CET 00:00:00 - 15/04/2009

مساحة رأي

إعداد: نبيل المقدس 
أثناء توصيل حفيدي إلى اجتماعه الأسبوعي... أفاجأ بأنه يُلقي عليَّ سؤال لم تكن إجابته حاضرة في ذهني... فتحججت له بأننا على وشك الوصول... ابتسم لي حفيدي بابتسامة صفراء فهمت منها أنه على علم بأن الرد على سؤاله غير جاهز لديّ وهذا بالنسبة له يعتبره عـــاراً يحسبها عليّ...
بعد ما وصلنا إلى المكان الذي يريده... لغيت المأمورية التي كنت أنوي القيام بها بعد توصيله ورجعت فوراً إلى حجرتي منكباً على المراجع لكي أستعيد لياقتي في هذا السؤال... اتصلت به بالليل وسردت له لماذا صلبوه بالرغم أن اليهود كانوا ينتظرون المسيا؟؟ وهذا كان سؤاله... فقلت له الآتي: 

بعد القبض على يسوع سيق أمام المجلس الأعلى "السنهدريم" وكان هذا المجلس في ذلك الزمن السلطة اليهودية العليا والتي جمعت في يديها السلطتين الروحية والديناوية, وكان يُعتبر أعلى محاكم القضاء لليهود. لكن السؤال الذي يحيرّنا جميعنا -ولست أقصد الكل على طبيعة الحال- هو لماذا صمم اليهود على قتل يسوع وهم يعرفون تماماً من تعاليمهم القديم والتي جاءت وذُكرت في أسفار الأنبياء أنه سوف يأتي مخلص من نسل داود لكي يحررهم!!!؟؟؟

يقول أستاذ اللاهوت مارتن نوث: كانت توقعات قدامي أنبياء اليهود والتي تركزت حول مجيء ملك مسيا في المستقبل قد تبلوّرت وتحوّلت في خلال الحكم الروماني الذي أمتد إلى زمان طويل إلى رجاء وأمل في مجيء محرر سياسي ليخلصهم من الاحتلال الأجنبي.. وكلما زاد بطش الاحتلال على اليهود ازدادت كراهية اليهود للحكومة الرومانية.. وتطورت في أذهانهم صورة المسيا الملك القاهر الذي سيحطم السلطة الأجنبية البغيضة والتي كانت موضع سخطهم.
وعلى هذا القياس لم يكن "يسوع الناصري" هو المسيا الذي توقعوا مجيئه, إذا لم يكن "يسوع الناصري" هو المسيا المنتظر فهو إذاً مخادع مضلل ولابُد من التخلص منه حرصاً على سلامة الحياة الدينية في أورشليم.. وكان يسوع قد أكد أثناء محاكمته أنه هو المسيا وأبن الله, وفي ضوء تعاليم العهد القديم كافياً للحكم عليه بالموت بتهمة التجديف.

وعلى مقتضى القانون الذي كان قائماً في ذلك الوقت كان ينبغي التصديق على عقوبة الموت من الوالي الروماني "بيلاطس البنطي" الذي تبوء الحكم في مقاطعة اليهودية من سنة 26 إلى 36 ب . م، وقد وصف المؤرخ المعاصر لهذه الحقبة "فيلو الأسكندري" أن بيلاطس البنطي كان مكروها من قبل الشعب اليهودي لأنه كان ظالماً وفاسد الأخلاق ولم تعرف الشفقة إلى قلبه سبيلاً وكان مرتشياً وعنيفاً ويزهق أرواح الناس بدون محاكمات عادلة، أما كراهيته لليهود فكانت عظيمة جداً حتى أنه كان دائم الازدراء بهم وسخطه عليهم واضحاً، لذلك رفض في أول الأمر أن يجعلهم يقتلون يسوع حيث قال "لرؤساء الكهنة والشيوخ أني لا أجد علة في هذا الإنسان" .. لوقا 23 : 4.

لكن ما الدافع الذي جعل هذا الطاغية والذي أبغض اليهود على هذا الاستسلام المزري وأن لا يستطيع أن يقف أمام غوغائية الشعب وصيحاته طالبة تنفيذ حكم الموت, وهم تحت ضغط الكهنة والفريسيين؟؟ يعلل لنا البشير يوحنا هذا الأمر بقوله في إنجيله 19 : 12 "ولكن اليهود كانوا يصرخون قائلين إن أطلقت هذا فلست محباً لقيصر, كل مَن يجعل نفسه ملكاً يقاوم قيصر"، كان هذا تهديداً ماكراً وخطيراً, فكون بيلاطس يرضىَ بإطلاق سراح متمرد يحاول أن يجعل نفسه ملكاً فهذا يُعتبر خيانة كبرى للإمبراطور الروماني، وبناء على القانون الروماني يتم قتل بيلاطس البنطي، فجبن الوالي بيلاطس أمام هذا التهديد الخبيث

ويكمل يوحنا البشير قوله في 19 : 13 & 16 " فلما سمع بيلاطس هذا القول أخرج يسوع وجلس على كرسي الولاية في موضع يُقال له البلاط وبالعبرانية جباثا... وأسلمه إليهم ليُصلب..!!
هذا هو كان تفكير اليهود، لكن نحن المسيحيين لنا تفكير آخر هو أن عملية الفداء كانت منذ الأزل وها الوقت كان جاء لكي يتم فيه ما خططه الله لكي يفدي البشرية من أجرة الخطية والتي هي موت أبدي.
وفي آخر المكالمة  قلت له... هل فهمت يا حفيدي؟؟؟ كان الرد منه... أنا كنت بأمتحنك فقط.. فقد كان محور حديثنا في الاجتماع كما قيل لنا الأسبوع الماضي عن هذا الموضوع شكراً يا جدو وحاول تنام!!!!!!!!

إلى الآن لم أفهم ماذا يقصد بـ "حاول تنام"... ربما أنتم تفسرون لي ماذا كان يقصده حفيدي... أو ربما تكررون ما قاله حفيدي لي وتقولون أيضاً... حاول تنام!!

    
 
  
 
 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٦ صوت عدد التعليقات: ٢٢ تعليق