بقلم : نبيل المقدس
المرأة والجمال والحب أقانيم الحياة ... ولكي اكون أمينا مع نفسي ومعكم ... فقد إقتبست هذا القول الجميل من كاتب لبناني يُدعي " حسين أحمد سالم " أثر قراءتي لوعظة البابا شنودة الأسبوعية والمنشورة بموقع الأقباط المتحدون بتاريخ 20 مايو 2010 "بأن علي الزوجة أن تهتم بنفسها بعد الزواج" ... طبعا كلام سيدنا البابا صحيح وأنا أحترم رأيه الشخصي , وطالما أن هذا الرأي لا يمس بالعقيدة بأي شيء ... فأحببتُ أن أكمل فكر البابا بفكر آخر إضافي لكي لا نضع المسئولية كاملة علي المرأة , وكأنها هي الوحيدة التي عليها دوام العشرة وإستقرار الأسرة .
ما سوف أسردهُ , ليس شرطا إنني أنا الذي عشتُ هذه الحياة ... فربما نقلتُهُ من درس تطبيقي من دروس العلوم النفسانية والإجتماعية ... او تسجيل تجربة لعائلة صديق شاهدتُها وعايشتُها معه ... فهذا ليس بالأمر المُهم ... فقط إسمحوا لي أن اتكلم بالضمير أنا .!
تعلمتُ كثيرا كيف أتعامل مع المرأة عن طريق والدي منذ صغري ... فقد كان والدي من الشخصيات الريفية , وهاجرَ من الريف وأستقر في إحدي محافظات الصعيد ... يعملُ ويدرسُ في نفس الوقت , حتي حصل علي ليسانس الاداب انجليزي إنتساب ودبلوم معهد المعلمين ... كل هذا وهو متزوج . لكن كان له طريقة حياة عجيبة مع والدتي ... فهي اولا حاصلة علي شهادة الثقافة القديمة من مدرسة أجنبية في نفس المحافظة ... وكانت طموحة جدا ... فقد صارحتني والدتي من قبل, أن الوالد لم يبخل عليها بأن تعمل في مجالات الشئون الإجتماعية تبع الإرساليات الأجنبية ... ولأنها كان مستواها عال في اللغة الإنجليزية , نجحت وتدرجت إلي مراكز عالية ... كان الوالد من النوع الذي لا يخرج ابدا من بعد رجوعه من المدرسة إلا في أضيق الحدود ... كان يحب القراءات في الأدب الإنجليزي ... وكان يترك والدتي تأخذ فرصتها في الحياة ...
كانت تخرج والدتي كثيرا لحضور إجتماعات روحية بجانب إجتماعات خاصة بعملها ... لكنها لم تهمل في حبها لوالدي ... بل كان دائما يشارك معها في عملها يساعدها في كتابة التقارير بالإنجليزية , وهذا ما جعلها دائما ان تهتم بنفسها , وكانت تبحث عن آخر الموديلات له ولنا جميعا في الملابس وغيرها ... والدتي لم تكن صارخة الجمال بل هي متوسطة الجمال , لكن إهتمامها بنفسها بإستمرار جعلها في رشاقة دائمة وفي جمال دائم ... كانت خالية من العقد النسائية ... كانت منطلقة ... يخرجان سويا وكانهما عاشقين لأول مرة ... كان أبي أول مَنْ يتواجد في الصفوف الأولي عندما يحتفلون بها للتكريم علي أعمالها الخيرية , لدرجة أنها ما زالت حتي الان تذهب إلي المركز التي انشأته مع أحدي صديقاتها الأمريكانية لحساب أحدي المؤسسات الكنسية , بالرغم إصابتها بمرض الزاهايمر , وبعد ان تجاوزت السابع والثمانون عاما فقد إتفقت المؤسسة علي وجودها يوميا في وسطهم عرفانا بالجميل .
إمرأة تتحلي بالجمال والرشاقة, مملوءة حب لزوجها ولأولادها , ولزوار المركز المحتاجين ... أدهشتني جدا , فقررت أن أسألها سؤالا واحدا وهي في هذا المرض اللعين ... ما الذي جعلك يا أمي تصلين إلي هذا المستوي العالي من حب الناس لك. ؟؟؟ قالت وبكل فخر : السبب الأول والأخير هو والدك ....!!!! طبعا أنا عارف الإجابة لكن كان سؤالي لمجرد معرفة مدي تفكيرها وهي تعيش هذا الظلام من النسيان ... وإستمرت تقول : كان والدك يعرف تماما مفاتيح المرأة ... لأنه كان عظيما وواثقا أولا من نفسه وثانيا مني انا .
إفتكرت كلام والدي قبل وفاته ... كان يقول لي دائما ... إجعل انت اولا زوجتك سعيدة , واترك لها الباقي ... فسوف تهتم بنفسها , وسوف تُسمعك أجمل كلمات الحب والغزل , ستجعلك هارون الرشيد عصرك ... ويكمل والدي ... لكي يكون البيت سعيد يجب ان تكون انت الباديء في الإهتمام بمظهرك , في نظافتك , في كلماتك , في إحترامك للمرأة , في ثقتك فيها , في إعطائها فرصتها العملية والإجتماعية في الحياة , بإهتمامك لأبنائك ... عندما تحس المرأة بكل هذا ... سوف تُعطي كل ما عندها ... سوف تكون جميلة بإستمرار , سوف تحبك من كل وجدانها , سوف تهتم بنفسها , ستحاول ان تكون البنت الشقية التي جذبت إنتباهك في يوم من الأيام , ستجعلك تفتكر ايام ما كانت قدميك تتورم لكي تنول حتي ولو ابتسامة منها. ستجعلك تعيش حياة الشباب بإستمرار , حياة الحب والأشواق ..!
المرأة بطبيعتها تميل بأن تكون جميلة ... تميل أن تحب شخصا واحدا ... لكن لمن هذا الجمال والحب ... للرجل الذي يستحق ... للرجل غير أناني ... للرجل الذي يتواجد دائما في وسط عائلته طالما كان خارج عمله ... للرجل الذي يضعها دائما أمامه , وهو الثاني ... عندما تشعر المرأة بانها دائما مرغوبة ن رجلها سوف تعطيه الجمال ... لكن عندما تحس بان زوجها خارج الخدمة ( تعبير تقوله السيدات عندما يهملهن ازواجهن ) ... فسوف تهمل في نفسها , عندما لا تجده في المنزل بل جالس علي القهاوي حاضن الشيشة ... سوف يترهل جسدها , عندما تجده يُدخل عينيه طوال الليل والنهار في شاشة التليفزيون سوف تتركه للجهاز , ووتتوجه إلي التليفون , وتترك رجلها في عالم الفضائيات .. أو ربما تلف شعرها بالرولات وتغطيه بإيشارب وتذهب إلي النوم .
فالمراة هي رد فعل الرجل ... أو نتاج أعمال الرجل وليس العكس ... المرأة تتجمل للرجل الذي يقتحم قلبها اليوم كله ... المرأة تخجل ان تظهر بمظهر قبيح أمام الرجل الذي يهتم بها ....!!! وصدقت التي قالت لي : أن الرجل في عيونها هو هذا الرجل الذي يجيد العزف علي أوتــــــــارها ......!!!!! |