CET 00:00:00 - 12/05/2010

مساحة رأي

 بقلم : نصر القوصى
 فى سلسلة تجاربنا الأنسانية  داخل الأديرة المصرية التى نقوم  بنشرها لم نحرص فيها على سرد معلومات تاريخية عن الأديرة التى نزورها لأن هذه الجزئية سهلة جدا فأى شخص يريد  معرفة أى معلومة تاريخية عن أى دير بمجرد أن يضع  اسم الدير فى محرك البحث سوف يجد المعلومات التى يريدها  كما يوجد بكل دير  مكتبة تضم  فى طيأتها عشرات من الكتب التى تتحدث عن تاريخ الدير ونشأته وأسماء وصور القديسين الذين قاموا ببنائه بجانب الرهبان الذين تولوا مسئوليته  أما ما نقوم  به من خلال  هذه السلسلة  هو سرد لأشياء  شاهدناها بآعيينا وهذا مجرد توضيح بسيط  حتى يعى الجميع ذلك . 

 وفى  تجربتنا الخامسة والتى  قمنا فيها بزيارة لدير الأنيا متاؤس الفاخورى بجبل أصفون  بمدينة أسنا والتى أنضمت حديثا الى محافظة الأقصر بعدما  كانت تابعه لمحافظة  قنا  وقبل  وصولى  الى الدير رأيت  عشرات الآسر النوبيه الملتصقة ببوابة الدير تلك البوابه التى عرفت  فيما بعد أن ورائها تاريخ طويل  من النضال  من أجل  بنائها فقط 

ينقسم الدير الى جزئين  الدير الجديد و الدير القديم  والذى لم يتبقى منه سوى آشلاء يحكى  عن تاريخ القرون الأولى للمسيحية فى مصر أم الدير الجديد فبالرغم  من حداثته بعض الشيىء  إلا ان مبانيه متهالكه  تماما  وأثناء وجودى  بالدير وجدت شخص  يرتدى  جلبابا  صعيديا ملىء بالأتربة فأعتقدت بأنه أحد العاملين فى حفائر الدير
 
لكننى فوجئت  بشىء غريب بأن  جميع من بداخل الدير يلتف حول هذا الشخص   ويتحدث معه فيعطيهم  توجيهاته  والكل يقوم  بتلبية  هذه التوجيهات وأذا بى أسال  عن كينونة  هذا الشخص  الذى يرتدى جلباب صعيديا  مليء  بالأتربة  يشبه  الى حد كبير عمال  المدافن  و يلتف حوله الجميع ويجلونه ليقولوا لى بأنه المهندس سامح   وهو أحد أشهر وأمهرالمتخصصين فى أحياء  التراث القبطى داخل  الأديرة المصرية والمشهود له بالكفاءة العالية من  كافة الجهات الرسمية بالدولة حيث يقوم  بتنفيذ بعض الترميمات داخل الدير 

حكى لى المهندس سامح عن  نظرية الحصن الموجود بالدير وهو من ضمن 12 حصن  موجودين  فى أديرة مصرية  قائلا أن أهم الأشياء  التى كانت متواجده بداخل الحصن  هو جرن الترمس الذى يكفى  لأطعام  جميع رهبان الدير لمدة أربعين يوما كامله واضعا أمامى معلومه أعرفها لأول مرة فى حياتى  بأن الأنسان  يستطيع  العيش لمدة أربعين يوما معتمدا على الترمس فقط  دون أن يشعر بالجوع   طيلة الاربعين  يوما  كما يوجد بالحصن بئر للمياه  لكى يشرب منه الرهبان  بجانب  كنيسة صغيرة  موازيه للحصن  كان الرهبان يصعدون الى داخل هذا الحصن  للأحتماء  فيه من هجمات البربر فلا يمكن الدخول الى الحصن إلا عن طريق كوبرى هذا الكوبرى يرفع  بمجرد دخول  الرهبان  بداخل الحصن  فينعزلون عن العالم تماما لحمايتهم  من البربر الذين كانوا يقومون  بمهاجمة الأديرة  من أجل سرقة  الغلال أو  الماعز الموجود بداخل الدير وبمجرد أن يترك هؤلاء  البربر الدير بعدما يسرقون ما بداخله يخرج الرهبان  من حصنهم  ليعودوا الى  ممارسة  مهمامهم  مرة أخرى  بداخل الدير 

