بقلم: سحر غريب
لقد خلقني الله امرأة لا يعيش لها خلاط... فالخلاط عمره الافتراضي معي لا يتجاوز الستة أشهر ثم يعلن حالة عصيان مُسلح ويُضرب عن العمل التام ويدخل في مرحلة الموت الزؤام... وفي يوم من ذات الأيام فوجئت بحماتي الغالية داخلة عليا وفي يديها هدية عُمري قلت بركة يا جامع..
وهدية حماتي مقبولة حتى لو كانت مبلولة... وقد هادتني أم الغالي بهدية أحلامي وهو خلاط كهربائي.. ست ذوق صراحة فقد عرفت ماذا ينقصني وقالت تهاديني به... فرحت بالخلاط وقلت أخيرًا يا زماني السعد طرق علي أبواب نحسي... وحماتي رضيت عني وأصبحت تهاديني... وأخيرًا سنصيب الأعداء بكيد العوازل وسنضع الحابل علي النابل ومن الجائز أن نتحول إلي أعز أصحاب فاليوم هادتني الغالية بخلاط وغدًا تهاديني بـ "كيتشان ماشين" وبعد غد ستعصر على أعصابها ليمونة وتهاديني بكلمة حلوة... فمن منّا يعلم الغيب.
وفي يوم من ذات الأيام جارتي حبيبتي "الأنتيم" خلاطها كان بعافية بعض الشيء واحتاجت إلي قطع غيار خلاط سلف... طبعًا واحدة في شهامتي تحب طول عمرها تخدم، فقلت لها أمسحي دموعك يا أمال وخذي جربي خلاط حماتي المتشال... وجربت جارتي الخلاط... الحمد لله هي بخير ومازالت حية تُرزق..
يقولون إن شعرها وقف فقط وصوتها جاب لسابع جار... لأنها عقبال عندكم أتكهربت... وطبعًا كان المقصود بتلك الكهربة أنا وليست جارتي المسكينة لأن حماتي كانت تري أن الفولت عندي مُنخفض فأحبت أن تعليه إلي السماء... ولولاكي يا جارتي لأتكهربت وأتفقعت مرارتي ولأصبحت حياة حماتي وردية بلا مرات أبن تعكنن عليها.
من الغريب أن تسألني حماتي في كل مرة تراني فيها عن عدم استخدامي لخلاط العُمر التي تفضلت واشترته لي بخمسة وعشرون جنيه دُفعة واحدة... ثم تكمل: هو أنا يعني هصرف عليكم وعلي خلاطاتكم أنا عاوزة فلوسي اللي دفعتها في الخلاط... مش كفاية عليا صرفت علي جوزك لحد ماعملته راجل يقدر يفتح بيتك.
وسؤال حماتي اللحوح جعلني أتساءل بدوري وجعل النوم يطير من عيني... من أين عرفت حماتي بعدم استخدامي للخلاط... هل أصبحت زيارة مشرحة زينهم زيارة مفاجأة هي البروتوكول الرسمي لاستخدام خلاطات حماتي المُهداة؟!
يبدو أن حماتي كانت ناوياها ناوياها... ومن الواضح أنها قد قامت بتجربة الكائن الخرافي الجديد القابع بمطبخي كما الجثة الهامدة والمُسمي عن طريق الخطأ خلاط فالاسم الحركي خلاط والفعل سفاح وعرفت ماذا يخبئ لي القدر وأحبت أن تخلصني من الدنيا وقسوتها بدري بدري... أفكر جديًا في أن ألفه لفة شيك وأعيده لها، هدية لا تُرد ولا تُستبدل.
بصراحة الست عملت الذي عليها ويزيد.. هادتني بهدية تقصف عمري... وكانت ناوية نيّة خالصة أن تكهربني وهي تعرف جيدًا أن الكهرباء غالية ولكن لا يوجد في الدنيا ما هو أغلى مني عندها... ماذا تعملون في عيني الفارغة التي لا تستحق غير التراب ساكنًا لها... مسكينة حماتي معي. |