CET 00:00:00 - 10/05/2010

مساحة رأي

بقلم : محمود الزهيري
لم يكن أبداً علي مستوي المسؤلية الإنسانية , بل كانت الأنا هي المسيطرة علي كيانه وذاته المتضخمة بالباطل والطمع والجشع . لم يكن علي مستوي أدبيات الإنسان المرتقي للفضيلة وأخلاق العقل القويمة كانت تعرض عنه في الغدو والعشي , رأي في نفسه بدراً بالليل وشمساً بضحي النهار , وكأن ذاته المريضة هيأت له أنه بجمال يوسف الصديق , وهو ليس كذلك , يدعي علي الدوام أنه صاحب الحال والمآل , بل تتشابه صفاته مع نبات الهالوك المتطفل علي النباتات بلا غير مجهود وإرادة الفعل في الإعتماد علي الذات , يدعي إدعاءات كاذبة في ثياب الصدق , وهو الخائن الجهول الكذوب .

دارت حوارات ونقاشات كثيرة برمزية الكسوف والخسوف , وإختلافات في الرؤي والرؤيا , وتناقض إرادة البصر وإرادة التبصر , أصبحا طرفي نقيض بخلفيات الغش والخديعة , فهو علي الدوام يعلي من شأن الأنا المتدنية الحطيطة , وهي بإرادة سامقة شاهقة تأبي إلا أن تحيا حياة الكينونة , وهو يلهث بإتجاه التملك , ويتباري بالكذب والخديعة من أجل الملكية والجاه , هي باحثة عن الكينونة , وهو لاهث وراء التملك !!
ومن هنا كانت بداية النهاية حيث الإنفصال العقلي , والطلاق الوجداني العاطفي هو المصير المحتوم .

يأتي مأذون العقل بوثيقة تطليق عقلية , ويرافقه مأذون الوجدان ليفك الإرتباط المزيف بين وجدان نقي , ووجدان مشوه , ويعقدا وثيقتي تطليق , لتكونا نهاية شافية لما تبقي من عفن العقل وسراب العاطفة , وكأن هذا التطليق قد علمت به الدنيا كلها , وشاهده الإنس , وتبدت تلك السعادة بوجه الزمن الذي جاد بهذه النعمة بإرادة سماوية علوية ملؤها الطهر والعفة والنقاء , بعد حالة الإغتسال بالنور , والتوضوء بضوء شفيف , والدخول في حضرة الطهر بصلاة علي ثياب طاهر لم يمسه الرجس والدنس برمزية متواربة غير معلنة بحياء عفيف سعدت له السماء وصلت له الإنس , بل الدنيا كلها , حال الإنفصال ووداع العفن :

كلها أوراق ودقايق ينتهي باقيك مني          
شوف هالساعة كريمة ( للسما جود و زمن )
يوم صلّى الإنس في توبة حقيقة أو تجنّي          
صلّت الدنيا على ثيابي وودّعت العفن!
 
لايخفي علي النص تلاعبك , وغدرك وغشك وخياناتك , فهذه أمور أصبحت مفضوحة ومكشوفة , فمهما حاولت المداراة أو المماراة فهذا أصبح لايجدي نفعاً , ولا ينتج ضراً , فمهما تقولت بصيغ الحب والغرام , وصيغ الغزل المرصودة في دوواين الغش والخديعة , حتي لو وصفت إشراقة وجهي بإشراقة الشمس وقت الضحي , ولو وصفت وجهي بالقمر المكتمل كبدر التمام , فأنت الكذوب في العشق والغرام حتي لو تقولت بأن حبك لي موت , فالحب حياة , والغدر والغش والخيانة موت , وأنت يامن أنت , أنت الموت !!
أترك صنائع النساء ياهذا , وكن رجلاً في طباعك , فأنت مازلت كخضراء الدمن , في منبتك سوء وقبح ودناءة روح , يامن تتزيي بزي الغدر , وحتي ظلك يشبهك ويحاكيك في الغدر والخيانة , واتركني للهموم التي سكنتني بأسباب راجعها إلي خياناتك وزيفك  :

إيه قلت الشمس وجه وقالت القمرا تحبني          
واستدرت بكل صيحة في العشق صوب الكفن
همّي الأول مداك وهمّي الآخر سكنّي          
وانت يا لابس ظلال الغدر خضْرٍ كالدمن


إلي أي جنس ينتمي هذا الكائن الوصولي الإنتهازي الهالوكي في صفاته , الأناني في طباعه , هذا المغرور الذي يبتغي أن يعيش في رغادة عيش , وسعادة حال بموجب صك مقايضة علي الحب , يضع المال والجاه والحسب والنسب لمن يدعي أنه يحبها في كفة ميزانه هو , وفي الكفة الأخري يدعي أنه واضع للحب , فهل ياتري هذا الميزان تقاس به القيم والمثل والمبادئ , وهل القيم والمثل والمبادئ بما تتضمنه المشاعر والأحاسيس النبيلة , يمكن أن تخضع لمقاييس مادية , إنه الغرور والنقص بمركباته المهلكة لحامل هذه المركبات .

