كتب : جرجس بشرى - خاص الاقباط متحدون وبمرور الأيام بدأت صورة خطيئته، وصورة التي أغواها تتضاءل وتبهت شيئاً فشيئاً ، ولم يكن يشعر بغصة في حلقه سوى بعض المُحاولات المُستميتة من الملعون ( الشيطان )، الذي أخذ يحاربه بشراسة أكثر في شهوته ، وعندما قص على أبيه الروحي ذلك طالبه بالصبر ، حتى ينال الخلاص. وحدث في أحد الأيام أن أخبره أحد الرهبان بأن رئيس الدير سيرسمه قساً ليخدم في كنيسة بلدته التي هجرها من زمن بعيد.. لم يفرح الشاب بالخبر ، بل عادت إليه على الفور صورة خطيئته وصورة من أغواها، ولولا خوفه من الوقوع في معصية مخالفة رئيس الدير لكان رفض هذا الطلب على الفور. وفي الموعد المحدد لرسامته قساً بالكنيسة التي دخلها خاطياً ، وأثناء خدمته كان يبلل مفرش المذبح بدموعه عندما يتذكر خطاياه ، وكلما كانت تقع عينيه على من ارتكب معها الخطيئة وسط جموع المُصلين ، كانت تزداد دموعه أكثر فيتطهر، أما هي فكانت تحاول أن تدقق النظر فيه أكثر لعله يكون هو، وتحاول أن تشنف أذنيها حتى تتطابق نبرات صوته التي تنطق بالكلمات المقدسة ، مع تلك الكلمات التي تملأ أذنيها والتي كان يطلقها بلا إرادة ولا وعي عندما كان يبيت معها، ولكن كانت تخونها عينيها لأن ملامحه لم تعد تلك الملامح القديمة، فوجهه الآن مشع بالنور كما أن راحة وسكون تظلله، وهدوء نفسي عجيب في نبرات صوته الحنون ، وحاولت أن تقابله أو تنفرد به ولكنه كان يتهرب من كل محاولاتها الشريرة على حد ظنه ، حيث كان يعلم أن الملعون يحركها ضده، حيث أنها ضعفه الوحيد، ويعلم أيضاً أنها ضعيفة جداً جداً ولا تقوى على مواجهة الملعون بحيله وخداعه. وحدث بعد ذلك أن تنيح كاهن الكنيسة وأبيه الروحي الذي كان يساعده في الخدمة بالكنيسة، ووقعت عليه مسئولية الخدمة وحده ؛ فكان يقوم بكل طقوسها ، وممارسة جميع أسرارها المقدسة من سر التناول "الإفخارستيا" ، وسر الزيجة ، وسر مسحة المرضى ، وسر المعمودية ، وسر الإعتراف . وفي أحد الآحاد وهو يقود الصلاة بدموعه كعادته وأثناء العظة وقعت عيناه عليها، كما ثبتت هي عيناها عليه مباشرة ، للتأكد منه ، وبينما هو يلقي عظته عن خطية الزنا ، ويسرد قصة خطيئة داود النبي مع زوجة أوريا الحثي ؛ كيف وقع معها في الخطية، وكيف نال المغفرة والتوبة ، كانت هي ( أي الفتاة ) تجرده ( أي الأب القس ) من كل شئ روحي ، وتمثل هو بذاته أمامها ! وبعد نهاية القداس طلبت منه في خشوع مصطنع أن تعترف بخطاياها، بعد أن قبلت يديه، وهنا أدرك أنه لا مناص من مقابلتها لئلا يعتبر ذلك هروباً من ممارسة سر كنسي. فجلس بحجرته الضيقة وطلب من خادم الكنيسة ألا يسمح لأحد بالدخول حتى ينتهي من صلاته القصيرة، التي يطلب فيها عون الله كي يستطيع أن يلبي طلبات وحاجات المُريدين ، وظل يتناوب عليه المُريدون ، وكانت هي تؤجل دورها مرة بعد مرة، كلما طلب منها خادم الكنيسة الدخول إلى الأب الكاهن، حتى أصبحت آخر الموجودين، فدخلت عليه بإرتباك ملحوظ ، بينما اهتز قلبه قليلاً ، ولكن سرعان ما عاد إلى خفقانه الطبيعي عندما لهج لسانه بالمزامير، ورفع قلبه إلى الله بصلاة قصيرة كي يعينه ويعضده بالفرار من هذا الفخ المدبر من قبل الملعون ثم اتجه نحوها وقال لها بحنو غريب : |
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا |
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا |
تقييم الموضوع: | الأصوات المشاركة فى التقييم: ٢ صوت | عدد التعليقات: ٤ تعليق |