CET 00:00:00 - 15/05/2010

مساحة رأي

بقلم :محمود الزهيري
تم تمديد قانون الطوارئ - بإرادة فاعلة وناجزة -  لمدة عامين تاليين, ولكن هذا التمديد تم بنوع من أنواع الإستجداء والإستذلال، علي إثر الفعاليات المتراكمة ضد قيادة سياسية حاكمة صورياً, بغير سند من الشرعية الدستورية والقانونية, وبلا مشروعية لها أساس إجتماعي, حيث البلطجة والإرهاب هم الشهود الحقيقيون علي إستمرار النظام الحاكم، وإستمرار منظومة قانون الطواريء، والقوانين سيئة السمعة المقيدة للحريات العامة والخاصة , بل والقاتلة لها.

 وهذه المنظومة يأتي علي قمة رأسها أصحاب الفكر القديم، وقيادة سياسية حاكمة فعلياً يمثلها تيار الفكر الجديد, ومابين الفكر القديم والجديد يسكن داخل القصر الجمهوري "مبارك" الأب , و"مبارك" الإبن, ومابين "مبارك" الأب والإبن تستقر مصر بميزانيتها وخزائن ثرواتها, والبنود الإضافية المضافة لهذه الميزانية منذ تولي "مبارك" الأب حكم مصر، تحت ظل قانون الطوارئ، وحتي تاريخ تمديد العمل بقانون الطوارئ.

 ويسكن حول هذا القصر الجمهوري ثلة منتقاة من أصحاب المصالح والهبات والعطايا، ومن المشمولين بالعناية والرعاية من أدعياء الفكر الجديد، من أتباع "مبارك" الإبن الحامي لهؤلاء الأصحاب بوجوده هو ذاته داخل القصر.

 

تعالت الهتافات والصياحات ممن ينظر إليهم أصحاب الفكر القديم  والجديد علي أنهم غوغاء، وأنه لا وزن لهم ولا قيمة - أو هكذا يظنون - ولكن لا يمكن أن ننكر أن هذه الصياحات والصراخات قد سببت صداع مزمن في رأس التيار القديم والجديد, خاصة وأن العالم أصبح يمثل عمارة كونية عظيمة، لسكانها في البدروم حق العلم والمعرفة بما يجري في الطابق الأعلي من هذه العمارة.

 وهذا مايزعج الحرس القديم، والحرس الجديد، الذين نصبوا من أنفسهم حراساً ومحافظين علي سكان الطابق الأرضي بلعنات قانون الطوارئ, ويفتخرون بأنهم حكام وحراس وأوصياء علي هؤلاء السكان.
.
 وبالرغم من أن سكان الطابق الأرضي لم ينفعلوا لسُكنى هذا الطابق، إلا أن الحرس القديم والجديد علي السواء، قد اتفقوا جميعًا علي أن يعيش سكان الطابق الأرضي في البدروم تحت الأرض، حيث لا ماء،  ولاهواء،  ولاشمس, وحيث النشع والرطوبة والمياه الجوفية وسوء الحالة المعيشية والمرضية التي أصابت هؤلاء السكان.

 قام هؤلاء الحراس، أصحاب الفكر القديم والجديد، بتعيين حراساً مدججين بالسلاح والذخيرة، لمن يحاول أن يعترض أو يصرخ علي سوء الحال الذي وصل إليه هؤلاء السكان, فكان من اللازم تمديد العمل بقانون الطوارئ لتفعيله ضد من يصرخ أو يعترض، أو يطالب بنقله لأحد الأدوار العليا  في العمارة الكونية، حيث الحرية، وضوء الشمس، والهواء، والصحة، والتعليم، ووسائل الترفيه والرفاهية, وكانت الحماية لهؤلاء الحراس بلعنات قانون الطوارئ.

الغريب في الأمر أن أصحاب الفكر الجديد، هم من وافقوا علي تمديد العمل بقانون الطوارئ, ليتفق رأيهم مع أصحاب الفكر القديم من سلفي الطغيان والإستبداد والفساد.

