بقلم : رامى حافظ
مقدمة :
غلبتنى وفديتى فقد كنت أكتب سلسة مقالات عن البرادعى وتحركاته ولكن لم استطع أكتب شئ وهناك حدث كبير مثل انتخابات رئاسة الوفد على أشدها ، وخاصة تعد التجربة الأولى والحقيقية داخل حزب تجربة ديمقراطية لا يعرف احد أو يتوقع من الفائز فيها وبعد تجربة مريرة أنتهت إلى تطور ديمقراطى ، ويأتى هذا المقال لأسجل انطباع يعلمه الوفديين ويغفله الكثير وهو ميول الوفديين فى هذه المعركة الانتخابية بعيداً عن قيادات الحزب وأنصارهم فهناك وجهة نظر آخرى بعيدة عن التنظير الأكاديمى ولعل الله يوفقنى فى عرض هذه الأنطباعات وخاصة أننى أعد واحد من شهود العيان وسأحاول تحليل هذه التطورات التى تحدث فى الوفد .
يعد حزب الوفد معقل الليبرالية المصرية تياراً شعبياً منذ نشأته يجمع العديد من التيارات السياسية المختلفة والمتعارضة فى الكثير من الأحيان وهو ما يفسر شعار الوفد بأنه ضمير الأمة ووكيلها ، فالوفد يعد التمثيل السياسى والنموذجى لتيار الوسط فيجمع فى مبادئه جوهر كل مذهب سياسى فمؤمن بالحريات العامة والتعددية السياسية وحقوق الإنسان كذلك العدالة الاجتماعية مضيفاً لها الإبداع المصرى الوحدة الوطنية " عاش الهلال مع الصليب " كنموذج سياسى يقدمه المصريون للعالم عن الليبرالية الحقيقية والفعلية صنعه الوفد والوفديين ، ويضيف على كل ذلك ثوابت آخرى لا يجهر بها الوفديين ولا تكتب أو تنشر وهى قدرة الآختيار وحرية الرأى وهو يفسر ما حدث للدكتور نعمان جمعة الرئيس المخلوع بالرغم من معرفة الوفديين جميعاً انه ذو اليد النظيفة وحافظ على أموال الحزب وأحد مهندسى عودة الوفد ولكنه حاول أن يتخطى هذه الثوابت الأخيرة فكانت النتيجة الخروج الذليل ويحمد الله أنه مازال على قيد الحياة .
بدأ الوفد بعده بداية مختلفة حزب محترق والعديد من الدعاوى القضائية التى تهدد شرعيته كمؤسسة ، وهنا لابد أن نحيى ونقدر ذكاء الوفديين وفطرتهم السياسية السليمة فى اختيارهم الدكتور محمود أباظة فقد كان الوفديين وعلى رأسهم قياداتهم وأبرزهم فؤاد بدراوى والسيد البدوى ومحمد سرحان فى أن يتفقوا على شخص لا يمثل مشكلة مع النظام ويلبى رغبات الوفديين التى لطالما كنا نحلم به فى ظل ديكتاتورية نعمان جمعة ، وبالتالى يعد التوافق على أباظة أنجاز للوفديين وليس أباظة فى حد ذاته الذى أحبناه فى تلك الفترة واعتبرناه الأداة التى ستحقق أهداف الوفديين وأن يكمل أمالنا .
رئاسة أباظة للحزب :
•إدارة الحزب من الداخل
وبدأ الوفد مرحلة آخرى مختلفة فى كل شئ لديه رئيس حزب يعلم انه رئيس وليس بزعيم مطلوب منه العمل وبذل مزيد من الجهد وكانت الدورة الرئاسية الأولى كافية لهذا الإنجاز فى إنهاء الدعاوى القضائية واستكمال تشكيل اللجان وغيرها من المطالب الوفدية ولكن لم يحدث ذلك ، وهو ما نتج عنه الغضب الذى يملئ صدور الوفديين الأ الذين أستفادوا من وجود أباظة فى رئاسة الحزب فتجاهل الرغبات بالرغم من القدرة والدليل على ذلك عقد العديد من الجمعيات العمومية والمبالغ التى أنفقت عليها فلو خصصت مصروفات جمعية عمومية واحدة لحققت مطالب الشباب الوفدى الذى طلبها فى أى مؤتمر عقدوه ولو حتى توفير جهاز كمبيوتر لكل لجنة شباب ولو على مستوى المحافظات .
