CET 00:00:00 - 15/04/2009

مساحة رأي

بقلم: د. صبري فوزي جوهرة
جاء النص المدرج أسفل هذه السطور في تعليق على مقالي الأخير المعنون "القمص متياس نصر دخل تاريخ مصر" المنشور على هذا الموقع بتاريخ 13-4-2009، و قد اتخذ المعلق لنفسه كنية "متابع معتدل"، وهذا نص ما كتب:

"مع احترامي للكاتب.. هذا مقال مؤسف جداً.. ممتلئ تعصب وكراهية للمسلمين وسخرية واستخفاف بهم لا حدود له.. إدعاء بطولات وهمية، وكل ما هنالك استجابة الكنيسة لطلب المحكمة وهذا واجبها الذي تخلت عنه من زمان.. المفروض أن نمدح شجاعة القضاء في هذا الطلب المنطقي القانوني رغم شدة الإحتقان الطائفي في المجتمع حيث يناظر الشهادة المطلوبة من الأزهر في حالة الإسلام.. المطالبة بدخول عصر التبشير الرسمي باسم الإنجيل وممارسة هذا العمل بين بسطاء وفقراء وجهلاء المسلمين في هذا الوقت المحتقن طائفياً (بسبب الممارسات السلبية على الجانبين) هو نوع من الجنون وعدم الشعور بأي مسئولية وطنية وعدم تقدير لردود الأفعال التي ستحول مصر إلى ساحة صراع ديني مجنون. المسلمون المثقفون يعرفون المسيحية جيداً ولا يحتاجون لمن يبشرهم (بالخلاص)!!!... لأنهم يعوفون جيداً طريق (الخلاص الحقيقي).
الرجاء من كل كاتب التحلي بروح المسئولية الوطنية.. والدينية أيضاً." (انتهى).

أبدأ بالتعبير عن أسفي لتسببي في "أسف" القارئ الكريم... أما بعد, فأرجو أن يتسع صدره لرد مقتضب لعله يزيل ما عكر صفوه.
عن التعصب: أين ترى أيها الصديق علامات التعصب فيما كتبت؟ فالتعصب هو التمسك غير المنطقي وغير المبرر بفعل أو سلوك يسبب الأذى النفسي أو المادي للآخرين، فهل آذاك سرد حقائق لا جدال فيها؟ ولماذا لم تتفحص ما قلت بعناية؟ هل فيه تجني على الحقيقة؟ أرجو أن تذكر لنا أين جاء التجني على الحق فيما قلت.
تتهمني بكراهية المسلمين وفي هذا خلط خطير بين المسلمين وما يرتكبه البعض منهم من أفعال مخزية تجاه أقباط مصر.. فالأقباط -وأنا منهم- يكرهون ما يفعله بعض المسلمين ولا يكرهون المسلمين من اشترك منهم في العدوان عليهم ومن لم يشترك، هكذا علّمنا المسيح.

أما عن استجابة الكنيسة لطلب المحكمة فما زلت أرى فيه الغرابة والشذوذ والتعسف -لم يكن له ما يبرره- الأستاذ ماهر الجوهري قد تعمد في الكنيسة اليونانية، والعماد حسب الإيمان المسيحى قاطبة هو ميلاد جديد, هذا أمر من الواضح أنك لا تعرفه عن المسيحية رغم ادعائك "كمسلم كمثقف" بعكس ذلك، وحيث أن الإنسان لا يولد أكثر من مرة ففي شهادة العماد التي قدمها الأستاذ ماهر من الكنيسة اليونانية الأرثوذكسية ما يكفي لإثبات انتمائه للمسيحية، لذلك تعترف كافة الكنائس بمعمودية واحدة وهذا ما يردده كل مسيحي أثناء تلاوة قانون الإيمان في بدء قداس المؤمنين كل مرة يقام فيها القداس الإلهى، لذلك جاء طلب المحكمة بشهادة من الكنيسة القبطية من قبيل محاولة إحراجها فلا يعقل أن تكون المحكمة جاهلة فيما تقضي به -وإن كانت- وجب عليها فعليها الإستعانة بخبراء ذوي علم، فهل يطلب الأزهر من المسيحي عندما يشهر إسلامه تقديم شهادة بأنه سني أو شيعي, حنفي أو مالكي أو شافعي أو حنبلي؟ أو وثيقة من مسجد معين تثبت أنه يتعبد فيه كل يوم جمعة؟ هذا هو ما طلبته المحكمة المستنيرة تماماً! وفيه تباين واضح بين سلوك الدولة حيال من يترك الإسلام للمسيحية ومن يدخل الإسلام من المسيحية، ثم ماذا لو أن الأستاذ ماهر الجوهري أراد الإنتساب إلى كنيسة الروم الأرثوذكس المصريين وهم مصريون حتى النخاع (وهذا اسم الكنيسة الرسمي في مصر) وليس الأقباط الأرثوذكس؟ وكيف سنتعامل مع العاملين المسيحيين من الأجانب الذين يتبعون كنائس غير مصرية أثناء عملهم في مصر إن شاء سوء حظهم وأجبروا على الإفصاح عن عقائدهم تلبية لرغبات الدولة المصرية التي تتدخل فيما لا يعنيها؟ هل حنكتفهم ونقول لهم لازم تبقوا أقباط؟ (وبذلك تسهل عملية تطليع دينهم دون تدخل دول أجنبية لحماية رعاياها في هذا البلد الأمين)، هل وضح لسيادتكم الآن لماذا كان طلب المحكمة غير منطقي أو قانوني ولا يتعدى أن يكون تعسف وإسفاف وإشارة إلى جهل مطبق من المحكمة "المستنيرة"؟

