بقلم : د. نجيب جبرائيل
عملاً بحق الرد فقد نشرت اليوم السابع أمس مقالاً مطولاً للدكتور" يوسف زيدان"، الذى سبق وأن تقدمنا ببلاغ ضده إلى النائب العام لإزدراءه وسخريته وتهكمه على العقيدة المسيحية.
فقد حوّل فى رسالته لى الحقائق واستعطاف الكثيرين حوله كما لو كان الموضوع هو مباراة أو مبارزة يحاول فيها حشد أكبر عدد إلى جانبه وهذا من حقه، إذا كان الأمر يتعلق بسجال فكرى، أو ادبى أو حتى عقائدى يتبنى فيه كل منا وجهة نظره، وفيه المؤيد والمعارض، وهذا ما تم فى رواية "عزازيل" التى أصدرها "زيدان" منذ أكثر من عام ونصف، وتناولناها بين النقد وإختلاف وجهات النظر بين المؤيد والمعارض، وقد قلنا رأينا فى حينه وأعتبرناها، رغم ما حفلت به من مغالطات للتاريخ والتراث المسيحى ، فى مجال حرية الفكر وإبداء الرأى.
ولكن يبدوا أن "زيدان" قد استمر فى أخطائه وتعمده فى إهانة المسيحيين وديانتهم وعقائدهم، فجاء ذلك عن عمد، كما أعتبر روايته "عزازيل" من قبل تدخل تحت نطاق النقد المباح، حتى لو كان ما يتناوله هو هجوم على عقيدة، أو سخرية منها، أو تهكم عليها، كما حدث فى ندوة اليوم السابع .
وأخذ "زيدان" يحشد فى مقاله الأخير فى اليوم السابع مؤيدين لوجهة نظره وإظهار نفسه أنه بسبب إبداعه قد سيق إلى نيابة امن الدولة العليا بغير إثم يكون قد اقترفه، وإنما بسبب عمل أدبى ونقد مباح وحرية فكر، وجعل نفسه ذلك الذبيح الذى قدم على مذبح الحرية وأنهم هكذا قتلوا من قبله من دعاة الحرية، وضم نفسه لكوكبة نبلاء الحرية التى هى دفاعنا الأول ايمانًا منا بأن مذبح الحرية لا تذبح فيه العقيدة فليذبح من يدافع عنها ضد من يضطهدها وينكرها.
وراح "زيدان" يردد تلميحًا وتصريحًا مكررًا أنه ذاهب إلى نيابة أمن الدولة العليا، وكما لو كان الذهاب للنيابة هو إجراء استثنائى أو غير مشروع، ولم يدر أن النيابة العامة هى الخصم الشريف والأمين على الدعوى العمودمية.
وراح"زيدان" أيضًا يستلهم ويستجمع الهمم من المدافعين، ومن اتحاد الكتاب ضد أولئك الذين اسماهم بدعاة الحسبة .
ولذا كان لزاما علينا أن نوضح الحقائق كاملة والتى حاول "زيدان" أن يلوثها أمام القارئ والمشاهد بتصوير نفسه أنه الحمل الوديع أمام الذئاب المفترسة، ولكن نحن على يقين أن فطنة القارئ والمشاهد أقوى وأعمق من تلك الإفتراءات، ومن ثم فسوف نسرد الحقائق الآتية :-
1- أن دكتور "زيدان" قد ألف رواية "عزازيل" منذ أكثر من عام ونصف، ورغم ما بها من مغالطات وافتراءات على المسيحية، وتراثها وتاريخها، لكننا من ناحيتنا اعتبرناها عملا ًادبيًا ونقديًا ، وردت على ذلك كتب رجال الدين المتخصصين والتى استطاعت أن تبين تلك المغالطات من خلال تلك النظرة النقدية كأى عمل فنى أو أدبى ولم تلاحق روايته بأية إجراءات قضائية.
2- لكن يبدو أن "زيدان" قد استمر ، ولم يحترم المسيحية وعقيدتها، وبدون داع وبدون مبرر، حيث عُقدت ندوة فى اليوم السابع منذ حوالى ثلاثة أسابيع، وخرج هو من سياق الندوة، والتى لم تكن متطرقة إلى بحث العقائد ومناقشتها، ولكن يبدو أن "زيدان" لم يرد أن يقلع عن هجومه على المسيحية فقال بالحرف الواحد عامدًا متعمدًا "أن الكنيسة تعلم القاصرين فى مدارس الأحد الضلال وقد تأثرت بالأساطير، فأوهمت أن الله هبط من السماء لينقذ الناس " وقد مضى متهكمًا فى كلامه بالقول " ألم يستطع الله أن يخلص البشرية وهو فوق فى السماء ؟"، ولم يكن الأمر يحتاج إلى هذه السخرية أو هذا التهكم .
