بقلم: أنور عصمت السادات
لا تزال الحكومة المصرية تسد آذانها ولا تقتنع إلا بما تتخذه من قرارات، وتعتقد في ذلك أنها وحدها على صواب وأن ما تراه هو أنسب ما يكون، لكن الشعوب التي تريد لنفسها أن ترتقي وتتقدم لا تنفرد حكومتها وحدها باتخاذ القرارات وخاصة تلك التي تتعلق بمستقبل الأجيال القادمة.
طالعتنا منظمة الشفافية الدولية بتقريرها المخجل حول تردي الأوضاع المصرية وحالات الفساد التي تجتاح كافة قطاعات الدولة وافتقارنا إلى العديد من الحقوق والمؤسسات الديمقراطية والانغلاق النسبي الذي لا يسمح بمشاركة شعبية حقيقية وتقييد الحريات وغيرها الكثير.
وليست هذه هي المرة الأولى التي يخرج فيها تقرير المنظمة بهذا الشكللكن للأسف يبدو أن حكومتنا تعودت على مثل هذه التقارير ولم يعد يعنيها آراء وملحوظات وانتقادات الآخرين بل اعتقد أنه ليس لديها من الوقت ما يكفى لكي تنظر فيها أو تجلس للحوار من أجل ما ورد بهذا التقرير.
لكنى أعتبر أن ذلك ليس بغريب على الحكومة المصرية فإذا كان الشعب بهذا الوضع الذي لا يرضى عنه أحد ملئ بحالات الاحتجاجات والاعتصامات التي قد يظل أصحابها كثيرًا دون أن يلتفت إليهم أي مسئول ويتم التعامل معهم بجرعة من المسكنات المؤقتة والكلام المزخرف والوعود التي توافق أهوائهم وتأتى من صميم مطالبهم من أجل فض تلك التجمعات ويبقى التنفيذ على أرض الواقع صفر على شمال الأجندة الحكومية.
شعب ثرواته مهدرة وموارده الطبيعية تعانى سوء الإدارة وما بين يوم وأخر يزداد عجز الموازنة العامة للدولة من خلال القروض والسندات وغيرها ونجد إحدى الهيئات الحكومية وهى "الهيئة العامة للبترول" تتعاقد مع الشركة القابضة للغاز وشركة "بريتش بتروليوم" بشأن احتكار إنتاج أكبر حقول الغاز الطبيعي المصري "حقل شمال الإسكندرية" لمدة 20عامًا بتعاقد على الشراء بمتوسط سعر 4 دولار لكل مليون وحدة حرارية في نفس الوقت الذي تتعاقد فيه مصر على تصدير نفس الكمية بـ 2 دولار لكل من الأردن وإسرائيل وفرنسا وأسبانيا، وهو الأمر الذي من شأنه أن يضاعف خسائر هيئة كبيرة ومؤثرة في الاقتصاد المصري ويحول مصر إلى مستورد للثروات الطبيعية المتوفرة لديه.
وتعالوا بنا إلى تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات الذي تم تقديمه لمجلس الشعب بخصوص الصناديق الخاصة (حصيلة الخدمات والتمغات والغرامات وغيرها من موارد تحسين الخدمات التي تقدمها الهيئات العامة ) للعام المالي (2008 – 2009 ) والذي كشف مؤخرًا أن جملة أرصدة الصناديق وحدها في ذلك العام تقدر بمبلغ 1272 مليار جنيه ( تريليون و272 مليار جنيه) أي بما يعادل 446 % من إجمالي إيرادات الموازنة العامة علما بأن إجمالي الإنفاق في ذلك العام كان بما يعادل 375 مليار جنيه أين تذهب أموال هذه الصناديق التي تساوى وحدها 14 ضعف عجز الموازنة ؟ لا تعليق والأمثلة من ذلك النمط كثيرة.
كما أن النقد الذي يوجه للحكومة يجب ألا يمر عليها مرور الكرام، وإن لم تحاول أن تناقشه وتجلس مع خبراء متخصصين لتبحث مواطن الخلل وتستفيد منها فعلى الأقل فإن الاهتمام به يزيد معرفتها بأخطائها لتسعى إلى تصحيحها للأفضل.
ودعونا نتعلم مما انتهت إليه مؤخرًا الانتخابات الإنجليزية وتألف الأحزاب لتشكيل حكومة ائتلافية بخطوات جادة وصادقة لا تهدف إلا لمصلحة بلدهم.
وإذا كنّا بصدد الحديث عن تعاقد الهيئة العامة للبترول أو غيرها فإن هذه ليست أمورًا فردية تخضع لرأى وسياسة فرد واحد أيًا كان منصبه وخبرته وليست تتعلق بشهر أو عام واحد وإنما لأعوام عديدة وبالتالي فإنه يجب أن نضع في اعتبارنا أنها قد تنعكس سلبًا أو إيجابًا على أجيال قادمة لا ذنب لها في أن تدفع ثمن خطأ الغير وسوء الإدارة وعدم المكاشفة والمحاسبة.
وعليه فإنه يلزم الرجوع لآراء علمائنا وخبرائنا وباحثينا المتخصصين في أي مجال نريد أن نبنى عليه سياسات مستقبلية فإن ذلك هو الأصح بكل معايير العقل والمنطق الذي لا يقبل أن يفتح المعلم عيادة ليعالج المرضى فعلينا أن ننظر من جديد ونضع الأمور في نصابها الصحيح إذا كانت مصر لا زالت بخير ولم تعد عزبة خاصة يمتلكها بعض المنتفعين.
وكيل مؤسسي حزب الإصلاح والتنمية
info@el-sadat.org |
|
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك
أنقر هنا
|
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر
أنقر هنا
|