CET 00:00:00 - 07/05/2010

مساحة رأي

بقلم : سامي ابراهيم
عندما ترى شعبك يتمزق ويتفتت لا يسعك إلا أن تتألم، وعندما ترى هذا الشعب الضاربة جذوره في أعماق الحضارة والإنسانية يتداعى صرحه الحضاري بأيدي أبنائه لا يمكنك إلا أن تغضب والغضب هو ذكرى لألمك. وغضبك مجرد دليل على أنك لم تنهي التعبير عن ألمك.

انتهت الانتخابات البرلمانية ولكن لم تنتهي حملاتها الإعلامية، انتهت الانتخابات البرلمانية ولكن لم تنتهي المعركة بين زوعا والمجلس الشعبي، انتهت الانتخابات ولكن لم ينتهي تبادل التهم والتخوين بينهما. السؤال هنا: ما الذي يهم ذلك الذي فقد ابنه أو أخيه أو أبيه من الذي فاز بالانتخابات؟ هل يهم ذلك الشخص الذي تهجر وتشرد هل يهمه كثيرا إن فازت قائمة الرافدين أو قائمة المجلس الشعبي؟ أم الذي يهمه هو محاسبة من كان المسؤول عن تهجيره وتشريده. ه

ل يهم ذلك المهندس وذلك المحامي وذلك الطبيب الذي أصبح يعمل نادلا في مطعم أو خادما في منزل أو أجيرا مذلولا مهانا في بلاد الاغتراب هل يهمه أن يكون \"يونادم كنا\" أو \"لويس كارو\" عضوا برلمان؟ هل يهم ذلك الذي يودع أبنائه كل صباح قبل الذهاب لعمله على أنها قد تكون آخر مرة يراهم فيها هل يهمه من فاز بالانتخابات؟ أم الذي يحتاجه هو أن يذهب لعمله مطمئنا وسالما، وأن يرسل ابنه إلى الجامعة دون أن ينتابه شعور بأنه قد تكون هذه آخر مرة يراه فيها. إن الذي فاز في مقاعد الكوتا المخصصة للمسيحين عليه أن يلتزم ببرنامجه الانتخابي الذي طرحه، لدى زوعا ثلاثة أصوات ولدى المجلس الشعبي صوتين إذا على الطرفين الآن مهمة جديدة هي الالتزام بما طرحوه في برنامجهم الانتخابي، لديهم مهمة جديدة تختلف عن المهمة الحالية التي يقوم بها الطرفان ألا وهي تخوين الآخر واتهام الآخر.

مهمتهم هي أن يفوا ما وعدو به الشعب الآشوري، وليس إدخاله في مهاترات وجدالات وانقسامات جديدة هو في غنى عنها. المطلوب من الطرفين توحيد الشعب وليس تمزيقه وتفتيته. لديهم أمانة في أعناقهم، وعليهم دين على شعبهم وهم سيمثلون أمام محكمة التاريخ إن لم يحققوا شيئا لشعبهم. من حقهم أن يختلفوا بالطرح ومن حق الجميع أن ينقد أيها الأحباء ومن حق الجميع أن يختلفوا في الآراء حول أصحية هذا الطريق أو ذاك، لكن ليس من حق أحد أن يخوّن أحد، وليس من حق أحد أن يتهم أحد لمجرد انه يختلف معه في وجهات النظر. فالحزب الجمهوري الأمريكي أثناء الانتخابات ينتقد الحزب الديمقراطي والديمقراطي يحمّل للجمهوري أخطاء اقتصادية ومالية وعسكرية لكن لا احد يقول للآخر أنت خائن! لا أحد يقول للآخر أنت لا تحب أمريكا! \" ميركل \" لم تقل \"لشرويدر\" أنت لا تحب ألمانيا أو أنك تتعامل مع أعداء ألمانيا!.

ما يريده شعبنا في المرحلة الحالية هو عدم جعل الانتخابات ذريعة وسببا للمزيد من التباعد والافتراق، وإنما التفكير مليا لما بعد الانتخابات والعمل على بناء جسور التلاقي والسعي بين القوائم والشخصيات الفائزة لتشكيل كتلة نيابية تتبنى تحقيق مطالب شعبنا المحقة وفي مقدمتها تثبيت هويتنا القومية الموحدة وكافة حقوقنا بما في ذلك الحق في الحكم الذاتي. ما نريده الآن هو الحياة لشعبنا في العراق، ففي الطرف العربي يهجر أبناء شعبنا وتفجر كنائسنا ويقتل شبابنا ويخطفون ويأخذون رهائن، وفي الإقليم فإن طمس الحقائق مستمر والاستفزاز جاري على قدم وساق. لا توزيع عادل للموارد، لا توزيع حقيقي لفرص العمل، جرائم قتل بحق أبنائنا بدون محاسبة، ما يريده شعبنا في العراق هو أن يعيش بكل ما تتضمنه هذه الكلمة من سلام وامن واطمئنان ورفاهية، يجب أن يتحد شعبنا ويرصف الصفوف وأن يتوقف عن الصراعات الداخلية.

وهذا ما على زوعا والمجلس الشعبي في العراق أن يفعلوه في هذه المرحلة. لأن الذي يتعرض له أبناء شعبنا الكلداني السرياني الآشوري اليوم بسبب انتمائه القومي والديني هو فعل بربري، وهو إبادة جماعية. زوعا والمجلس الشعبي.. كفانا خيبات وفشل وألم وتهجير... كفانا نكبات وآلام. انهضوا بالشعب وقودوه حيث النور، ضعوا هذا الشعب في المكان الذي يجب أن يكون فيه، اجعلوه في المستوى الحقيقي الذي يتصف به، انزعوا عنه صفة الأقلية المستضعفة المهجرة والمنكلة المعذبة، أعيدوا بريقه الحضاري من جديد فبذلك تكونوا قد أوفيتم ما عليكم. 

sami198420@hotmail.com

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ١ صوت عدد التعليقات: ١ تعليق