3- ربما قد يخفى على القارئ أو المشاهد وبالأخص الاخوة المسلمين أن موضوع أن الله قد تجسد ونزل من السماء ليفدى البشرية، هى عقيدة مسيحية، بل هى جوهر المسيحية بالكامل، كما هو الحال بما يؤمن به أشقاءنا المسلمين من هبوط الرسالة والنبوة على نبيهم. فعقيدة الفداء فى المسيحية "أن الله نزل من السماء متجسدًا وبدونها لا تكون المسيحية، فليس من حقى كمسيحى أو حتى مسلم أن أتهكم أو أزدرى بأى عقيدة أسلامية أو مسيحية، فللعقائد كل الإحترام مهما تعددت مساحات الإختلاف أو التقت نقاط الإشتراك، وهكذا تعقد مؤتمرات حوار الأديان لتؤكد إحترام الجميع وعقائدهم.
4- ونرد على أولئك الذين يطلبون منا ويقولون لنا " ألم يكن من الممكن أن نرد على زيدان حجة بحجة بدلاً من اللجوء إلى النائب العام بالآتى :
• تصور يا أخى المسلم أن مسيحيًا فى مصر، مهما علا شأنه، تعرض للإسلام على سبيل الفرض الجدلى قائلاً : لا يوجد ركن فى الإسلام يسمى حج البيت لأن ذلك تكليف ومشقة على المسلم " هذا فرض جدلى وغير جائز مطلقا " أو ينكر صوم رمضان على المسلمين ، فهذه ثوابت وجوهريات أساسية فى الإسلام فماذا سوف يكون ردكم ؟ هل سوف تسكتون وتكتفون بمجرد الرد عليه فى مقالة أو كتاب عندما يتعرض شخص مسيحى او مسلم ويشكك فى عقيدة ما يؤمن به المسلمون بنبوة ورسالة رسول الإسلام بكل تأكيد سوف نقوم جميعًا بالإبلاغ عنه بأنه يزدرى ديناً من الأديان .
5- أليست المسيحية دينًا معترفًا به فى الدستور المصرى فكيف يستهزء "زيدان" بجوهر عقيدتها إذن ؟ وما الغاية من وجود نص فى قانون العقوبات يعاقب على إزدراء الأديان وهل نترك بعضًا البعض كل منا يهاجم عقيدة الآخر ، فيتحول المجتمع إلى فوضى تحت مظلة حرية الرأى والإبداع ؟!!.
6- عتاب إلى أستاذنا وفقيهنا الدكتور"سليم العوا" " زيدان " فبهجومه على المسيحية يهاجم ما يكملون إسلامهم به ، حيث أعلم أن هناك قاعدة شرعية أصولية بأن إسلامكم لا يكتمل إلا بأيمانكم بالمسيحية واليهودية ، هل يهون عليكم أن تتعرض المسيحية لمن يزدريها ؟ أليس من يزدرى ويهين المسيحية يزدرى ويهين ما يكتمل به إسلامكم؟.
يا صديقى العزيز أنتم أقمتم الدنيا ولم تقعدوها على مجرد قرار سويسرى بحذر إقامة مآذن جديدة.
ونحن وأنتم أوقفنا الدنيا ولم نقعدها حين إهانة الرسوم الدلماركية للاسلام والمسلمين، أفتستكثرون علينا أن ندافع عن عقيدتنا عندما تُهان وتذبح على ما يسمى مذبح الإبداع و حرية الرأى؟
وأخيرا فهل نحن أكثر ديمقراطية وإحترامًا لحرية الرأى من هولندا التى تحاكم الآن "فلدرذ" صاحب فيلم فتنة الذى أساء للاسلام والمسلمين.
عزيزى دكتور "زيدان" أرجو ألا تنتزع إستعطافًا غير مشروع وتزرف دموعًا وأنت تعلم أنها لا تمثل خوفًا على إبداعًا أو حرية ؟ فلا بكاء على اللبن المسكوب، الإ حين يقول القضاء كلمته، وأعتقد أننى قبل أن أقدم على بلاغى كنت قد عرفت كل شئ، وخاصة عندما كتنم فى كلية الآداب فى "دمنهور" ومشواركم فى مكتبة الإسكندرية.
رئيس الإتحاد المصرى لحقوق الانسان |