 فإذا كان تيار الفكر الجديد يدّعي أنه مع السكان، وبفكره الجديد سوف ينقلهم إلي الأدوار العليا من هذه العمارة, فلماذا إذًا وافق علي تمديد إقامة هؤلاء السكان المهانين الفقراء الأذلاء بأساليب الطغيان والفساد والإستبداد, في هذا البدروم القميء ؟!!

إن تمديد العمل بقانون الطوارئ، أفصح عن نية نظام الطغيان في إستمرار منظومة الفساد لمدة عامين، سيتم خلالهما الإستمرار في تزوير الإرادة المستترة لغالبية المصريين, والمحكومة بالطوارئ علي مدار سنوات حكم "مبارك" الأب, وذلك لإنتخابات الشوري والشعب ورئاسة الجمهورية.

ولكن هذا سيكون علي حساب جملة من الجرائم سيتم إرتكابها في حق المصريين، وعلي رأسهم الأقليات الدينية, وعلي وجه خاص الأقباط المسيحيين, حيث أن قراءة الواقع تدلل علي أن هناك العديد من المجازر سيقدم إليها الأقباط في المرحلة القادمة، والتي ستشهد عنفًا ودموية, من خلال صناعة بعض الأحداث الطائفية, وستعلو نبرة العنف الديني في الفتاوي المصنوعة بإرادة فاعلة من رجال دين يتبعون المنظومة الطغيانية الإستبدادية، لإلهاء المصريين ببعض القضايا الدينية التي لاتجدي نفعاً ولكنها تجلب ضرراً, وخاصة قضايا التكفير والتلعين والتفسيق, وستعلو نبرة جماعات الإسلام السياسي ويُسمح لها بالإعداد والتجهيز لعدد من التظاهرات والوقفات الإحتجاجية ضد الولايات المتحدة الأمريكية، وضد الدولة العبرية ليتم لعن الصهيونية والإمبريالية, ويظهر في خلفية هذه المظاهرات والوقفات الإحتجاجية صورة جدارية ضخمة للمسجد الأقصي و"فلسطين" و"العراق" و"أفغانستان" و"الصومال" وحتي "اليمن" و"السودان".

فلتستعد بعض القيادات السياسية من المعارضة، وبعض الكتاب والمثقفين، لجملة من الجرائم التي سيتم تدبيرها لهم، وعلي وجه خاص الجرائم الجنسية، والعديد من الأعمال الفاضحة والخادشة للحياء, في محاولة للإعداد لحملة من الإعتقالات والعنف الذي سيتزايد مع دخول "الجمعية الوطنية للتغيير" إلي حيز الوجود الفعلى، الذي سيزعج النظام الحاكم علي المستوي الداخلي, والأهم منه الخوف والإنزعاج من تقييمات الخارج .

أعتقد أن العمل بقانون الطوارئ عامين آخرين، هو فرصة أخيرة تضاف لرصيد المجتمع المصري في زيادة طاقة الغليان الإجتماعي؛ لما سيرتكبه النظام الحاكم من أخطاء وخطايا في حق المصريين، بمعني أن القادم أسوأ,  ولكن في النهاية وعلي الدوام تأتي الإنفراجة !!

فمن مع قانون الطوارئ ؟! الفكر الجديد أم الفكر القديم , ومن يريد أن يكون القادم أسوأ ؟!!

الإجابة مازالت معقودة في ناصية التيار الديني، المتحالف مع النظام الحاكم , والمخدوع في أحيان كثيرة بتهييجه بقضايا خارج إطار الأمة المصرية, ويزامله في هذا الإتجاه التيار القومي العروبي, ويظل الأقباط المسيحيين دائماً علي محك التوازنات الخطأ !!

وسيظل الأمر في مصر مأزوماً بأدعياء الفكر القديم والجديد, حيث لافكر ولا عقل ولا معقولية، إلا لجرائم منتجات الإستبداد والطغيان والفساد, والتي هي القائمة بدور الحاكم الفعلي لمصر الوطن والمواطنين !!

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٣ صوت عدد التعليقات: ١ تعليق