مؤكدا أن  فكرة الحصن  بدأت منذ  القرن الرابع الميلادى  الى القرن الثانى عشر الميلادى  و بعد  ذلك أنتهت  هذه  الفكرة  وأصبحت  الحصون  مجرد  تاريخ  بعدما تمت أحاطة  الأديرة فى القرن  الثالث عشرا بالأسوار تلك  الأسوار التى حرمت الرهبان من عمل
"المنشوبيات "  وهى التجمعات  التى تحيط  بالدير حيث  يخرج بعض الرهبان بعيدا من الدير ومعه مجموعه من تلاميذه ويقومون بعمل ما يسمى بالمنشوبية الخاصة به ثم يقوم ببناء ما يعرف بمجمع الخدمات الخاص بمنشوبيته 

 ثم  أخذنى المهندس سامح فى جولة داخل الدير القديم وكان يحذرنى بصفة مستمرة من الصعود الى أعلى جدران هذا الدير المعرضها  للسقوط فى أى لحظة  بسبب تهالكها وحكى لى عن القبه الحجاب والفتحات التى توجد بها والتى تعمل على فلترة الهواء وتحويله من هواء ساخن  خارج  الدير الى هواء بارد بداخل الدير بعد أصتطدام  هذا الهواء الساخن  بحيطان الدير البارده  لا توجد  هذه النظريه  فى جميع الأديرة أنما فى  آثنين  فقط من الأديرة  المصرية وهما دير الفاخورى كما يطلق عليه الأهالى ودير الأنبا هيدرا فى محافظة أسوان   

  وأثناء تجولنا  بداخل  كنيسة الدير رأيت الحروف القبطية القديمة  المنقوشه على  أعمدة الكنيسة  التى اندثرت فى أركان عدة منها بسبب  عبث بعض الشباب الذى يقوم بتدوين أسمه  وتاريخ ميلاده عليها ثم طلبت من الأب هيدرا رئيس الدير وهو  شخص مرح جدا  فوق ما يتخيل البشر أن أرى  الحصن الذى أخبرنى  عنه  المهندس سامح فوافق على الفور  وصعدت الى  الحصن فوجدته بالفعل مكان آمن جدا .
فالرهبان يستطيعون أن يصعدوا الى أعلى  قمة  فى الدير ويشاهدون ما يفعله  اللصوص من البربر و لا يستطيع هؤلاء اللصوص النيل  منهم نهائيا   بفضل فكرة هذا الحصن   

 لكن المشكلة الرئيسة التى تواجه المهندس  سامح بصفة متكررة  اثناء عمله بالأديرة وهى قلة الايدى المدربة  فكلما ذهب  الى  ترميم أحد الأديرة  يقوم بتدريب  مجموعه من الشباب  وبمجرد أنتهاء العمل يتركه هؤلاء الشباب  حينما ينتقل الى  محافظة أو مدينة أخرى  ليقوم  بتدريب عمال جدد مما يؤدى الى أستغراقه  وقت طويل أثناء ترميم أى دير يذهب اليه

وبعد  النزول من الحصن  قدم لى  تلاميذ الدير وجبة غداء وهى عبارة  عن  طبق تونه وشرائح من الخيار والطماطم  والبصل بجانب طبق من الأرز قاموا بصناعته بأيديهم ثم تناولت الشاى مع الأب هيدرا وتحدثنا سويا فى  امور عامة  ثم قام بتوديعى الى بوابة الدير وطلب  منى تكرر الزيارة  فوعدته بذلك
 الى هنا وأنتهت تجربتى التى لم تستغرق ساعات  داخل دير  الفاخورى بمدينة أسنا
 والى اللقاء  فى  تجربة جديدة 

لقراءة الجزء الأول أنقر هنا
لقراءة الجزء الثاني انقر هنا
لقراءة الجزء الثالث انقر هنا
لقراءة الجزء الرابع انقرهنا

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٢ صوت عدد التعليقات: ٠ تعليق