عن "البطولة الوهمية" التي تفضل معلقنا بإطلاقها على ما أقدم عليه أبينا متياس نصر أقول: هل تعلم أيها القارئ الكريم أن هناك دائرة خاصة داخل "جهاز الأمن" المصري لمكافحة (لا مؤاخذة) التنصير وما يترتب عن استضافة هذا الجهاز النبيل لزبائنه هم ومن نصرهم؟ إن ما قام به القمص متياس لا يقل عن انتزاع ضحية من بين فكي ذئب كاسر أو ضبع جائع، ولو مش مصدق اسأل الضحايا وقد ازدادت أعدادهم للأسف الشديد.

عن "الإحتقان الطائفي" يعلم الجميع أنه من جانب واحد، فليس هناك كاهن واحد يستثير الدهماء على قتل المسلمين ولم يحدث أن هُدم مسجد لأن القبط مش بيستلطفوا منظره, ولم يتخذ قبطي واحد داخل مصر وسائل الإعلام داخل البلاد للإستهزاء بعقيدة المسلمين على نحو زغلول النجار وسليم العوا وغيرهم من الأفاضل.
و لعلك تتفق معى أن الكلام الفارغ يحض على السخرية، فالقبض على 33 قبطي علشان لا مؤاخذه بيصلوا وهجوم الرعاع والسوقة على مكان يصلي فيه الأقباط وهدمه لأن منظر الصليب يؤذى مشاعرهم وكل الكلام ده الذي يروجه حتى أعضاء مجلس الشعب الأفاضل يستدعي أكثر من السخرية بس الواحد مؤدب!

أما عن التبشير فهو ما دعانا إليه المسيح وذلك بنص الإنجيل المقدس، لا لبس فيه ولا نسخ ولا أحاديث ولا تفاسير، وإن كانت الكنيسة قد أحجمت إلى الآن عن الإستجابة لهذا التعليم الإلهي تجنباً لشر الطغاة كما أشرت في تعليقك، ولو أن هناك سلوك متمدين من جانب المسلمين وحسنت معاملاتهم لنا لما كان في هذا النشاط ما يجعله أخطر من تهريب المخدرات والاحتيال السائد في كل مناحي الحياة في مصر، أليست هناك إدارة للدعوة في الأزهر؟ ألا تسمع وترى وتتعثر وتتكعبل وانت ماشي في الشارع في دعاوي مستمرة إلى الإسلام تتفجر عدوانية وصلافة ونرجسية واستعلاء؟ على الأقل التبشير لا يلجأ إلى هذا السلوك غير المقبول.
تدعي سيادتك أن التبشير يستهدف الجهلة والفقراء وفي هذا كذب عظيم وإفتراء... هل يبدو لك ماهر الجوهري أو محمد حجازي أو رئيس تحرير الكورير ديلا سيرا جهلاء أو شحاذين دايرين ببنطلونات أو زعابيط مرقعة؟

كفاية كده دلوقت.
كل سنة و انت طيب, شم النسيم بعد كام يوم.

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٦ صوت عدد التعليقات: ١٦ تعليق