بقلم: د. كمال مغيث |
لا أعرف من الذى أشار على الدكتور أحمد زكى بدر، وزير التعليم، بأن يذهب إلى دار الإفتاء ويعلن فى مؤتمر إعلامى هذا الإعلان الصارخ بأن دار الإفتاء ستشرف على إعداد مناهج التربية الدينية الإسلامية، كما أعلن أيضا أن البابا والبطريركية - بالطبع - سيشرفان بدورهما على إعداد مقررات التربية الدينية المسيحية. ومن الواجب أن أتساءل هنا: هل جمع الدكتور الوزير مستشاريه للمواد الدراسية المختلفة وتشاور معهم وعرف منهم كيف تؤلف المقررات الدراسية وما القواعد التى تنظمها؟ وفى البداية لابد من أن أذكر أن وزير التعليم قد أخطأ خطأ فادحا إذ توجه لدار الإفتاء وأقام هذا المؤتمر الصحفى الإعلامى الصاخب، فهناك قانون ينظم التعليم بشكل كامل وشامل، وهو القانون رقم ١٣٩ لسنة ١٩٨١، الذى عدلت بعض مواده بخصوص المعلمين سنة ٢٠٠٧. وتنص المادة الخامسة من هذا القانون على أنه «يحدد بقرار من وزير التعليم بعد موافقة المجلس الأعلى للتعليم مدة السنة الدراسية وعدد الدروس الأسبوعية فى كل مرحلة وصف والمواد الدراسية وتوزيع الدروس على الصفوف وإقرار المناهج ونظم التقويم والامتحانات .. إلخ» كما تنص المادة ٢٧ على «تنظم بقرارات من وزير التعليم بعد موافقة المجلس الأعلى للتعليم مواد الدراسة وخططها والمناهج والامتحانات فى التعليم الثانوى العام». أما فيما يتعلق بالتربية الدينية فتنص مادة ٦ على أن «التربية الدينية مادة أساسية فى جميع مراحل التعليم، ويشترط للنجاح فيها الحصول على ٥٠% على الأقل من الدرجة المخصصة لها على ألا تحسب درجاتها ضمن المجموع الكلى». وهكذا يتضح من عرضنا لتلك النصوص من قانون التعليم أن المخول فقط بالتشاور وعرض الأمر هو المجلس الأعلى للتعليم، فهل عرض الوزير هذا الأمر المهم على المجلس الأعلى للتعليم أم اعتبره غير موجود من الأساس؟ ومن هنا فأغلب الظن أن زيارة الوزير كانت مجرد شكل من أشكال المواءمة، فهو يريد أن يعلن أنه سوف يجازى على سياسة الدولة التى تعين المفتى، وبالتالى ستكون راضية تماما عن إشراف دار الإفتاء على مقررات التربية الدينية الإسلامية، وطالما أن الأمر كذلك فأحب أن ألفت النظر إلى أن الأزهر كان دائما حاضرا فى مراجعة مقررات التربية الدينية الإسلامية ، وكانت الدكتورة كوثر كوجك، مدير مركز تطوير المناهج السابق، تعلن على صفحات الصحف أن الأزهر قام بمراجعة تلك المقررات، ومع هذا لا يجد الوزير ولا المفتى غضاضة فى الإعلان عن أن المقررات تتضمن الكثير من قيم وأفكار التطرف الدينى. وإذا كانت هناك إجراءات متبعة لتأليف المقررات الدراسية تشترك فيها دور النشر، ويتم التحكيم السرى على أفضل المقررات، فهل سيستثنى الوزير المقررات الدينية من هذه الإجراءات، وعلى أى أساس سيتم ذلك. وها نحن نرى أن الأمر قد انتهى بما يشبه «المقلب» إذ سرعان ما أعلن المفتى أن الأزهر هو المنوط به مراجعة وتطوير المقررات الإسلامية؟ وهو ما كان يتم بانتظام كما أسلفنا، ومن حقنا أن نتساءل إذا كان أمر مواءمات ألم يكن من المناسب أن يقوم الوزير بزيارة البابا شنودة كما فعل مع المفتى؟ ويبقى بعد ذلك أمران الأول أن لدار الإفتاء وظيفتها وللأزهر كذلك وظائفه، وليس فى قانونيهما ما يخول لهما الإشراف على مقررات التربية الإسلامية، وبالتالى فإشراكهما فى ذلك هو لون من الاستعداد لتدخلهما فيما لا يحق لهما، بالإضافة إلى أنه تنازل أيضا من الوزير عن حقه ووظيفته، وهو - فضلا عن ذلك - شكل من أشكال اختلاط الرؤى وغياب الهدف. ولا شك أن للتعليم فلسفته وسياسته أو ينبغى أن يكون، كما كان على الوزير أن يجتهد فى تحديد تلك السياسة وتجديدها ثم العمل بمقتضاها ويأتى تأليف الكتب المدرسية فى ضوء تلك السياسة وتلك الفلسفة ليحولها إلى برامج وخطط ومقررات دراسية وأنشطة تربوية صفية ولا صفية. وإذا لم يكن من الأمر بد فيتم تأليف المقررات أو اختيارها فى ضوء القواعد المعمول بها، فى ضوء فلسفة التعليم المدنية وإرسالها إلى الأزهر وإلى الكنيسة للتأكد من أنه ليس فيها ما يصادم ثوابت العقيدة. ويبقى بعد ذلك أن نتساءل: ماذا بشأن التطرف الدينى فى مختلف المقررات الدراسية، وهناك من هذا الكثير فى كتب اللغة العربية والقصص المقررة. نقلا عن المصري اليوم
|
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع |
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا |
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا |
تقييم الموضوع: | الأصوات المشاركة فى التقييم: ٠ صوت | عدد التعليقات: ٠ تعليق |