، و المسيحيين بصفة خاصة .. تجعلنا نعلو فوق بعض السُفسطائيات، و نسلك السلوك المسيحى المبنى على الحب و التقدير
هالنى ما أسمعه هذه الأيام من كثرة ترديد عبارة ( هذا أرثوذكسى ، و هذا كاثوليكى ، و هذا بروتستانتى ) حيث كنت نادرا ما أسمعها . أما الآن فهى كالغذاء اليومى لكل المتسلقين على حساب الدين
إننا كمصريين مسيحيين نتفق على ثوابت كثيرة لاهوتية ، و وطنية ، و أمامنا القضايا العديدة التى يجب أن نوليها إهتمامنا بدلا من التفرغ بعضنا لبعض بهذا التطاحن بين الطوائف ، رغم أن جميعنا يعلم أنه من الصعب بل من رابع المستحيلات أن نحقق الوحدة العقائدية بين الطوائف ، و لكن على الأقل كلنا ننشر رسالة الخلاص و المحبة و السلام
و كما أن الكنيسة الأرثوذكسية كانت و لا تزال بركة للعالم كله ، هكذا أيضا الكنيسة الكاثوليكية و البروتستانتية .. فلا يوجد ما يسمى بالمخططات و لا الغزو الطائفى و لا أى شىء من هذا القبيل الذى لا يُنطق إلا فى لغة الحروب .. و ليس أدل على هذا من كلام صاحب الغبطة أبينا و راعينا قداسة البابا شنودة فى حواره مع الإعلامى جابر القرموطى على قناة ( أون تى فى ) أن ( من يقول هذا الكلام هو متوهم و أنه خيال × خيال ) و قد أكد على هذا الكلام حضرة القس صفوت البياضى رئيس الطائفة الإنجيلية ، الذى يعلن دائما عن حبه الجم لقداسة البابا
و قد لفت نظرى قيام بعض القيادات الكنسية الأرثوذكسية مع إحترامى لهم بإصدار أقوال غير قوية الحُجة مثل قولهم بأن ( الكنيسة البروتستانتية تستخدم التقنيات العلمية و الألعاب ، لإبهار شبابنا ، و تقديم الهدايا لهم ، و الرحلات ، و الدورات التدريبية الرياضية ).. و تعقيبى هو (( و إيه المشكلة ؟؟ )).. فلماذا لم تستخدم كنيستنا كل هذا ؟
هل أموال كنائسنا لا تُغطى هذه المطالب ؟؟؟!!!! _ كـــــلا_ .. هل خدامنا قليلين ؟؟؟!!!_كــــلا_ .. هل هناك شىء من هذه التقنيات و الهدايا و الدورات ، مُنافِ للعقيدة و الطقس؟؟؟!!! _أبدا _ أم ماذا ؟؟
لماذا لم نتطور مع تطورات العصر و متطلبات الشباب ؟ لماذا نوقف معهم لغة الحوار ؟ لماذا لا نشجعهم على التكلم مع الوضع فى الإعتبار إحترام المقدسات و الحياة المقدسة بدلا من تسخينهم ضد إخوتهم البروتستانت و إثارة الرأى العام بكلمات لا محل لها من الإعراب ( غزو-مخطط-مؤامرة...) و نطالبهم بطاعة الوصية بمحبة الأعداء و نحن غير قادرين على محبة ولاد عمنا مثلا مع إنهم إخوتنا و أعضاء جسدنا ؟
فإذا كنا غير قادرين على الإهتمام بأبنائنا و الحفاظ عليهم ، فلماذا نغضب إذا ذهبوا إلى مكان آخر ؟ و على رأى المثل: إذا كنت شبعان فى بيت أبويا ، آكل ليه فى بيت عمى
كنيستنا يا أحبائى كنيسة قوية و لذلك يجب ألا تنصاع إلى هجوم و لا حتى هى فى حاجة إلى دفاع
أحبائى .. إن الوجود الكاثوليكى و البروتستانتى فى مصر أصبح أمرا واقعيا سواء قبلنا أم أبينا .. فجميع مؤسساتنا تخدم الوطن ، و هما لا يقلان وطنية ، و إنتماءاُ و حباُ و عطاءاٌ لمصر .. و دخول السما من عدمه ليس حكرا فى يد مذهب بعينه فشعب المسيح من كل الأمم و القبائل و الشعوب
أحبائى .. التنوع بركة كبيرة و لا ينبغى أن يهدد هذا التنوع و الإختلاف روح المحبة بيننا داخل الكنيسة .. فالجميع يشيد بالكنيسة الأرثوذكسية فى روحانيتها .. و الكنيسة الكاثوليكية فى نظامها .. و الكنيسة البروتستانتية فى نشاطها .. فأين الخطأ فى هذا ؟
يجب أن نعلم نحن الأرثوذكس أن مقياس القوة لم يعد فى قوة الترهيب، و التخويف .. بل أصبح فى قوة إحترام العقول و مخاطبتها بالمنطق و الحجة
كما أن جميعنا لم نتبنى المطلقات و لذلك لابد من قبول الآخر أيا كانت عقيدته و دينه و فكره .. و إلا سنصبح عقلية تصادمية لا تعرف معنى ثقافة قبول الآخر مما سيؤدى بنا إلى عواقب وخيمة
أحبائى .. لنترك اللعب بالنار و لنعلم أن هناك أطراف خفية من صالحها أن يبقى هذا التصادم القائم بيننا بهذا التطاحن فى حين أننا فى أمَّس الحاجة إلى الحب و الإلتفاف حول اليد الواحدة التى ترفعنا جميعا بلا تمييز و نرسخ فى أذهان أبناؤنا أنه بالرغم من أن دعوة الله للجميع واحدة ، إلا أن طريقة التعامل معها تختلف من شخص لآخر و إن كان لهم نفس الطائفة
فلنعد إلى الجسد الواحد و نكون أغصان مثمرين فى كرمة واحدة |