CET 00:00:00 - 09/05/2010

مساحة رأي

بقلم: عماد توماس
لستُ أعلم لماذا أشعر أن المسيحيين في مصر مثل نادي الزمالك، في شعورهم بالظلم البيّن، والتمييز الممنهج، والعدالة الغائبة.
فكرتُ قليلاً ووجدت أن الزمالك يتشابه مع مسيحيي مصر في عدة مشتركات عديدة منها:
•عدد جماهير الزمالك اقل من عدد جماهير الأهلي، وعدد مسيحيو مصر أقل من مسلميها، والزمالك في المركز "الثاني" من حيث عدد البطولات الحاصل عليها بعد النادي الأهلي، والمسيحيين يأتون في المرتبة الثانية من حيث عدد السكان بعد المسلمين.
•تتميز معظم الأقليات بالرقى والتحضر، فمشجعي الزمالك أكثر تميزًا في المستوى التعليمي والثقافي من مشجعي الأهلي، فيندر أن تجد مشجعًا للزمالك لا يفهم في أساسيات وفنون كرة القدم، بينما قد تجد كثير من مشجعي الأهلي يشجعون بـ "الوراثة" فتجد الطفل الصغير يهتف للأهلي وهو لا يعلم إلا لون قميص الأهلي الأحمر، والمسيحيين أكثر تميزًا في المستوى التعليمي من غيرهم، فدائمًا الأقليات العددية تهتم بمستوى تعليم أبناءها.
•مثلما يتعرض المسيحيين لتمييز ديني فج، يتعرض لاعبو الزمالك لتمييز كروي فاضح وتحكيم غير عادل، فإذا كان حتى كتابة هذه السطور، لم يصدر حُكمًا واحد ضد أي مذنب في الاعتداءات الطائفية ضد المسيحيين، كذلك من النادر أن نجد حَكمًا واحد تم إيقافه من اتحاد الكرة والذي يطلق عليه البعض "اتحاد الفراولة" في إشارة للون الأحمر.

•يلجأ الزمالك أحيانًا للمطالبة بحكام أجانب حرصًا على العدالة التي يفتقدها من جانب الحكام المصريين، فتاريخ الزمالك ملغم بحكام فاسدين أضاعوا العديد من البطولات بقرارات خاطئة سواء عن قصد أو دون قصد، فالحكم الدولي السابق محمد حسام أهدىَ درع الدوري إلي النادي الأهلي عام 1981 بعد إلغائه هدف صحيح لحسن شحاتة في مرمي الأهلي.
ونفس هذا الحكم بعد أن أصبح رئيس لجنة الحكام قال أنه "فخور" بأداء توفيق السيد حكم مباراة الزمالك والشرطة الذي لم يحتسب ضربتي جزاء على الأقل في المباراة، ويحاول بعض من المحاميين المسيحيين، "تدويل" القضية القبطية، ورفعها أمام المحاكم الدولية حرصًا على نزاهة الأحكام الصادرة. فحادث قرية الكشح التي راح ضحيتها 21 مسيحيًا تم تبرئة المتهمين.
•بعد مباراة الزمالك واتحاد الشرطة بإستاد القاهرة الدولي في الشهر الماضي، وحدوث اشتباكات متبادلة بين اللاعبين داخل الملعب بعد المباراة، وبين الشرطة والجماهير خارج الملعب بعد المباراة، أصدرت لجنة الانضباط باتحاد الكره قرارات متعسفة ضد الزمالك، من إيقاف علاء على لاعب خط وسط الزمالك ومنع إبراهيم حسن من دخول الملاعب حتى نهاية العام، وإيقاف نجم الزمالك الصاعد  حازم أمام 8 مباريات بسبب سحب الكارت الأصفر من الحكم رغم أن مثل هذا الشيء حدث من لاعب الأهلي حسام عاشور ولم يتحرك الحكم ساكنًا لإنذاره وعندما بصق لاعب الأهلي محمد فضل على عمرو فهيم في مباراة انبي غضت لجنة المسابقات الطرف عن الأمر وكأنها شاهد مشفش حاجة!!