بينما من ناحية تكليف المهام الحزبية فكان دائم الأختيار الخاطئ للشخصيات دون حتى مراعاة التوازن السياسى داخل الحزب بين التيارات المختلفة ودفع ثمن ذلك بطرد أحد الأنصار فى إحدى جولاته الأنتخابية فى المحافظات ، ولم ينتهى الأمر عند ذلك بل فهؤلاء المؤيدين انقلبوا على بعضهم البعض فيما سماه أباظة انه صراع الأقران الذى وصل لتشكيل تكتلات سياسية خطيرة " بيت الأمة ، مجموعة 66 " وتطور الأمر فى إحدى مراحله إلى أزمة شديدة داخل الحزب والغريب أن أباظة لم يتدخل لينهى هذا الصراع وتوجيه هذه الجهد إلى عمل بالشارع ، وكل ما فى الأمر انه تأجل بسبب التهديد الذى لحق بهم جميعاً فى أنتخابات رئاسة الحزب فوجدوا أنفسهم جميعاً مطالبين بالدفاع عن أباظة الذى يمثل دافعاً عن مصالح شخصية بحتة .
•علاقة الحزب بالنظام السياسى
الحديث عن التقارب مع النظام فهناك أحاديث لقاءات جمال مبارك وتطاول البعض بالقول أن الوفد أصبح فرع للحزب الوطنى ولا ينكر أحد من القيادات وخاصة رئيس الحزب بل يعتبرها البعض فى الدفاع عنه نجاح فى التواصل إلى هذه النتائج بحجة أفضل من اللعب خارج الملعب ، وأنتهت هذه الماسأة الوفدية بصفقة المحليات التى يعملها كل وفدى الناجح منهم والراسب وكنت شاهد على أحد المواقف المخجلة فى حلوان ومايو ويسأل عنها السكرتير العام ، توقف نشاط معظم لجان الحزب والتى وصل بها فى أحدى لجان المحافظات يدفع الحزب من مخصصاته المالية إيجار مقر لإحدى لجان الحزب الوطنى وهذه الحكاية من أيام الدكتور نعمان جمعة وحتى الآن ، وأنتهى بنا الحال لكاتب كبير يكشف عن صفقة جديدة بمناسبة انتخابات مجلس الشعب .
•مواقف رئيس الحزب
فالتصريحات الكلاسيكية التى تقال فى المناسبات المعروفة لم يتفوه بها وهو سبب تصدر العديد من الحركات الأحتجاجية غير الشرعية المشهد السياسى ، أندفاعه فى رفع دعاوى قضائية ضد جريدة يعتز بها جميع الوفديين التى نصبر نفسنا بأن صانعها وفدى ، فأصبح الوفد يحارب حرية الصحافة حزب الوفد الذى عقد مؤتمراً فى 1936 لوضع رؤيته لجميع قضايا الوطن عندما هاجمه أحد أبنائه المنشقين عليه وبالرغم من عدم موافقة الوفديين بالأضافة إلى اليقين الذى يصيب قلوبنا بأن الأمر حقيقى أو على الأقل لا نكذبه ونتوقعه من أباظة ، فقد تعودنا منه التجاهل والتقليل من أهمية أعضاء الجمعية العمومية حتى فى ظل أنتخابات رئاسة الحزب فيوسط أنصاره الذين تسببوا فى خسارة التأييد له والسبب فى أعتقادى أنه لا يريد سماع اللوم والمشاكل التى يعلمها كل وفدى على علاقة بالحزب ، تشكيل لجان بقرارات رئاسية من أنصاره اختصاصاتها تتطابق مع عمل تشكيلات حزبية منتخبة ، ولم يتخذ رئيس الحزب حتى الآن قرارات لتشكيل اللجان النوعية أو أستكمال تشكيل بقية اللجان الحركية على مستوى الجمهورية .
•مواقف الوفديين
وأشير هنا أن الوفديين لم يسكتوا على هذه الأخطاء التى تحدث فكل مناسبة كان صوتهم عالى وسمعوا أباظة وأنصاره ما يكرهون وواجهوهم بأخطائهم ، وتأتى التصرفات الوفدية على قدر المسئولية ولعل أبرز المنتقدين هو الأستاذ فؤاد بدراوى ومواقفه معلومة للجميع ، وتأتى على قائمة المشاكل الجريدة التى أصبحت أكبر علامة أستفهام داخل الحزب بدءً من إدارتها وما ينشر بها وحجم التوزيع ، وتعد لجنة حلوان والتبين و15 مايو أبرز مثال لموقف أتخذه الوفديين ولم يستجيب أحد بالرغم من علم الجميع .
•أذن لماذا السكوت الوفدى ؟
الإجابة ببساطة وهو درس لكل الوطن هى أن محاسبة السياسيين على تصرفاتهم ليس بالقوة لكن بالرأى وأن لم يستجيب يكون بالأنتخابات وهو ما يحدث الآن مع أباظة فى جولاته الأنتخابية ويدل على وعى السياسيين الوفديين وأستفادتهم من تجاربهم ، بمجئ الأنتخابات أصبح الحساب علنى حتى وان نجح أباظة فلن يستطيع احد من أنصاره خلافته فكلهم أنتهوا وسقطوا من أعين الجميع ، وستكون أنتخابات رئاسة الحزب درس مؤلم للناجح أى كان فالحساب أجمالى والدفع مرة واحدة فالسياسة ليس فيها جدولة ديون . |