بقلم: محمد عبد الفتاح السروري
فوجئت مرة أخرى بعودة برنامج "سهرة خاصة" والذي يقدمه الشيخ "خالد الجندي" حيث شن الهجوم على الأستاذ "سيد القمني" وأن هناك كثير من المتصلين تليفونيًا يؤيدون هذا الهجوم بالطبع.
وذكر أحد هؤلاء المتصلين أن القمني قد قام برفع دعوى قضائية على الكاتب "بلال فضل"، ولقد تعجبت فلقد كنت أظن الموضوع برمته قد انتهى وأنه لا داعي للخوض فيه مرة أخرى ولكن على ما يبدو أن موضوع حظر النقاب في أوروبا قد فتح شهيه القناة مرة أخرى لفتح الملفات القديمة.
وهنا لابد لنا وقفة ومن رد......
هناك أيام تسمى بعصر ما قبل التاريخ، وهناك أيام تسمى بعصر ما قبل الأديان، ويبدو أننا نعيش أيامًا يمكن أن نسميها أيام ما قبل البديهيات، بمعنى أننا وحتى هذه اللحظة لازلنا نعيش في مجتمع وبين عامة أناس لم يصل إليهم بعد ما وصلت إليه الإنسانية المتحضرة، ولا يزال هؤلاء القوم يحاولون مرة أخرى إعادة اختراع الدراجة سواء كانت هذه المحاولة في أنماط السلوك أو أنساق التفكير أو الآداب العامة والتي لا يمكن الاتفاق على ما يخالفها كقواعد آمرة) بالتعبير القانوني.
لا حق لأحد أن يصادر حق أحد في الرفض والقبول، ولا حق لأحد أن يصادر حق أحد أن يقول رأيه، ولا حق لأحد أن يصادر حق أحد من أن يعارض هذا الرأي فطالما أن هناك رأي فمن المؤكد أن يوجد رأي يخالفه بل ويناهضه وينقضه وهذه هي إحدى البديهيات التي يبدو أننا لم نصل إليها أو لم تصل إلينا حتى الآن، شرط أن يتم كل هذا الجدال الحضاري في إطار من الأدب والاحترام التام بين كافة الأطراف، فطالما أن كل طرف من الأطراف لا يملك معملاً يستطيع أن يبرهن فيه بالتجربة العملية على صحة رأيه فهذا معناه أن جميع هذه الأطروحات والآراء تقف على مسافة متساوية من الحقيقة.
وتطبيقًا لما نقول لنرى سويًا ما حدث عندما تصدى "بلال فضل" -وهذه من حيث المبدأ حقه ولا مراء في ذلك.-.... بالرفض لمنح جائزة الدولة للقمني.
قال في مداخلة له على قناة المحور أن الأستاذ سيد القمني (يلبس العمة ويلحس كلامه)، هذا هو نص ما قاله بلال فضل ضمن ما قاله في حديثة عن القمني آنذاك، وقتها ساءني ما قاله فضل ثم تذكرت الحقائق التالية:
أولاً: والمفهوم من مجمل كتاباته التي نتابعها بحكم اهتمامنا بالشأن العام أن هذه الكتابات غرضها هو إصلاح المعوج ورفض الخطأ ورصد عيوب المجتمع... فبأي عقل نستطيع أن نفهم أن الشخص الذي يتقول بالمعارضة ليلاً ونهارًا هو نفس الشخص الذي عندما عارض كانت معارضته بهذه اللغة التي أترك للقاري الحكم على أدبيتها؟!!
ثانيًا: سيد القمني يكتب -وأيًا كان ما يكتبه- فإنه بطبيعة الحال لا يمكن مقارنة اللغة التي يكتب بها القمني بلغة العوام التي يكتب بها بلال فضل (وهى غير اللغة التي كتب بها صلاح جاهين أو محمود السعدني) فعلى حد علمي لم يكتب أحدهما أو غيرهما من أساطين العامية المرموقة كتابًا اسمه (آس مان) واعتذر عن ترجمة العنوان وأترك الترجمة لمؤلفه.
ثالثًا: بلال فضل كتب للسينما هذا الوسيط الجماهيري الذي له من التأثير ما لا يخفي على أحد، وحينما كتب كان أحد أفلامه بعنوان (حاحا وتفاحة) و (صايع بحر) أي أن الكاتب الذي وافق أن يوضع أسمه كمؤلف لأفلام تحمل مثل هذه العناوين هو نفسه الذي يسمح لنفسه أن يتقول على مؤلف مثل سيد القمني بقول (إنه يلبس العمة ويلحس كلامه) وعندما رفضت وهذا من حقي ما قاله على سيد القمني ترجمت هذا الرفض في رسالة حملها إليه بريده الالكتروني وقتها واستهجنت فيها واستنكرت ما يقوله فكان نصيبي أنا الآخر من "بلال فضل" لا يقل عن نصيب سيد القمني من التطاول.
إن للاختلاف آداب وهذه الآداب تعارف عليها أولو العلم منذ أن بعيد وأول هذه الآداب هي حسن استخدام الألفاظ والتعبير الراقي عن وجهه النظر بأسلوب لا يجرح التعبير عن الرأي بأسلوب متحضر ولا يزال الشيخ خالد الجندي حتى كتابه هذه السطور يصف الأستاذ جمال البنا بأنه مخرب كما وصفوا القمني يومًا بأنه الرويبضة إنها اللغة التي أصبح لها السؤدد الآن.
رحم الله "بديع خيري" الذي رغم عاميته كان مهذبًا بليغًا ورحم الله عربية وأدب وأخلاقيات طه حسين.... تُرىَ هل هذه الترحمات تروق لقناة الناس ونجومها.
elsorory@yahoo.com |