•يعتقد الكثيرون أن النادي الأهلي يمثل "الحزب الوطني" الحاكم، بينما الزمالك هو النادي الملكي الذي أنشاه  مرزباخ البلجيكي -الغير وطني- عام 1911 وكان رئيسًا للمحاكم المختلطة في مصر آنذاك، وسمى باسم نادي قصر النيل ثم تغير اسمه إلى المختلط لأنه كان يحوي بين جنباته عدة جنسيات سواء من أعضائه أو لاعبيه. وتشعر جماهير الزمالك بمعاملة سيئة وكأنهم من مواطني "تل أبيب" ومؤخرًا قام بعض من جماهير الزمالك برفع علم "الجزائر" في مباراة الزمالك وحرس الحدود بالإسكندرية!! ويتهم البعض أن مسيحيو مصر بأنهم غير وطنيين، وإنهم متواطئين مع أمريكا وإسرائيل ويستقون بهما، والتاريخ يذكر كيف عُومل المسيحيين كأهل ذمة، رعايا وليسو مواطنين، وحرموا لفترات طويلة من أداء الخدمة العسكرية.
•يعانى الزمالك من إعلام متواطئ ذي صحافة "حمراء" لا يرى في معظمة إلا اللون "الأحمر" ويعانى المسيحيين من إعلام مزيف ذي صحافة "صفراء" تزيف الحقائق، وتكذب في رابعة النهار، تعتبر الحوادث الطائفية جنائية، وتصف الهمجية بالفردية، مثلما حدث في نجع حمادي، وبعد مباراة الزمالك والأهلي الأخيرة خرج الناقد الرياضي علاء صادق قائلاً: إن النادي الأهلي حقق "الفوز" في مباراته أمام الزمالك، رغم انتهاءها بالتعادل الإيجابي بثلاثة أهداف لكل منهما". وها هو حسام البدري المدير الفني للأهلي يؤكد أن الأهلي كان الأفضل جدًا في المباراة!!

•تبدو قيادات الزمالك عاجزة عن الرد على الظلم التحكيمي من الحكام وجور اتحاد الكرة وسطوة الإعلام، وتبدو القيادات الكنسية في موقف لا تحسد عليه، مراعاة لتوازنات مطلوبة أحيانًا وبلا مبرر غالبًا، لكنها المصالح الشخصية والفردية، فتضيع حقوق القضايا العامة والجماعية.
فإذا نظرنا إلى الظلم التحكيمي الذي تعرض له الزمالك في مباراة الشرطة بعدم احتساب توفيق السيد حكم المباراة على الأقل ضربتي جزاء صحيحتين يراهما الكفيف قبل المبصر، لم يفعل مجلس إدارة الزمالك شيئًا سوى تقديم احتجاج على حكم المباراة وعلى لاعبيه الموقوفين وهو احتجاج لا يغني ولا يسمن من جوع، وألغى حكم مباراة الأهلي وانبي هدفين صحيحين لصالح انبي بداعي التسلل.
هدم محافظ الأقصر مبنى الكنيسة الإنجيلية والمدرسة التابعة لها، ولم يفعل الوفد الإنجيلي الذي ذهب للقاء المحافظ سوى بيان هزيل يشيد بالعمل المنظم والراقي والهادف لتطوير محافظة الأقصر، وكان ينقص البيان الإشادة بالاعتداء على القس وزوجته!!

•لاقىَ الزمالك معاملة سيئة ومستفزة من رجال الشرطة أثناء دخول أتوبيس اللاعبين إلى إستاد القاهرة قبل مباراة الأهلي الأخيرة، وقاموا بتفتيش أتوبيس اللاعبين ولم يسمح لهم بالدخول إلا بعد التفتيش بحثًا عن إبراهيم حسن الممنوع من دخول الإستاد، ويلاقى المسيحيون -خاصةً في الصعيد- معاملة سيئة من رجال الشرطة حتى أنك تندهش من الاعتداءات التي تحدث على المسيحيين وكنائسهم فتجد الشرطة تقبض على عدد من المسيحيين والمسلمين، بلا تفرقة بين الجاني والمجني عليه.