هذا الشخص المريض بمرض موت المشاعر الإنسانية والأحاسيس الوجدانية النبيلة السامقة في سماء العزة والكرامة , هو الموت الكامل لهذه القيم حتي وإن كان حياً يمشي علي قدمين , فرأسه منكس , وقلبه منكوس توالت من إنتكاساته طعنات تليها طعنات صدرت ممن تزيا بالخيانات التي تقتل بالمرواغة والمتاهات التي تصل مساراتها إلي طرق مسدودة مغلقة , وتكون نتيجتها في الإختبارات والإمتحانات صفر بجدارة الفشل والرسوب في إمتحان مواد الفضيلة والعزة والكرامة المقررة علي فصل الحب والإخلاص والتفاني والوفاء .

ودعوي الإجابة علي هذه الإمتحانات التي كانت تحتمل أن تكون رموش الخيانة هي الوطن , وكيف تكون مواطن أوطان الخيانة وطن !!؟
خسف وجه الغدر , وغربت ملامحه , تلك الملامح المرسومة بريشة الزيف والظنون , لتتقرر شهادة من إدعي أنه يحبها , لتجزم أنه لم يكن مطلقاً يمثل أي زمن من الأزمان أو وقت من الأوقات كان له مكان في دنياها , وهذا راجع لجهله بمن إدعي أنه أحب , فقد ظهرت علي وجهه سوادات الزيف والظنون لتكشف وتفضح أقوال مرسلة إدعت أنها إكتحلت بالحب , وإلا ماكانت فضيحة الوجه تنبيء عن فضيحة القلب .   

         
إيه مني المال ومني الحال وانت اللي تحبني!
 وانت يا موتي ( وموتٍ حي ) أول من طعن
في مدارات ومتاهات وخيانات امتحنّي
 خنجرك لكنّ ياما شفت في رموشك وطن!  
يا ترى وشلون وجهك من بعد ما غبت عني؟
أبيض من اللون والا أسود بزيفٍ وظن؟
مكتحل بالحب والاّ بالحلا ما فيك مني؟
 ما عرفت اسمي ولا لك في زماني أي زمن؟
 
مابين غربة المشاعر والأحاسيس , وغربة الذات , مابين غربة العقل , وغربة الجهالة والغباء , مابين غربتين وقف النص حائراً حزيناً متوجعاً تستوقفه الغربة , غربة الزمان والمكان , تلك الغربة التي كانت صديقة صادقة , والتي أخبرت بصدق عن مايخفيه اللامأسوف عليه صاحب المواعيد المطعون في صدقها , والتي إرتدت عليه سهام هذه المواعيد المطعونة لتطعنه بسهام الكذب والخديعة , والحمد كل الحمد أن ينتهي الباقي منك إن وجد , ولكن لحسن الطالع أنك لم تكن موجود إلا بقدر المعرفة بخياناتك ومركبات نقصك وكذبك وغرورك المتوهم :

كل مداين غربتين استوقفتني وعرفتني          
كل تاريخٍ جمعنا / ( ليت ) مصنوع بوهن!
ليت ما رحنا وجينا ما ابتعدنا (ونسفتني          
ساعتي فوق السفوح وقلبي المسكين حنّ(
والخبر ياللحسافة ( انتهى باقيك مني)
أو لحسن الحظ موهوم المواعيد انطعن!!
يبدأ النص بصلاة الطهر ووداع العفن  :
يوم صلّى الإنس في توبة حقيقة أو تجنّي          
صلّت الدنيا على ثيابي وودّعت العفن!
 
وينتهي النص بصلاة تحمد الموت وتشكره , للنجاة من الموت في أحضان الظلام والظلم الآدمي , والإرتفاع بشهادة علوية سماوية يطمح النص للسمو إليها وبها , حيث الصدق المطلق والإخلاص والوفاء المطلق , حيث لازيف ولا غش ولا خداع , حيث لانفاق ولا تغرير أو غرر :

يوم صلّوا يحمدون الموت ميلادي رفعني   ما توفّاني ظلامك ( للسما جود وزمن( 

mahmoudelzohery@yahoo.com

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٠ صوت عدد التعليقات: ٠ تعليق