CET 00:00:00 - 06/05/2010

من الاخر

بقلم: أماني موسى
في إحدى رحلاتي البرية التي أتخذ فيها مترو الانفاق وسيلة للوصول، كان حظي سيء للغاية حيث الحر الشديد والتكدس بعربة السيئات (السيدات سابقًا)، وبعيدًا بقى عن كل الملاحظات المعتادة اللي كلنا عارفينها من انبعاث الروائح الطبيعية الرائعة الخارجة من كل اتجاه، دة غير انحدار ذوق السيدة المصرية حيث اختلاط الألوان في الملابس وغطاء الرأس وكأنك واقف قدام بغبغان، وبعيدًا كمان عن علامات الأرف والتجهم اللي واضحة على الوشوش كأنهم راجعين من جنازة سخنة.

ولكن كل الملاحظات اليومية دي كانت في كوم واللي حصل في كوم تاني، حيث طلعت في إحدى المحطات سيدة ترتدي السواد التام من هامة رأسها لأخمص قدميها، ولا يظهر منها سوى جزء بسيط من العين، وهذا لم يثير انتباهي حيث تكرار رؤية المشهد يؤدي إلى الاعتياد ومن ثم عدم الدهشة. لكن المقزز في الأمر أنها أخذت تصرخ وتصرخ وتنتفخ شرايينها (وحاجات تانية أنتوا عارفينها) وتقول توبوا يا إخواتي فالآخرة قريبة، وعليكن بالتوبة وارتداء الحجاب والنقاب وغير ذلك من النسوة فهن عاهرات مصيرهن بين أحضان إبليس في النار وجهنم!!
ثم اندمجت في التهديد والوعيد وأخذت في فرد ذراعيها والتلويح بهما إضافةً إلى صوتها العالي لتظهر وكأنها شبح مخيف، وتقول: وسيتم تقطيع لحمهم العاري والتهامه من الدود.

وبعدها حوّلت نظرها للسيدات اللواتي لا يرتدين الحجاب وهي تصرخ في وجوههم: داري اللحم بعد كده مش هتعرفي تداريه، اعملوا للآخرة، واسترسلت في حديثها عن النقاب وأهميته، وعن الآخرة والعذاب الذي ينتظر الجميع ماعدا هي طبعًا.
وقامت كثيرات بالنزول من المترو استياءًا من أسلوبها الفج واستخدمها المؤثرات الصوتية والجسدية لبث الرعب في قلوب الموجودين.
ولكنها كانت مستمرة بعرض فيلم الخيال العلمي والرعب اللي بتحكيه، ولكن المفاجأة الكبرى أنها أتكلمت عن جهنم من واقع رويتها ليها سابقًا وهي طفلة حيث تقول أنها رأت في جهنم ملاك أسود ومارد ونار بتحرق لمدة 3000 سنة!!
والحقيقة مش عارفة شافت دة أمتى ورجعت؟!! رغم أنها من الخيرات المؤمنات اللي بتعمل الفرض بفرضه، يعني مفترض أنها تكون شافت الجنة ونعيمها مش جهنم!

واستمرت في سرد تفاصيل جهنم من المارد الأسود والدود والثعبان الأقرع، ثم بين كل فقرة والتانية تصرخ في الستات الغلابة: كلامي واضح ولا مش مفهوم؟! وكأننا في طابور الصباح مع أبلة الناظرة.
واستمرت واستمرت إلى ما شاء الله، ولم يجرأ أحد من الموجودين أن يوقفها عن ذلك الهراء والعبث، بل اكتفى الجميع بما فيهم الإخوات المحجبات بنظرات الأرف والاشمئزاز من كلامها الذي كان أشبه بالنهيق بتاع ال......
أتت محطتي وقمت فارة بالهروب من استكمال مشاهدة ذلك الفيلم الأكشن والخيال العلمي وأنا مشفقة على الباقيين الذين لم تأتي محطتهم بعد.
ولكني أود أن أؤكد لتلك السيدة أن دخول الجنة أو جهنم ليس بقطع القماش بل بالأعمال الصالحة النافعة للمجتمع وللآخرين، وليس بأعمال الوعظ والترهيب في وسائل المواصلات العامة!
وأترك لكم التعقيب على ذلك المشهد ذو المدلولات الخطيرة لمن يعي، ولكن هل ستستفيق مصر من كبوتها أم فات الميعاد على رأي أم كلثوم؟!

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٦ صوت عدد التعليقات: ١٦ تعليق