•لا تندهش عندما يسجل الأهلي هدفًا في مرمى الزمالك وتجد الكاميرا تذهب لتسجيل فرحة الجماهير فتجد رجال الشرطة مبتسمين فرحين، وعندما يحدث اعتداء على كنائس المسيحيين تتساءل ما فائدة الحراسة على أبواب الكنائس والمسيحيون يعلمون أنه إن لم "يحرس" الرب البيت فباطل تعب "الحراس"!!
•تبارى عدد من النقاد الرياضيين وكثير من الإعلاميين في الهجوم على الزمالك، من مدحت شلبي وعلاء صادق وغيرهم، ولم يسلم المسيحيين من هجوم على كتابهم المقدس من محمد زغلول النجار وأبو إسلام وغيرهم. واحد يصف الكتاب المقدس بـ "المكدس" وآخر يصف المسيحية بـ "الوثنية"!!
•كل فترة نسمع عن انتقال لاعب من الزمالك للأهلي، سواء بالإغراءات المادية أو لوجود مشاكل بين اللاعب وناديه، انتقل رضا عبد العال في التسعينات بعد أن كان نجمًا في الزمالك إلى الأهلي، ثم انتقل طارق السعيد منذ عدة سنوات للأهلي، وسمعنا عن محاولات لإغراء نجم الزمالك الشاب حازم إمام بعد خلافاته من حسام حسن، وعلى الجانب الأخر نجد لاعبا مثل ياسر المحمدي الذي تركه الأهلي وذهب للزمالك بإرادته، نراه يتألق ويبدع من الزمالك حتى انه سجل هدفا في مرمى فريقه السابق، ونسمع من حين لأخر عن تحول فتاة مسيحية إلى الإسلام نتيجة علاقة عاطفية، أو تحوّل زوجة مسيحية تعانى من مشاكل زوجية ويبقى السؤال أين هو الآن رضا عبد العال؟ لماذا لم يكافئه الأهلي بتولي منصبًا تدريبيًا في ناديه الجديد الذي من أجله باع الغالي والنفيس؟ وأين هو "يهوذا" الآن الذي خان المسيح بثلاثين من الفضة؟!

•ربما تكون المرة الأولى التي تُحدث فيها جماهير الزمالك شغبًا بعد مباراة كرة قدم، فبعد مباراة الشرطة قامت الجماهير الغاضبة بتكسير مقاعد الإستاد والاشتباك مع الموظفين العاملين في الإستاد، ولأول مرة في تاريخ المسيحيين أن يخرج البعض منهم في مظاهرة احتجاجية في ميدان التحرير احتجاجًا على حوادث العنف الطائفي ضدهم.
•يشعر لاعبو وجمهور الزمالك بتمييز واضطهاد "كروي" و"إعلامي" نحوهم، ها هو حازم إمام يقول بعد إيقافه 8 مباريات انه لو كان لاعبا في الأهلي لأعطوه "وسامًا" وأن "البلد لونها أحمر"، ويشعر بعض المسيحيون في مصر بتمييز واضطهاد "ديني" ضدهم، فهل نسيتم قصة الدكتورة "ميرا رءوف" التي رفضوا تعينها بكلية طب الأطفال بجامعة المنيا رغم أحقيتها وتعيين زميلتها المسلمة بدلاً منها!!
•في وسط هذا الظلم الفادح، يظهر ما يسئ إلى الزمالك مثل إبراهيم حسن بعنفه وتطاوله على المنافسين بالحق والباطل، وهكذا يفعل واحد  من أقباط المهجر!!
•رغم محاولات القضاء على الزمالك إلا أنه " يمرض ولا يموت" يبتعد قليلا عن حصاد البطولات لكنه يعود كالمارد، ورغم هجرة العديد من "الأقباط" المتميزين وشعور آخرين بالغربة في بلادهم، إلا أن البقية الباقية تحافظ على هذا الكيان آملة في وطن آمن تتحقق فيه العدالة الغائبة وتكافؤ الفرص.

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٥ صوت عدد التعليقات: ٨ تعليق